المكمّـلات الغذائية..توازن في زمن العولمة

استشارة الطبيب المختص ضرورية قبل تناول المكمّـلات الغذائية.     أرشيفية

 

أسهم التطور الكبير في مختلف مجالات الحياة في تغيير سلوكيات عدة، في مقدمتها السلوك الغذائي، الذي بات محكوماً بوتيرة السرعة، ويعتمد على ما يسد الجوع فقط، دون النظر إلى القيمة الغذائية. الأمر الذي أدى إلى احداث خلل في النظام الغذائي السليم، في ظل العولمة التي اجتاحت كل تفاصيل الحياة، وأصبحت الحاجة ماسة إلى المكملات الغذائية التي يتم تناولها إلى جانب الوجبات الرئيسة، لتحقيق التوازن المطلوب، وسد النقص الغذائي بطريقة صحية.

 

وعلى الرغم من فوائد المكملات الغذائية، إلا أنها لا تخلو من بعض المخاطر التي قد تودي بحياة الإنسان إذا أفرط في استخدامها. إذ إن المبالغة في استخدام المكملات دون وصفة طبية قد تتسبب في حالات تسمم وأمراض سرطانية، وعلى المدى البعيد قد تسبب العقم أو الوفاة.

 

تقول مريم عبدالله (موظفة): «تعاني والدتي من مرض الروماتيزم الذي أثر بشكلٍ كبير في سرعة حركتها، وفاقم الأمر زيادة الوزن الذي تعاني منه»، مشيرة الى ان اطباء نصحوها بتناول منتجات الألبان الغنية بالكالسيوم، وفيتامين «د» لتقوية العظام، وتفادي الإصابة بهشاشة العظام، إلى جانب  وصفه حبوب الكالسيوم بوصفها مكملاً غذائياً.

 

وتضيف «من ذلك الحين وأمي تحرص على تناول الكالسيوم خوفاً من عواقب الروماتيزم وتفادياً لهشاشة العظام التي تشكل خطراً على النساء لاسيما بعد سن الأربعين».
 

 

السكريّ وتساقط الشعر

تقول روضة سالم (موظفة): «يعاني والدي من مرض السكري الذي نتج عنه خلل في امتصاص بعض العناصر الغذائية الموجودة في الأطعمة الطبيعية، الأمر الذي أثر بدوره في وظائف الكلى»، موضحة ان ذلك  احدث خللاً في التوازن والتفاعل الكيميائي في بعض أجزاء الجسم وتضخمها، فوصف له الطبيب بعض المكملات الغذائية التي تسهم في تحقيق التوازن المطلوب.

 

وتؤكد روضة «مازال أبي مستمراً في تناول المكملات الغذائية، لملاحظته الفرق الكبير الذي أحدثته منذ استخدامها».

 

أما حنان عبدالله (موظفة)، فتقول إنها كانت تعاني من تساقط شعرها، واتبعت شتى الوسائل للحد من تساقطه، لكن دون جدوى. وبعد ذلك قصدت طبيباً مختصاً، «وبعد معاينتي وصف لي تناول فيتامين «د»، ولاحظت تغيراً واضحاً بعد استعماله باتباع تعليمات الطبيب».

 

 تقول رئيسة قسم التغذية في مستشفى أم القيوين اختصاصية التغذية، آمنة سالم ضاحي: «يتم تناول المكملات الغذائية إلى جانب الوجبات الرئيسة، بهدف زيادة الوزن، أو سدّ النقص الغذائي بطريقة صحية، وهي عبارة عن مستخلصات مواد غذائية تحتوي على قدر كبير من البروتينات، ويضاف إليها كربوهيدرات وفيتامينات وأملاح وقليل من الدهون».

 

وتوضح أن أنواع هذه المكملات متعددة، بين الفيتامينات والمعادن والأحماض الأمينية والدهنية والزيوت المكملة ومضادات الأكسدة وهرمونات طبيعية، وعوامل مساعدة للهضم.

