سولجنستين .. منشقٌّ ضد الجميع
|
|
توفي الليلة قبل الماضية الكاتب والروائي الروسي الكسندر سولجنستين (98 عاماً) رمز معارضة النظام السوفييتي السابق وحائز جائزة نوبل للادب والرجل الذي حير الجميع بآرائه المعادية للشيوعية وحلف الأطلسي والغرب والتطرف اليهودي والنزعات الاستقلالية في الشيشان. يعتقد كثيرون أن قيمة سولجينتسين الحقيقية هي في كشفه عن الجانب اللانساني لمعسكرات الاعتقال السوفييتية التي سماها «أرخبيل الغولاغ»، وهو كشف ذو قيمة مزدوجة حيث أعطى دفعة لنضالات القوى الديمقراطية لتقويض النظام البوليسي الستاليني من جهة، لكنه دعم في الوقت نفسه جهود الغرب والولايات المتحدة لتقويض الاتحاد السوفييتي السابق. ولد سولجنستين في 11 ديسمبر 1918 في القوقاز واعتنق المثل الثورية للنظامالناشيء ودرس الرياضيات. حارب بشجاعة ضد القوات الالمانية التي هاجمت روسيا في.1941 لكن في عام 1945 حكم عليه بقضاء ثماني سنوات في معسكر اعتقال بعدما انتقد كفاءات ستالين الحربية في رسالة الى صديق له. الا ان التجربة طبعته الى الابد وجعلته يسلك طريقاً استثنائياً. فبعد ان افرج عنه في 1953 قبل بضعة اسابيع من وفاة ستالين نفي الى آسيا الوسطى حيث بدأ الكتابة، ثم عاد الى الجزء الاوروبي من بلاده الشاسعة ليصبح مدرساً في ريازان على بعد 200 كيلومتر من موسكو. اعطى القائد السوفييتي الجديد نيكيتا خروتشيف الضوء الاخضر لنشر «يوم من حياة ايفان دنيسوفيتش» في المجلة الادبية «نوفي مير»، وهي رواية حول معتقل عادي في الغولاغ نشرت في 18 نوفمبر .1962 . بصدور هذا النص حطم الكاتب احد المحرمات فعمت الصدمة الاتحاد السوفييتي واهتزت الاوساط المؤيدة للسوفييت في العالم اجمع. وواصل سولجينتسين الكتابة لكن روايتيه «جناح المصابين بالسرطان» ثم «الدائرة الاولى» لم توزع الا عبر الشبكة السرية التي كانت تروج لاعمال منشقين سوفييت وفيالخارج، حيث حققت نجاحاً كبيراً. وكان الكاتب لايزال في تلك الفترة يحظى بالحماية بفعل مكانته، لكن عندما نال جائزة نوبل للاداب في 1970 عدل عن الذهاب الى استوكهولم لتسلمها خشية عدمالتمكن من العودة الى الاتحاد السوفييتي في ظل حكم ليونيد بريجنيف. وانهى سولجينتسين في تلك الفترة كتابة أهم مؤلفاته «ارخبيل الغولاغ»، وهو عمل تاريي ادبي حول معسكرات الاعتقال نشر في باريس في السبعينات ولقي من جديد اصداء مدوية في العالم بأسره. وهذا ما دفع الكرملين والاتحاد السوفييتي الى ابعاد المواطن سولجينتسين الى الغرب، فعاش اولاً في سويسرا ثم اقام في الولايات المتحدة، في فرمونت. واكتشف الغرب عندئذ ان الرجل الذي جعل موسكو ترتعد هو في الواقع محافظ متشدد متمسك بانتمائه السلافي وغالباً ما انتقد بشدة مجتمعه الاستهلاكي. وفي 1994 عاد سولجينتسين الى روسيا الجديدة لكنه ظل متشائماً في الغالب، وقد وجد صعوبة في الاندماج في الواقع الجديد لحقبة ما بعد الشيوعية، حتى وإن عبر عن وجهات نظر يتشاطرها مع مواطنيه اذ طالب بعقوبة الاعدام للارهابيين وأيد تدخل الجيش في الشيشان. وتصدى ايضاً لموضوع اخر حساس يكاد يكون من المحرمات وهو العلاقات بيناليهود والروس، واتهمه المؤتمر اليهودي الروسي بمعاداة السامية. اتهم سولجنستين في 2006 حلف شمال الاطلسي بالسعي الى فرض «حصار كامل على روسيا وتجريدها من سيادتها» من خلال «تعزيز آلته العسكرية في شرق اوروبا». يبقى ان سولجينتسين سيظل في الذاكرة مؤرخاً كبيراً وكاتباً سياسياً، وقد جعلته موهبته الادبية عرضة لاحكام وآراء متباينة، فبعض النقاد يعتبرونه نابغة على هذا الصعيد ايضاً، فيما يرى اخرون مثل الكاتب المنشق سابقاً فلاديمير فوينوفيتش ان نبوغه ما هو سوى «وهم». |