نقض حكم بحبــس متهــم تعاطى المخدّرات قبـل وصوله إلى الدولة

المحكمة أكدت أنه لا يجوز لمأموري الضبط القضائي إلقــبض على المتهم من دون إذن من النيابة. تصوير: مجدي إسكندر ــ أرشيفية 
نقضت المحكمة الاتحادية العليا حكماً قضى بمعاقبة متهم بالمؤبد لجلب مواد مخدّرة إلى الدولة بقصد الاتجار، وحبسه أربع سنوات لتعاطيها، وأمرت بإحالة ملف القضية للاستئناف لنظرها مجدداً.


وأكدت المحكمة في أسباب حكمها ما تقدم به دفاع المتهم «بعدم اختصاص قضاء الدولة ولائياً بنظر جريمة التعاطي لتناول المتهم المواد المخدرة قبل وصوله إلى الدولة بخمسة أو ستة أيام حسب ما أثبته المختبر الجنائي، إضافة إلى بطلان إجراءات القبض على المتهم وتفتيشه لحصولهما من دون إذن سابق من النيابة العامة، وعدم توافر حالة التلبس».


وأكدت المحكمة الاتحادية العليا في جلستها برئاسة القاضي فلاح الهاجري، وعضوية القاضيين مجاهد الحصري ومصطفى بنسلمون على مبدأ قانوني «أنه لا يجوز لمأموري الضبط القضائي القبض على المتهم الحاضر وتفتيشه من دون إذن من النيابة العامة أو توافر حالة التلبس وفق المادة 42 من قانون الإجراءات الجزائية أو وجود دلائل كافية على ارتكابه أيا من الجرائم الواردة على سبيل الحصر في المادة 45 من القانون السالف».


وتفصيلاً، فقد وجهت النيابة العامة إلى أحد الأشخاص القادمين إلى الدولة تهمتي جلب مواد مخدرة بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانونا، وتعاطي هذه المواد، وقضت محكمة جنايات الشارقة الشرعية حضوريا بالإجماع بمعاقبته بالاعدام بإحدى الوسائل المتاحة بالدولة، عن التهمتين المسندتين إليه بعد تعديلها وصف الأولى من الجلب بقصد الاتجار إلى الحيازة بقصد الاتجار وأمرت بمصادرة المضبوطات وإتلافها. استأنف المتهم الحكم أمام محكمة الاستئناف التي قضت بتعديل الحكم، والاكتفاء بمعاقبته بالسجن المؤبد عن التهمة الأولى المعدلة، وبالسجن لمدة أربعة أعوام عن التهمة الثانية وأمرت بإبعاده عن الدولة بعد تنفيذ العقوبة وتأييد الحكم في ما عدا ذلك. 


ولم يرتض المتهم الحكم فطعن عليه أمام المحكمة الاتحادية العليا ودفع في دعواه ببطلان الحكم «لعدم اختصاص قضاء الدولة ولائياً بنظر جريمة تعاطيه مواد مخدرة ومؤثرات عقلية لسبق تناولها بدولته قبل وصوله، وهو ما أورده تقرير المختبر الجنائي بوجودها بعينة بوله بدولته في جمهورية إيران قبل وصوله دولة الإمارات بنحو خمسة أو ستة أيام». 


وأيدت المحكمة الاتحادية العليا ما جاء في صحيفة الدعوى، مؤكدة أن «الحكم المطعون فيه لم يعن ببحث ما جاء من دفاع في صحيفة الدعوى وتحقيق، ولم يقل كلمته فيه وصولا إلى رده أو الأخذ به حالة أنه دفاع جوهري قرع به المتهم سمع المحكمة وقد يفضي ببحثه لو صح، إلى عدم اختصاص قضاء دولة الإمارات ولائياً بنظر تلك التهمة ».


وفتح قرار المحكمة الباب أمام جدل قانوني جديد للعديد من الحالات التي ضبطت في مطارات الدولة بتهمة تعاطي المخدرات أثناء قدومهم للدولة، وأوضح المحامي عبدالحميد الكميتي أن «جريمة التعاطي تعتبر من الجرائم الوقتية التي تبدأ وتنتهي، حيث يقع فعل التعاطي وهو الركن المادي للجريمة، ومن ثم لا تدخل مظاهر هذا الفعل ضمن أي ركن من أركان الجريمة»، مشيرا إلى أن «النيابة العامة تعتبر سلطة توجيه الاتهام، ولذا فهى ملزمة بتقديم الأدلة المادية عن الجرائم التي تقع ضمن اختصاصها الجغرافي الوطني، وطالما لم يثبت بأن المتهم قام بفعل التعاطي داخل النطاق الإقليمي للدولة فلا محل لوقوع الجريمة من أساسها ولا محل لتوافر أركانها المادية ومن ثم يدفع ببطلانه».


