البطش يفقد «القاعدة» تعاطف عراقيين

جنود عراقيون يستريحون في ديالى.     رويترز

«بدءاً بذبح الأطفال وانتهاءً بأحكام تحرم على النساء شراء خضراوات مثل الخيار وتلزم الرجال من دون غيرهم  بشرائها»  لعب بطش تنظيم القاعدة وفرضه احكاماً دينية تستند الى تأويلات خاطئة للاسلام دوراً أساسياً في تراجعه بالعراق. فتطبيقه لنمط متشدد من الاسلام في المناطق التي سيطر عليها جعلالحياة اليومية بائسة ما أضعف دعم الناس لحملته ضد القوات الاميركية والعراقية. وقال الشيخ حميد الهايس وهو زعيم عشائري ذو نفوذ من معقل القاعدة السابق في محافظة الانبار «غرب» انه رآهم يذبحون طفلاً في التاسعة من عمره مثل الغنم لأن أسرته لم تدن بالولاء لهم.

 

مثل هذه الاعمال العنيفة التي تعتبرها جماعات اسلامية أخرى متشددة دفعت كثيرين ممن كانوا يقاتلون الى جانب تنظيم القاعدة في بادئ الامر الى الانقلاب عليه. وأعلنت الجماعة مسؤوليتها عن تفجيرات لا تميز بين أحد في العراق سقط خلالها آلاف القتلى.

 

وقال عراقيون ممن عاشوا تحت سيطرتهم في أنحاء البلاد إن الغناء وحلاقة الذقن وعلاج النساء على أيدي أطباء من الرجال كلها أنشطة يعتبرها تنظيم القاعدة حراماً. ويقول قيس عامر وهو حلاق من الموصل «شمال» «القاعدة حرمت حلق اللحية وحظرت السبلات الخدية والشعر الطويل.. قتل الحلاقون لأنهم لم ينصاعوا لهذا».  وقد تبدو القصص خيالية ويصعب التحقق من صحتها لكن الناس في مناطق أخرى من العراق يروون قصصاً مشابهة عن عناصر القاعدة. 

 

وإلى جانب ارتكابه جرائم القتل من دون تمييز وتفسيره المتشدد للاسلام أصبح تنظيم القاعدة يمثل تحدياً خطيراً بالنسبة لسلطة العشائر حيث سعى الى السيطرة على الانشطة الاقتصادية وطرق التهريب الى الدول المجاورة. وقال ضابط المخابرات في الادارة المسؤولة عن بغداد اللفتنانت كولونيل تيم البيرز «قتل القاعدة الوحشي للمدنيين ارتد عليه. السنة لن يقبلوا بذلك اكثر من هذا». 

 

ومضى يقول ان «هؤلاء الذين نصبوا أنفسهم حماة للمجتمع السني يقتلون الآن عراقيين من السنة اكثر من أي أحد آخر».  وكانت محافظة الانبار ذات يوم معقلاً لتنظيم القاعدة لكنها أصبحت في ما بعد مسقط رأس رد فعل زعماء العشائر السنية العنيف ضد الجماعة. ويتنوع زعماء العشائر من شديدي التدين الىالعلمانيين. والهايس من الذين نظموا رجالهم في دوريات محلية لمكافحة عناصر القاعدة والمسلحين الاخرين. 

 

وقال ان الحياة في ظل القاعدة لم تكن عنيفة فحسب بل كانت هزلية ايضاً. وأضاف «أنهم قتلوا حتى إناث الماعز لأن أعضاءها التناسلية غير مغطاة وذيولها موجهة الى أعلى وهو ما قالوا إنه حرام» . وتابع «انهم اعتبروا الخيار ذكراً والطماطم (البندورة) أنثى ولم يكن مسموحاً للنساء بشراء الخيار بل الرجال فحسب» . وكان من الممكن أن تقطع أصابع الرجال لأنهم يدخنون كما جرى تفجير صالونات تصفيف الشعر والمتاجر التي تبيع أدوات التجميل وقتل باعة الثلج لأن الثلج لم يكن موجوداً في عهد النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) وكلها روايات شائعة عن نوع «العدالة» التي كان يطبقها تنظيم القاعدة.

 

وقال أحمد ياسين في سامراء «شمال» «القاعدة أرادت قتلي وتفجير متجري لأنني كنت أبيع أقراصاً مدمجة للموسيقى»، وهددت منشورات النساء بالخطف او الموت لعدم ارتداء ملابس كاسية. ومما زاد من عزلة القاعدة المتنامية الهدف الذي أعلنته بالقتالمن أجل اقامة دولة اسلامية واعتمادها الشديد على المقاتلين الاجانب.

 

وقاتل كثير من العراقيين الجيش الاميركي في العراق من أجل أسباب وطنية وليست طائفية. جاء كثيرون من أوائل زعماء القاعدة ومقاتليها في العراق من السعودية والأردن واليمن وباكستان وسورية ودول أخرى. وكانوا يهربون مقاتلين ليقوموا بتنفيذ عمليات انتحارية. وكان العراق يبدو علمانياً الى حد كبير حتى تمت الإطاحة بالرئيس السابق صدام حسين عام .2003

تويتر