من المجالس
ديمقراطية النظام العالمي الجديد، كديمقراطية دول الجنرالات وجمهوريات الفرد الواحد، البقاء للأقوى، والكبير يأكل الصغير، والحرية لليد الطويلة، والحقيقة هي فقط ما يقوله صاحب هذه اليد. القوي على حق وإن استحم بالدماء، وتغذى على الأشلاء، ونام على ركام الجماجم. والضعيف عدو للحق، رافس للنعمة، جاحد للفضل وإن فتح فمه للهواء، وأطلق ناظريه إلى الشمس، ورفع رأسه إلى السماء طالباً الرحمة وراجياً الستر.
اليوم تنقض روسيا، العائدة بوقع الذاكرة الذهبية، على جورجيا لتؤدبها، وتقتص من حكامها، وتعيد الزمن إلى الوراء ولكن عبر ممرات جانبية. ووزر حكام جورجيا، الذين وقعوا في عسل وهم الحماية الغربية، والأميركية خصوصاً؛ تحمله عجائز جورجيا وأطفالها وبسطائها. وحكومة «الوحدة العالمية» في مجلس الأمن تبدو مثل حكومات الوحدة الوطنية في بعض أقطارنا العربية، عاجزة ومعطلة ومنقسمة بين القوى العظمى التي أصبحت وحيدة على رأس العالم، وهي الولايات المتحدة، وبين القوة العظمى التي باتت أكثر لهفة على استعادة ذاك الرأس الثاني الذي طيرته نتائج الحرب الباردة. ومندوبو خلفاء تبليسي الأوروبيون يبدون كمندوبي جامعة الدول العربية الذين صاروا يحصون زلات ألسنتهم لاحتواء نتائجها بدلاً من إحصاء خطواتهم نحو احتواء المصائب والكوارث على الأرض العربية، باسم الديمقراطية.
واشنطن، وكيلة بضاعة الديمقراطية والمسؤولة عن تسويق سلعها على شعوب العالم بالرضا أو بالإجبار، بدورها غاضبة من الهجوم الروسي ومحاولة تغيير نظام الحكم في جورجيا، لأن مثل هذه المهمات يجب أن تناط بها وحدها، فهي الخبيرة في الاجتياح والغزو وإقصاء الحكام وإحلال الأتباع وإقامة الديمقراطيات على طريقة إيجاد التعدد بالتفتيت، والاختلاف بزراعة الفتن، والحوار بالتفجيرات، وإطلاق حريات الإفساد، وتأكيد السيادة بفرض الاتفاقات. فديمقراطية الأقوياء تجعلهم يرون ما لا تراه الشعوب نافعاً لها حتى في اختيارها لكمية الملح في طعامها.
adel.m.alrashed@gmail.com |
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news