محاميات يطالبن بالحصانة المهنيــــــــة والاجتماعية

 

قالت محاميات في دبي إن أبرز مشكلاتهن التي دفعت عددا منهن الى التخلي عن مجال المحاماة والتقدم إلى مهنتي القضاء والنيابة، فضلا عن لجوء عدد منهن إلى وظائف أخرى، هي ضعف ثقة الموكلين في المحامية المرأة، وضيق النظرة المجتمعية الى طبيعة عملهن.

وأكدن أنهن يفتقدن الحصانة المهنية والاجتماعية، موضحات أنهن لا يجدن جهة رسمية يرجعن إليها لدى مصادفتهن مشكلات في إطار العمل، فيما يجدن أنفسهن غير مرغوب فيهن من الشباب المقبلين على الزواج.

وأكدت محاميات أن نظرة الشاب الاماراتي الى المحامية الإماراتية هي أنها سليطة، ولا يمكن مجاراتها، لافتات الى أن هذه النظرة تقليدية، ولا تنم عن معرفة كافية بطبيعة عملهن. ويبلغ عدد المشتغلات في مهنة المحاماة 82 مواطنة، فيما يبلغ عدد غير المشتغلات .67 ويصل عدد المتدربات الى 50 مواطنة، وذلك خلال الفترة من بداية العام حتى نهاية يوليو، وفقا لرئيسة لجنة المحامين وصاحبة مؤسسة مكتب حواء للمحاماة، المحامية عائشة الطنيجي. ومن المشكلات الأخرى التي تواجهها المحامية في الإمارات، تصوير بعض وسائل الإعلام مهنة المحاماة بطريقة سيئة.

وتفصيلا، قالت المستشارة القانونية في مؤسسة دبي العالمية عائشة المرزوقي «عاطلة عن العمل» إنها مارست مهنة المحاماة لمدة سنتين، ثم تزوجت وقررت ترك عملها، وعندما فكرت في العمل مجددا، اتجهت إلى مهنة مستشارة قانونية لأسباب عدة «يأتي في مقدمتها العادات والتقاليد التي تقيد المرأة الإماراتية في بعض الأمور التي تتعارض ومهنة المحاماة». وأضافت «وقوفي كامرأة أمام القاضي في قضايا جنائية، أو أخلاقية، يتنافى مع عاداتنا وتقاليدنا والأسرة التي أنتمي إليها، حتى أنني عندما كنت أمارس عملي أخبرت المسؤول بعدم رغبتي في تولي قضايا أخلاقية».

ونفت المرزوقي عدم ثقة الموكل سواء كان عربيا أم غيره في المرأة المحامية، وشددت على أن المحاماة ليست امرأة أو رجلا بل أسلوب الشخص في جذبه للموكل.

أما المحامية عائشة الطاهر «عاطلة عن العمل» فقالت إن «المردود المالي من مهنة المحاماة لا يكفي، ولا يقارن برواتب الدوائر الحكومية، إضافة إلى عدم وجود لجنة خاصة بالمحاميات تستمع إلى مشكلاتهن وتحاول الوصول إلى حلول لهن»، مضيفة «لا يوجد ما ينظم مهنتهن ويحافظ عليهن». وقالت الطنيجي إن «أبرز المشكلات التي تواجه المحاميات في مهنتهن هي ضعف ثقة الموكلين فيهن، بسبب التفكير الشرقي الذكوري الذي ينفي قدرة المرأة المحامية على حماية موكلها الرجل أمام هيئة المحكمة»، مؤكدة أن هذه الفكرة لاتزال مسيطرة على عقول كثير من الموكلين.

وتابعت «علمت من أشخاص أن هناك موكلين يفضلون المحاميات غير المهتمات بمظهرهن الخارجي، لأن الفكرة السائدة هي أن المحامية التي تهتم بمظهرها لا تهتم بعملها، وهذه فكرة خاطئة تماما، على الرغم من أنها مغروسة في عقول عدد كبير من الموكلين والموكلات».

وذكرت المحامية أمل عمير من «مكتب عيسى بن حيدر ومحاموه» أن «المحامية تعاني من صعوبة فتح البلاغات في الشرطة، لأن كثيرا من أفراد الشرطة غير ملمين بالقانون، ما يؤدي إلى التأخر في فتح البلاغ».

وأضافت «تعاني المحامية من صعوبة الاطلاع على ملف القضية عندما يكون لدى النيابة العامة، لاعتقاد وكلاء أو رؤساء النيابة أو المسؤولين عن سير تحقيقات القضايا أن تدخل المحامي سيعيق عملهم».

