تهويد القدس يتسارع منذ مؤتمر أتابوليس. الإمارات اليوم
يواجه الفلسطينيون من سكان الأحياء الشرقية في مدينة القدس المحتلة خطر هدم منازلهم بشكل يومي من قبل القوات الإسرائيلية، وذلك في إطار الحملة التي تشنها الدولة العبرية ضد الوجود العربي في المدينة المقدسة، ومن هذه الإجراءات إصدارها قرارات إخلاء المواطنين لمنازلهم، وقد تم هدم ما يقارب 80 منشأة منذ مطلع العام الجاري آخرها منزل يعود لعائلة أبوعيشة في بلدة بيت حنينا، وطرد عائلة الكرد من منزلهم في حي الشيخ جراح أواخر شهر يوليو الماضي.
وما يزيد من ضراوة الممارسات في القدس قرارات محكمة الإسرائيلية العليا المجحفة بحق الفلسطينيين، التي تبرر كل ما تقوم به قوات الاحتلال وتقر الوثائق المزورة التي تقدمها إسرائيل حول حقها بأراضي القدس وأحيائها. وقالت الإعلامية المقدسية والباحثة في شؤون الاستيطان منى القواسمي إن إسرائيل أصدرت أخيراً قرار رقمه «65\212» يقضي بمصادرة الأراضي وهدم المنازل من دون الرجوع لمستندات قانونية.
وقالت القواسمي من القدس لـ«الإمارات اليوم» عبر الهاتف: «أقدمت القوات الإسرائيلية قبل عدة أيام في سابقة خطرة تجاه إخراج الفلسطينيين من ديارهم، وإفراغ القدس من وجودهم، فقد تم هدم منزل يعود للحاج ماجد أبوعيشة في بلدة بيت حنينا، فمنزله المكون من خمسة طوابق مرخص بشكل كامل عدا الطابق الأخير، ولكن إسرائيل تتخذ من التراخيص ذريعة للهدم وتنفيذ مخططاتها». وتابعت قولها «اقتحم الجيش الاسرائيلي العمارة السكنية الخاصة بأبوعيشة الساعة الرابعة صباحاً يوم 28- 7- 2008، وأخلت ساكنيها من الطوابق الخمسة بالقوة، وفرضت طوقاً حول المنطقة التي يوجد بها المنزل ومكثت ما يقارب ساعتين في الشقق». وأضافت أن قوات الاحتلال «أحضرت جرافات هدمت أجزاء من البيت، وتم تفجير العمارة بواسطة الديناميت للتحول إلى كومة واحدة من الحجرة والتراب تسقط على ممتلكات وأثاث ساكني المنزل من دون أن يتمكنوا من استصحاب هوياتهم وأوراقهم الثبوتية ». وذكرت القواسمي أن العمارة التي هدمت يقطنها ما يقارب 10 عائلات مختلفة بما فيها عائلة صاحب العمارة، مشيرة إلى أن هذا الإجراء جعلهم مشردين بلا مأوى ولا أي ممتلكات ولا حتى أوراق ثبوتية فقد اضطر عدد منهم للذهاب إلى أقاربهم وأصدقائهم، ولكن مستقبل وجودهم في القدس أصبح مهدداً. وأوضحت «أن المحكمة الإسرائيلية أصدرت أخيراً قراراً بهدم 47 منزلاً من أصل 88 منزلاً في حي البستان في بلدة سلوان جنوب القدس، وأن الهدف من هذا الإجراء بغرض السيطرة على بلدة سلوان التي تعتبر من أكبر الأحياء التي تهدف إسرائيل لتهويدها والسيطرة عليها وكونها قريبة من وادي حلوة الذي يعتبر نقطة تمركز لتجمعات استيطانية»، وأضافت «كما يوجد مخطط لإقامة حديقة للمستوطنين الإسرائيليين على أنقاض منازل الفلسطينيين في سلوان».
من جهته، ذكر مدير مركز القدس للدراسات الاقتصادية والاجتماعية، زياد الحاموري، أن إسرائيل قامت بهدم أكثر من 80 منشأة ومنزل تعود ملكيتها للفلسطينيين منذ مطلع العام الجاري، وأصدرت آلاف الأوامر بحق هدم المنازل حيث أصبح أكثر من 150 ألف منزل معرض للهدم في أي يوم.
وأشار إلى أن «إسرائيل تفرض قيوداً صعبة على الفلسطينيين للحصول تراخيص البناء، كما أن ذلك يكلفهم مبالغ باهظة تصل إلى 30 ألف دولار»، منوهاً إلى «أنها تأخذ من الترخيص ذريعة من أجل القيام بعمليات الهدم».