وأوضح أن «الفقه القانوني أكد أن امتداد تأثير المخدر أو الخمر أو غيرهما في الشخص في حال وصوله إلى الدولة لا يحمل توجيه اتهام إليه ما دام تم فعل تعاطيها وقع خارج الدولة، إذ لا يعتد بالمظهر الخارجي للشخص كركن من أركان الجريمة، وهذا ما خلصت إليه المحكمة الاتحادية العليا في حكمها ويرسي هذه القاعدة القانونية المهمة».


وأكد أن «أهمية مراجعة أحكام صدرت في حق أعداد كبيرة من الأشخاص الذين أدينوا بالحبس لتعاطي المخدرات مجرد وصولهم إلى الدولة مباشرة، وهو أمر مخالف للقانون»، موضحا أن عملية فحص متعاطي المخدرات وتفتشيهم سواء للاشتباه أو بناء على المظهر الخارجي غير جائزة قانونياً واعتداء على حرية الأفراد وإن كان للسلطات الجمركية والأمنية الحق في تفتيش حقائب المسافرين فقط للأسباب الأمنية».


وأكد «ضرورة تعزيز الجهود لمكافحة التعاطي داخل المجتمع، ومراجعة العقوبات المقررة بحق التعاطي وإلغاء توصيفها بالجريمة إذ يصنف المتعاطين بالمرضى الذين يحتاجون إلى علاج صحي في المصحات».


وختم حديثة بالإشارة إلى إحدى القضايا التي ترافع فيها أخيراً، وحكـمت فيها محكمة تمييز دبي ببراءة متهم أدين بتعاطي المخدرات لدى وصوله الدولة، وحكم فيها بالحبس أربع سنوات والإبعاد، وأكدت فيها المحكمة بطلان الحكم وعدم اختصاص قضاء الدولة بنظر الدعوى لوقوع ركن الجريمة خارج نطاقها الجغرافي.

عقوبة الاتجار في المخدّرات وتعاطيها
 

التعاطي
نص القانون على أنه «يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن أربع سنوات، كل من تعاطى بأي وجه أو استعمل شخصياً في غير الأحوال المرخص بها أية مادة من المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية. ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات كل من تعاطى بأي وجه أو استعمل شخصياً في غير الأحوال المرخص بها أية مادة من المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية، ويجوز للمحكمة بالإضافة إلى العقوبة السابقة الحكم بالغرامة التي لا تقل عن 10 آلاف درهم».


الجلب
يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن سبع سنوات ولا تزيد على 10 سنوات، وبالغرامة التي لا تقل عن 50 ألف درهم ولا تزيد على 200 ألف درهم كل من جلب أو استورد أو صدر أو صنع أو استخرج أو فصل أو أنتج أية مادة من المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية المنصوص عليها.


الحيازة
يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات، وبالغرامة التي لا تقل عن 20 ألف درهم ولا تزيد على 50 ألف درهم كل من حاز أو أحرز أية مادة من المواد المشار إليها أو مارس أي نشاط أو تصرف آخر بشأنها، وإذا وقعت أي من الجرائم المنصوص عليها في البندين السابقين بقصد الاتجار أو الترويج، كانت العقوبة السجن المؤبد والغرامة التي لا تقل عن 50 ألف درهم ولا تزيد على 200 ألف درهم وفي حالة العود تكون العقوبة الإعدام 


التحريض
يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات والغرامة التي لا تقل عن 20 ألف درهم  كل من دعا أو حرض شخصاً على التعاطي أو سهل له ارتكابها بأي وجه.  ويعتبر ظرفاً مشدداً وقوع جريمة الدعوة أو التحريض أو التسهيل في أماكن التجمعات العامة أو وقوعها على أنثى أو حدث أو مريض مرضاً عقلياً أو شخص في حالة سكر أو تخدير ظاهرين.


 إدارة مكان
 للتعاطي يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن 10 سنوات ولا تزيد على 15 سنة والغرامة التي لا تقل عن 20 ألف درهم كل من أدار أو أعد أو هيأ مكاناً لتعاطي أية مادة من المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية ويعاقب بالسجن مدة لا تقل عن سبع سنوات ولا تزيد على 10 سنوات، وبالغرامة التي لا تقل عن 20 ألف درهم كل من أدار أو أعد أو هيأ مكاناً لتعاطي أية مادة من المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية   وتكون العقوبة السجن المؤبد والغرامة التي لا تقل عن 20 ألف درهم في حالة العود إلى ارتكاب أي من الجرائم المذكورة.


الضبط في مكان للتعاطي
يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على سنة والغرامة التي لا تقل عن 10 آلاف درهم ولا تزيد على 20 ألف درهم كل من ضبط في أي مكان، وهو يعلم بأمرها.


الإعفاء من العقوبة
لا تقام الدعوى الجزائية على من يتقدم من متعاطي المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية من تلقاء نفسه إلى وحدة علاج الإدمان المشار إليها في المادة (4)، أو إلى النيابة العامة طالباً العلاج ويجب أن يبقى بالوحدة إلى أن تقرر اللجنة المشار إليها في المادة (4) إخراجه. ولا يجوز أن تزيد مدة العلاج والتأهيل على ثلاث سنوات.

تويتر