السائقون العرب في القدس يعانون الخوف والعنصرية


لن ينسى عز الدين نصار تلك الليلة في مدينة القدس المحتلة، حين ناداه ثلاثة شبان يهود متطرفين فيما كان يقود سيارة الأجرة. وما كاد يفتح فمه حتى أدركوا انه فلسطيني وسارعوا الى ضرب وجهه بحجر. ويقول عز الدين، 48 عاماً: «كانوا ينتظرون عربياً». ومنذ تلك الليلة في أكتوبر 2007 يتفادى القيادة ليلاً، ويحاول تحاشي الاحياء التي يقطنها متدينون متطرفون.
 
ويجمع عدد كبير من سائقي سيارة الأجرة في القدس على أنهم يعملون في ظروف صعبة قوامها الخوف والعنصرية».

وسائل الإعلام الاسرائيلية بثت أخيراً مشاهد التقطتها كاميرا مراقبة تظهر عشرات من الفتيان اليهود يهاجمون شابين فلسطينيين في بسغات زئيف، احد احياء المستوطنين في القدس الشرقية، وتلقى احدهما طعنة سكين في ظهره، فيما تعرّض الاخر للضرب حتى خارت قواه وسقط مغشياً عليه. ويعتبر سائقو الاجرة الفلسطينيون ان تعرضهم لاعتداءات من جانب سكان المدينة اليهود ليس امراً جديداً. ويتجلى ذلك في الاحياء التي يقطنها المتدينون اليهود، حيث يرتدي الرجال معاطف سوداء وتلبس النساء تنانير طويلة ويضعن على رؤوسهن مناديل او شعراً مستعاراً.

ويروي عز الدين الذي يعمل لحسابه: «احياناً يصعدون الى السيارة وينظرون الى اللوحة التي تحمل اسم السائق ثم ينزلون»، وغالباً ما يتطلعون الى داخل السيارة ويشيرون الى السائق بإكمال طريقه. لكن احد زملاء عز الدين وجد الحل، فما إن يصل الى حي يقطنه متدينون حتى يخرج من علبة قفازاته قلنسوة يهودية ويسارع الى ارتدائها، بحيث يخال العابرون انه يهودي.
 
والحال نفسها بالنسبة الى سيارات الاجرة في القدس التي يقودها عرب، سواء كانت تابعة لشركات فلسطينية او اسرائيلية. ويعلق سائق ينتظر زبائنه امام فندق كبير في وسط المدينة: «نتجنب اليهود لكن لدينا سبلنا للتحايل عليهم وانتزاع لقمة عيشنا»، هو يعمل على سيارته منذ ثلاثة اعوام، وأدرك انه لا يجوز التوجه ليلاً الى تلك الاحياء، وأكثر ما يخشاه السائقون طلاب المدارس الدينية اليهودية. في اسرائيل يسمون هؤلاء «شبابنيك»، في اشارة الى الشباب، اي الفتيان الفلسطينيين الذين كانوا يرشقون الجنود الاسرائيليين بالحجارة خلال الانتفاضة.

ويوضح بهجت سلهب، الذي رشقت سيارته بالحجارة قبل ستة اشهر في حي بيت اسرائيل المتدين، «الامر ينطوي على خطورة خصوصاً الاعياد اليهودية وتحديداً «عيد المساخر» الذي يشرب فيه اليهود كميات كبيرة من الكحول»، ويضيف «حين سمعت عبر الاذاعة ان هجوماً استهدف مدرسة هاراف الدينية (في مارس حين قتل فلسطيني من القدس الشرقية ثمانية طلاب يهود)، فضلت العودة الى منزلي وتوقفت عن العمل لأيام».

مناحيم فريدمان عالم الاجتماع والمتخصص في مسائل التطرف يعتبر ان «الامور اتخذت هذا المنحى العنيف منذ اعوام»، في المقابل لم تتمكن الشرطة من اعطاء احصاءات حول هذه الظاهرة.
 
يقول فريدمان: «هؤلاء الشبان مهمّشون في مناطقهم. صحيح انهم يقصدون المدارس الدينية لكنهم لا يدرسون بالمعنى الحقيقي. انهم يتسكعون في الشوارع ويبحثون عن الاثارة».
ويضيف «يمكن التلاعب بهؤلاء بسهولة»، وهم يتبنون «مواقف متطرفة»، لافتاً الى انهم متأثرون كثيراً بفكر الحاخام العنصري مئير كاهانا الذي اغتيل في نيويورك عام 1990 وكان يحض على الثأر من العرب.

ورغم انه لم يتعرض يوماً للعنف على يد «الشبانيك»، فضل عرفات بكر اصلان «30 عاماً» الانخراط قبل شهرين في شركة «الاقصى» الفلسطينية التي تعمل خصوصاً مع السياح والصحافيين وأعضاء المنظمات غير الحكومية. ويعلق قائلاً: «لم يعد احد يهتم بمعرفة اذا كنت عربياً، وهذا افضل بكثير». 
تويتر