 

وتؤكد آمنة أن هناك مراحل وفئات عمرية بحاجة إلى المكملات الغذائية إلى جانب الأطعمة الطبيعية ومنها «البالغون بحاجة للفيتامينات والأملاح المعدنية لافتقار نظامهم الغذائي للخضراوات والفواكه. والحوامل بحاجة إلى فيتامين «بي 6» لمنع الغثيان، والكالسيوم لتقوية عظام الجنين، والماغنيسيوم لمنع تسمم الحمل، وحمض الفوليك والحديد لحماية الجنين من التشوهات التي يسهم الإفراط في تناول فيتامين «أ» في الثلاث الشهور الأولى بإصابة الجنين بها».

 

وتكمل ان «الطفل بعد ستة أشهر بحاجه الى فيتامين «د»، لتقوية العظام ومنع الكساح، والفلور لتقوية الأسنان، والحديد لتقوية الدم والوقاية من الأنيميا، لاسيما أن حليب الأم بعد الأشهر الستة الاولى تبدأ نسبة الحديد فيه تقل».

 

وتضيف آمنة أن «النساء في سن اليأس  في حاجة الى الكالسيوم للوقاية من هشاشة العظام، والنساء في فترة الحيض بحاجة إلى الحديد نتيجة لفقدهن نسبة كبيرة منه.

 

وهنا ينصح بتناول اللحوم والخضراوات الخضراء الداكنة. وينصح المسنون الذين تجاوزوا سن الستين بسبب قلة شهيتهم، واستهلاكهم وجبات  فقيرة للعناصر المعدنية، بتناول فيتامين «د»، وبعض المقويات».

 

وتتابع ان «الأشخاص الذين لديهم تاريخ مرضي كالإصابة بأمراض القلب وتصلب الشرايين، بحاجة لحمض الفوليك وفيتامين «ب 6»، و«ب 12»، لمنع الإصابة  بتصلب الشرايين والوقاية من أمراض القلب». وتعلق آمنة «لابد أن يلجأ النباتيون إلى تناول المكملات الغذائية، لاسيما أن طعامهم يقتصر على الخضراوات والفواكه والبقوليات ويستثني جميع أنواع اللحوم والبيض ومنتجات الألبان، ومنها الكالسيوم والحديد والزنك، والفيتامينان «ب 12» و«د» المتوفران في المنتجات الحيوانية مثل اللحوم والألبان والبيض».

 

وتضيف «يجب تناول المكملات الغذائية في حالات بعض الأمراض، وفي حال التعرض إلى إجهاد ذهني شديد ينتج عنه إجهاد في الأعصاب والدماغ والغدد، وفي حالات التدخين التي تسد الشهية، وتسبب نقصاً في بعض المعادن والفيتامينات التي يحتاجها الجسم»، مؤكدة أن «بعض الأحماض الأمينية الأساسية التي تقوم بوظائف حيوية في الجسم لا يستطيع الجسم تخليقها».

 

وتوضح ان الافراط في استخدام المكملات دون وصفة طبية «قد يسبب حالات تسمم، وأمراضاً سرطانية، ويؤثر في عمل الكليتين، وعلى المدى البعيد قد تسبب العقم أو الوفاة، لاسيما أن بعض الدراسات والأبحاث العلمية لم تتوصل إلى بعض مصادر المكملات الغذائية».

 

دواعي الاستخدام

تتنوع أشكال المكملات، كما تذكر الصيدلانية والإخصائية في المكملات الغذائية، سمر بدوي، «وتلبيةً لاحتياجات ورغبات المستهلكين المتفاوتة تم توفير أشكال مختلفة للمكملات الغذائية منها الأقراص، والبودرة، والسوائل، والمراهم».

 

وهناك عوامل عدة تستدعي استخدام المكملات الغذائية وفي مقدمتها، كما تقول سمر «عدم اتباع نظام غذائي سليم يحتوي على القدر المطلوب من القيم الغذائية التي يحتاجها الجسم، وقد ساعد نمط الحياة السريع في نمو هذه الظاهرة، حيث بات الناس يتجهون إلى تناول الوجبات السريعة الفقيرة، والأطعمة المختلفة من المحال التي قد يكون بعضها معرضاً للملوثات من المبيدات الحشرية، والأسمدة غير الطبيعية».

