|
لا يتردَّد المواطن أبو عبدالرحمن، البالغ من العمر 33 عاماً، في وصف نفسه بالمذنب التائب، لكنه في الوقت نفسه يصف المجتمع بالقاسي؛ لأنه لم يكتف بعقوبة السجن وبمرضه الخطر، بل جعله يشعر بأنه انتقل من سجن صغير إلى آخر أكبر.
خرج أبو عبدالرحمن من السجن قبل نحو عام بعد أن أمضى فيه سبع سنوات، إثر إدانته بقضية تعاطي وحيازة المخدرات، حاملاً ثلاثة أمراض هي: الإيدز، والتهاب الكبد الوبائي، والسيلان.
ويدرك أن أيامه قد لا تكون طويلة، لكنه مع ذلك يريد أن «يعيشها بكرامة»، لاسيما أن «سلوكه تغير تماماً، وأصبح كل هّـه أن يتمكن من إعالة نفسه وأسرته ودفع تكلفة علاجه، وقضاء دَينه».
يروي أبو عبدالرحمن قصة دخوله السجن قائلاً: «وقعت في براثن أصدقاء السوء في وقت كنت في أزهى أيام نجاحي، حيث كنت أعمل في موقع مهّم في الدولة».
مضيفاً «تعلمت تعاطي المخدرات، إلى أن وصل بي الأمر إلى حيازتها، وفي تلك المرحلة المشينة من حياتي، تغيّبت عن عملي، وحاولت الدخول إلى سوق العمل الخاص، لكني انتهيت مديناً ومطارداً، فهربت لمدة عامين إلى أن تم ضبطي من قبل الشرطة وبحيازتي «مخدرات»، فحُكم عليّ بالسجن 10 سنوات، وكان ذلك مطلع عام 2000».
وأضاف: «حينها فكرت في أن أبدأ حياة جديدة، انتظاراً لقرار خروجي من السجن، لكن هناك انزلقت في خطأ أكبر، فتعاطيت المخدرات داخل السجن باستخدام إبرة تداولها أكثر من شخص»، وتابع: «بقيت على هذه الحال إلى أن جاء اليوم المشؤوم، حين استدعاني طبيب السجن، ليخبرني بأنني سأنتقل إلى عنبر المعزولين؛ لأن الكشف الطبي الدوري أثبت أنني حامل لثلاثة أمراض فتاكة هي: نقص المناعة المكتسبة «الإيدز»، والتهاب الكبد الوبائي «C»، والسيلان».
ووفقاً لأبي عبدالرحمن، فقد طرأ على حياته منذ ذلك الوقت تغيير عاصف، إذ أصبح ملازما للصلاة، وحافظاً للقرآن، ومسلّماً بقضاء الله وقدره.
وقال إنه أخبر زوجتيه اللتين أنجب منهما ستة أطفال بالأمر، وترك لهما حرية الاختيار بين أن تبقيا على ذمته أو أن تتركاه، لكنهما اختارتا البقاء معه.
وتمكّن هو من تقليص مدة السجن من 10 سنوات إلى سبع، بعد أن حفظ أجزاء عدة من القرآن الكريم، فحصل على الإفراج مكافأة له على ذلك.
وعلى الرغم من إطلاق سراحه إلا أن الشرطة تحفّظت عليه وقتها؛ لأن لديه ثلاث قضايا شيكات، فعفا صاحب أحدها عنه بعدما علم بمرضه، وتوصل إلى تسوية مع صاحب الشيك الثاني، ولاتزال المحكمة تنظر قضية الشيك الثالث.
ويصف أبو عبدالرحمن أيامه الأولى من خروجه إلى الحياة خارج جدران السجن، بأنها انتقالة من سجن صغير لآخر أكبر، إذ حاول البحث عن فرصة عمل ينفق من خلالها على أسرته التي تسكن معه في منطقة القصيص بدبي، لكنه لم يوفق، على الرغم من طرقه مئات الأبواب، حيث اصطدم بحائط العجز عن العمل في الدوائر الحكومية التي تطلب شهادة حسن السيرة والسلوك، والقطاع الخاص الذي يطلب شهادة في اللياقة الصحية، وكلاهما أمر متعذر.
ويضيف: «لم تقف معاناتي عند هذا الحد، بل أصبحت أعاني عزلة موحشة في مجتمع يكفي فيه أن تدخل كلمة «الإيدز» قاموس حياتك لتكون من المغضوب عليهم، وها أنا الآن أعيش على الإعانات التي أتلقاها من بعض الجمعيات الخيرية».
وقال أبو عبدالرحمن إن أكبر معاناة له حالياً تتمثل في تكاليف علاج مرض التهاب الكبد الوبائي «C»، حيث وصل المرض إلى مراحله الأخيرة، وتتم معالجته عن طريق الأعشاب، ويتكلف العلاج 5000 درهم شهرياً، ولكونه مريضاً بـ«الإيدز» فلا يستطيع إجراء عملية زراعة كبد، مشيراً إلى أن تكلفة علاج الكبد تشكل عبئاً كبيراً عليه في ظل ظروفه الصعبة التي يحياها.
|
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
Share
فيسبوك
تويتر
لينكدين
Pin Interest
Whats App