وأوضح الحاموري «أن النشاط الاستيطاني لتهويد القدس واستهداف الوجود الفلسطيني منها شهد تصعيداً كبيراً بعد مؤتمر أنابوليس، خصوصاً منذ مطلع العام الجاري، حيث أصبحت الأحياء المقدسية تمر بمنعطفات خطرة تتهددها السيطرة الإسرائيلية، وقال «إن إسرائيل أقامت جسراً يربط بلدة شعفاط بالقدس الغربية التي تسيطر عليها إسرائيل وربطه أيضاً بمستوطنة بسغات زئيف».
وأضاف «كما شطرت القوات الإسرائيلية بلدة بيت حنينا إلى قسمين وشقوا طريق يوصل إلى تل أبيب والمستوطنات، حيث يصبح هذا الطريق مغلقاً وتعزل الفلسطينيين عنها. وفي ما يتعلق بحي الشيح جراح، أكد الحاموري أنه يتعرض لحملة خطرة من قبل القوات الإسرائيلية، وقد أصدرت محكمة إسرائيل العليا أخيراً قراراً بإخلاء منزل يعود لعائلة الكرد، وتهديد ما يقارب 27 منزلاً آخر في الحي بالهدم، للسيطرة عليها لإقامة وحدات استيطانية.
وقال الحاموري «إن القوات الإسرائيلية وبموجب قرار المحكمة طردت عائلة الكرد من منزلهم واستولت عليه، وهو مهدد بالهدم في أي لحظة، حيث إنها تهدف للسيطرة على حي الشيخ جراح بالكامل كونه قريباً من التلة الفرنسية والجامعة العبرية والمناطق التي تسطير عليها، كما أنها تهدف إلى عزل القدس القديمة عن بلدة بيت حنينا، حيث إن حي الشيخ جراح يقع في وسطهما وبالتالي ربطها بمستوطنة معاليه أدوميم».
وأوضح أن عائلة الكرد والفلسطينيين يقيمون في حي الشيخ جراح منذ عام 1956، ويضم ما يقارب 28 بيتاً بموجب عقود أبرمتها الحكومة الأردنية معهم تقضي بنقل الملكية للعائلات بعد ثلاث سنوات من توقيع العقد، ولكن حرب 1967 واحتلال مدينة القدس حالا دون ذلك.
وذكر أنه في عام 1972 رفعت مؤسسات إسرائيلية استيطانية دعوى في المحكمة العليا ضد الفلطسنيين سكان الشيخ جراح، بحجة أن الأرض ملك لها، معتمدين على وثيقة تركية مزورة، مشيراً إلى أن هذه القضية مازالت قائمة حتى هذا الوقت، وتشهد تصعيداً كبيراً من إسرائيل للسيطرة على منازل السكان في الحي المقدسي.
أساليب جديدة
نوَّه الباحث زياد الحاموري إلى أن «إسرائيل تتبع أساليب جديدة ضد الفلسطينيين، حيث تقوم بإغلاق بعض المناطق وفرض طوق عليها لعدة ساعات بدعاوى تحصيل ضرائب، ولكن الهدف من ذلك هو تفتيش المواطنين ومصادرة ممتلكاتهم وهوياتهم، وهذا ما حدث أخيراً في حي العيسوية وعناتا».
وأشار إلى «وجود مخطط إسرائيلي منذ فترة للسيطرة على عدة مناطق في القدس وإخراج سكانها بشكل كامل وهي: سور باهر، العيسوية كفر عقب، عناتا، وأنطوبا».
وقال «إن هذا المخطط زاد التوجه الإسرائيلي لتنفيذه بعد عمليتي الجرافتين الأخيرتين في القدس، بل إنهم قرروا ضم منطقة المكبر إلى المناطق الخمسة لإخراج سكانها منها وبالتالي يصبح الفلطسنيين بلا مأوى، وهذا يمهد لسحب هوياتهم المقدسية ويهدد وجودهم في القدس».
وقال الحاموري «إن الإجراءات التي تقوم بها إسرائيل تهدف إلى تهويد القدس والقضاء على الوجود الفلسطيني فيها، ووصوله إلى أدنى النسب المئوية، حيث يبلغ عدد الفلسطينيين في القدس الشرقية في الوقت الحالي ما يقارب 250 ألف مقابل 190 ألف مستوطن، في حين لا يوجد أي عربي في القدس الغربية التي تعتبر ضمن سيطرة إسرائيل الكاملة».
وأضاف «إن جدار الفصل العنصري الذي بدأت إسرائيل بناءه منذ 2002 عزل ما يقارب 120 ألف فلسطيني خارج الجدار، وأصبحوا خارج حدود مدينة القدس، ويحملون الهوية المقدسية وبالتالي فقدوا تلك الهوية، وأصبحت أملاكهم ضمن حكم الغائبين، وهذا دفع الاحتلال للسيطرة على أراضيهم وممتلكاتهم»
|