 

وتضيف «نتيجة لسعي الأشخاص الدؤوب وراء إنجاز أعمالهم في أسرع وقت ممكن يحرقون أجزاء كبيرة من القيم الغذائية، حارمين بذلك أجسامهم من فائدتها. كما أن سوء عملية الهضم تلعب دوراً كبيراً في حاجة الجسم للمكملات الغذائية، وعجز البعض عن تناول الكميات التي تمنح الجسم القيمة الغذائية المطلوبة».

 

وتنوّه إلى ضرورة قصد المختصين من الأطباء، قبل الشروع في تناول المكملات الغذائية، «المكملات مثل الأدوية لابد أن يتم تناولها حسب تعليمات الطبيب، بعدما يتعرف الى التاريخ المرضي للمراجع، فأخذ كميات عن طريق الخطأ أو زيادة جرعاتها يترك آثاراً سلبية في صحة المريض».

وتقول: «من الضروري التأكد من صحة طرق تخزين المكملات الغذائية، إذ من المفترض ألا تبقى فترة طويلة على أرفف المحال، لاسيما أنها تحتوي على مواد حساسة، وألا تتعرض لدرجة حرارة عالية، وهي غالباً ما تكون في عبوات قاتمة اللون حتى لا تتعرض للحرارة ويخترقها الضوء».

العناصر الغذائية ومصادرها

تذكر رئيسة قسم التغذية في مستشفى أم القيوين، اختصاصية التغذية: آمنة سالم ضاحي، أن «الطعام الصحي لابد أن يحتوي على العناصر الغذائية التالية:

 

الكربوهيدرات: المهمة في إنتاج الطاقة وإمداد الأعصاب والمخ بالطاقة. ومصادرها من النشويات والحبوب والقمح والسكريات سريعة الامتصاص كالجل والعسل، وبطيئة الامتصاص مثل القمح و نخالة القمح والذرة والشوفان.

 

البروتين: الذي يساعد في النمو، ويدخل في عمل الأنزيمات، وتعويض التالف من الأنسجة في حال حدوث الجروح. ومصادرها من اللحوم والأسماك والدجاج والألبان والبيض ومنتجات الألبان.


 الدهون: تساعد في إنتاج الطاقة، والعمليات الحيوية داخل الجسم. ومصادرها الزيوت والدهون المرئية بالعين المجردة مثل الشحم والسمن.

 

الفيتامينات: محفزة لإنتاج الطاقة. ومن مصادرها الكربوهيدرات والبروتينات والدهون، وأغلب الأطعمة الغذائية من الفواكه والخضراوات والبقوليات والمكسرات واللحوم.


العناصر المعدنية: تساعد في بناء الجسم وتجديده. ومن مصادرها اللحوم والبقوليات والخضراوات والفواكه.

 

الماء: عنصر أساسي في الجسم، يدخل في تكوين 70 الى 75% من جسم الإنسان، ويساعد في المحافظة على توازن الجسم والتخلص من السموم.

 

نصائح

  في حال استخدام المكملات الغذائية يفضل تناولها مع الوجبات الغذائية الطبيعية حتى تساعد في عملية الهضم والامتصاص السريع، لاسيما أن بعضها يكون ذا تركيز عال قد يسبب عسرا في الهضم وارتباكا معويا.

 
 يفضل ممارسة الرياضة بجانب المكملات الغذائية لأنها تسهم في فتح الشهية وزيادة الوزن.

 

 إذا كانت المكملات الغذائية صعبة البلع، يجب تناولها مع سوائل كثيفة مثل عصير الفواكه أو الطماطم أو اللبن الزبادي.

 

الابتعاد قدر الإمكان عن استخدام «المايكروويف»، الذي يدمر 30 الى80% من القيمة الغذائية للأطعمة.

الرياضيون والمكمّـلات الغذائية

يشتهر الرياضيون بشغفهم بتناول المكملات الغذائية، فيلجأون إلى تناول البروتينات التي تأخذ شكل مسحوق «بودرة»، والأمينو أسيد، والكرياتين، وزيت السمك، وهذا ما لا ينصح به أهل الاختصاص، لاسيما إذا تم تناولها دون استشارة طبية.

 

ويفضل في هذه الحالة التركيز على المصادر البروتينية والأحماض الأمينية والدهنية الموجودة في الأغذية الطبيعية من اللحوم والبيض ومنتجات الألبان. 

الأكثر مشاركة