بدورها، أشارت المحامية إيمان أسد الأميري من «مكتب الدكتور حبيب الملا ومشاركوه للمحاماة» الى صعوبة العمل الى جانب شخص لا يوليها الثقة الكافية، موضحة أن الموكلين لا يثقون في المحامية المرأة كما يثقون في المحامين الرجال، ومن دون أي تحفظات يبدون آراءهم بشكل مباشر دون مراعاة لشعور المحامية أمامهم، لأنهم يظنون أنها غير كفء للدفاع عن الرجل.

وأكدت الأميري لـ «الإمارات اليوم» أن «المرأة تكرس نفسها لوظيفتها وتُخلص في ما تقدمه، حتى ان ضمير المرأة أكثر تيقظا من ضمير الرجل في كثير من القضايا، لكنهم يرمون اللوم على المحاميات دوماً في حال صدور حكم ضدهم».

ولفتت إلى أن «الموكلين الأجانب،  بصرف النظر عن جنسيتهم، لا يفرقون بين المحامية المرأة والمحامي الرجل، طالما أنها ستقدم لهم ما يحتاجون إليه في النيابة العامة وجلسات المحاكمة حتى الحكم وما يتبعه، على عكس الرجل العربي تماما».

وأكدت المحامية إيمان الرفاعي من «مكتب حسين الجزيري للمحاماة» أن المحاميات يواجهن تمييزا من موكليهن الرجال والنساء أيضا.

وقالت «كنت مجتمعة مع محام من المكتب، ومعنا موكلة. فقال لها المحامي: سأترككم معا، وتواصلي مع المحامية إيمان لأنها المسؤولة عن قضيتك، فقالت له: لا أريد التواصل مع هذه المحامية، لأنها تبدو صغيرة في السن، وخبرتها قليلة وغير متمرسة».

وتابعت إيمان «أن ذلك كان تصريحا قويا ومباشرا بعدم رغبتها في العمل معي لأسباب سطحية. وهذه ليست حالة نادرة لأننا نعرف أن هناك عددا كبيرا من الموكلين والموكلات يفضلنون التعامل مع المحامين، خصوصا كبار السن، على أساس أنهم ذوو خبرة أكثر من غيرهم ممن لديهم خمس أو سبع سنوات في مهنة المحاماة، وهذه نظرة غير صحيحة لابد من تغييرها». وقالت المحامية كوثر.ك من «مكتب حماد ومشاركوه للمحاماة» إن «ثقة الرجل في المحامية معدومة، وإن تظاهر بعكس ذلك».
وأضافت «قبل فترة قصيرة، كنت على رأس عملي في محكمة دبي وطلب مني محام حضور جلسة موكله في دائرة الجنايات، فرفض موكله ذلك، وقال أنا الرجل تدافع عني امرأة؟ مستحيل»! وآخر قال لي «أنت صغيرة جدا في السن ولا يمكنك الدفاع عني، وليس لديك الخبرة الكافية للوقوف أمام هيئة المحكمة».

وأضافت كوثر أن «المرأة تتخوف من المحامية المرأة إلا إذا كانت قضيتها أحوالاً شخصية وشرعية، لأنها تعتقد أن المرأة أكثر جدارة وإنصافا من الرجل في القضايا الشرعية. أما القضايا الجزائية ففي بعض الأحيان يقع الاختيار على المحامي الرجل».

وطالبت كوثر بزيادة عدد المحاميات وإبرازهن وكسب الثقة الجماعية وليست الفردية، كما هو الحال في الوقت الراهن، مؤكدة أهمية وجود ناد للمحاميات أو جمعية خاصة بهن تنظر قضاياهن وتمشكلاهن، لتبادل المعلومات  وعقد الاجتماعات فيما بينهن.  
 
وجهة نظر محامين  
 
قسّم المحامي عيسى بن حيدر من «مكتب بن حيدر ومشاركوه للمحاماة» المحاميات الى ثلاثة أنواع، فمنهن الجادات في مهنتهن، ومنهن من يعملن فقط للحصول على الراتب الشهري، والأخريات للاستعراض ليس أكثر.

وأضاف «من وجهة نظري، فالمحاميات غير قادرات على تحمل مسؤولية المحاماة لوحدهن، إذ لابد من وجود شريك معهن يستندن إليه ويشاركهن. لكنني استثني من ذلك المحامية الواثقة بقدرتها على استيعاب مهنة المحاماة».

وخالفه الرأي المحامي حمد المهيري «صاحب مكتب الإمارات للمحاماة» الذي قال إنه يفضل المحامية على المحامين، لأنها تخلص في عملها بنسبة تزيد على 80%، مقارنة بالمحامين الشباب. وأكد أن «كثيرا من الموكلين، بصرف النظر عن جنسيتهم، لا يمانعون دفاع المحاميات عنهن»، لافتا إلى أن «المحاميات عادة ما يكن متمكنات من مهنتهن ومتمرسات فيها بشكل قوي». لكنه قال إنه يفضل أن يعملن في القضايا المدنية أكثر من الجزائية التي تشمل الجنح والجنايات.  
تويتر