«الفوتوغرافيا والسينما»
كانت الفوتوغرافيا أساس السينماتوغرافيا وامتداداً لها ويستعرض كتاب «الفوتوغرافيا والسينما»، وهو من إصدار دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة- 2001 ومن ترجمة الدكتور وجدي كامل صالح، أهم المراحل التي تكوّن فيها علم جمال الفوتوغرافيا والسينما، بدءاً من مرحلة العشرينات، أي من بداية «التحرر» من ربقة الفنون المجاورة كالمسرح والرسم، مرورا بالمرحلة الثانية مرحلة التحرر من الأم فوتوغرافيا نفسها، انتهاء بالمرحلة الثالثة التي أثيرت فيها من جديد العلاقة، التي تجمع بين السينما والفوتوغرافيا من وجهة نظر بنيوية وسيميائية.
لقد استهدفت كل مرحلة من المراحل الثلاث استخدام منهج جمالي فلسفي خاص يتصف بهذه أو تلك من تيارات التفكير النظرية، ومع أن شارلس بودلير وجد في ولادة الفوتوغراف، فنا ساذجاً، إلا أنه حذر أيضا من أنه إذا ما سمح له أن يتسامى ويقترب، كثمرة تعبير، من الروح الإنسانية، فحينها سيكون الويل لنا!
ويستعرض مؤلف الكتاب كانستنتين باندوبولو فناني الفوتوغرافيا مثل الانجليزي روبنسون مؤسس أول منظر لعلم جمال الفوتوغرافيا، ويتوقف عند الفرنسي ديليوك، السينمائي الذي تبدو له السينما في جوهرها تطورا للفوتوغرافيا، وأن الفوتوغرافيا فتحت طريق السينما وتطورها. ويقارن المنظر المجري ماهولي ناجي بين «الرسم والفوتوغرافيا والفيلم» ويرى أن الفوتوغرافيا وسعت من مساحة وحدود التعبير عن الواقع كما انها قادرة على إعادة إنتاجه بنحو مكتمل ومتنوع.
أيضا يرى الألماني بينيامين أن السينما اعتمادا على هويتها الفوتوغرافية حولت مسألة فردية الفن إلى فرجة جماعية من قبل جماهير عريضة. وتبدو له الفوتوغرافيا، للوهلة الأولى بمثابة تقنية لا تمثل شيئا سوى انها مجرد إنتاج ميكانيكي للموضوع، لكن عند النظر إلى محصلة أعمال السينمائيين والمصورين الفوتوغرافيين نجدها تبرهن على أن الكيمياء الفوتوغرافية قادرة على تلبية الجمالية المعاصرة.
يضع بازان شعاره النظري الذي عبر عنه في مفهوم سينمائي، وضعه إلى جانب أهم المنظرين الذين خلقوا تيارا مبتكرا في السينما: «احترام زمن طبيعة الفوتوغرافيا المتحركة لكي تصبح السينما علم جمال اجتماعيا، فمن دون الاجتماعي تصبح السينما من دون علم جمال». تجمع الصورة الفوتوغرافية، حسب المجري لوكاتش، الصفات المعبرة عن هوية الموضوع، بينما الصورة المتحركة تجعل هذا التعبير تعبيرا حياتيا، ويرى أيضا: أن اختلاف السينما عن بقية الفنون البصرية يأتيها من الصورة الفوتوغرافية، التي هي العامل الأهم في إعادة إنتاج الواقع.
يؤكد المؤلف: «أن قوام علم جمال السينما، لن يتضح من دون المضي إلى مرحلة الستينات الأشد حسما في إعطاء هذا العلم ملامحه الحقيقية»!
لنبدأ إذن بسؤال الألماني كراكاور: هل الفوتوغرافيا فن؟ «لا يجوز مزج الإبداع الفوتوغرافي مع الإبداع الشكلي للفوتوغرافيا، فظهور الفوتوغرافيا لم يغير تصوراتنا عن الطبيعة الواقعية للفن، بالقدر الذي أغنى تلك التصورات بظواهر جديدة. وسيفتح جان ميتري بداية الطريق أمام السيميائية: «إن مأثرة السينما الكبرى، تتلخص في إن معطاها الواقعي، هو عنصر حكايتها الخاصة، بمعنى أن يصبح الواقع ما هو غير موجود، لأن الواقعي يصبح بدوره حكاية ما هو غير واقعي. وسيرى ميتز، بعدئذ، كيف يتحول الواقع نفسه إلى علامة!
alzubaidi@surfeu.de |
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news