فرق الإنقاذ مزودة بأحدث الأجهزة والتقنيات العالمية. شرطة دبي
أكد مدير إدارة الإنقاذ والمهمات الصعبة بالوكالة الرائد أحمد بورقيبة، أن فرقة المهمات الصعبة في شرطة دبي تُعد إحدى أهم فرق الإنقاذ على مستوى العالم.
وقال إن مشاركاتها الخارجية أثارت إعجاب منظمات وهيئات دولية، فيما اعتبرتها الأمم المتحدة «أفضل فرقة شاركت في عمليات الإنقاذ في بام الإيرانية عام 2003».
ويواجه رجل الإنقاذ مواقف بالغة الصعوبة أثناء عمله، قد تشعره بالعجز واليأس، خصوصاً إذا كان على صلة أو معرفة بالأشخاص الذين يسعى الى إنقاذهم. لكن تلقيه تدريبات خاصة، عملية ونفسية، يسمح له بالتغلب على هذه المشاعر ومواصلة عمله بجدية كاملة حتى النهاية، وفقاً لبورقيبة الذي يضيف أن «هذه هي طبيعة مهنة رجل الإنقاذ، وعليه أن يعتاد عليها ويتكيف معها. لذلك، فإن اختيار شخص ما للعمل كرجل إنقاذ يخضع لشروط واعتبارات مختلفة، بسبب الظروف الصعبة والمخاطر التي يتعرض لها. وعلى سبيل المثال، يتابع بورقيبة، فلا يمكن اختيار شخص يخاف من الأماكن المرتفعة لأداء مهمات إنقاذية، لأننا نعمل أحياناً على إنقاذ أشخاص عالقين في أدوار مرتفعة. كما أننا نتعامل مع إصابات مختلفة ونشاهد جثثاً، ويفترض في المنقذ أن يكون على قدر من الصلابة والقوة، جنباً الى جنب مع الرقة والبعد الإنساني»، موضحاً أن «تدريب فريق قادر على التعامل مع أي أزمة، يستلزم مجهوداً كبيراً وتكاليف باهظة، فضلاً عن مواصفات معينة في المتدرب نفسه».
فريق مدرّب
ويؤكد بورقيبة أنه تدرب على أيدي خبراء دوليين، حتى أصبح هو نفسه خبيراً دولياً في حوادث الطرق وانهيارات المباني، لافتاً الى أنه مرخص دولياً لتدريب فريق كامل.
ويؤكد أن «الإدارة لم تعد تحتاج الى أي مساعدة من الخارج، لأنها نجحت في تجهيز فريق مدرب على التعامل مع حوادث الغرق، والحرائق، والزلازل والانهيارات الأرضية. وهو قادر على التعايش مع الظروف الصعبة لسبعة أيام، وليس خمسة أيام كما هو معتاد عالمياً».
ويضيف أن العدد الكلي للعاملين في إدارة الإنقاذ والمهمات الصعبة يبلغ 255 فرداً، منهم 119 مدنياً. وعدد المؤهلين للمهمات الخارجية يبلغ 44 فرداً.
وأضاف أن من يتم اختيارهم للعمل في الإنقاذ يكونون من تخصصات مختلفة، ويخضعون لاختبارات معينة. وهناك شروط متعلقة بالعمر والطول والبنية الجسدية والنفسية يجب أن تكون متوافرة في رجل الإنقاذ.
الأول عالمياً
وحول موقع إدارة الإنقاذ والمهمات الصعبة في شرطة دبي، أفاد بورقيبة بأن فرقة المهمات الصعبة أثبتت تفوقاً كبيراً خلال مشاركاتها على المستوى الدولي «ففي زلزال «بام» في إيران عام 2003، تعاملنا للمرة الأولى مع التربة الطينية. وعلى الرغم من أنها كانت مشاركتنا الأولى وسط 45 فريقا دوليا، إلا أن الأمم المتحدة أشادت بنا كأحسن فريق».
وتابع: «تكررت تجاربنا الدولية بعد ذلك، فشاركنا في عمليات الإنقاذ خلال كارثة تسونامي في إندونيسيا، حيث شاهدنا مناظر لا يتخيلها المرء في أسوأ كوابيسه. إذ انتشرت الجثث في الشوارع، وتحول النهر الموجود في القرية التي نزلنا فيها إلى بركة دماء، فيما أخذت الجثث الغارقة تتحلل في ظل ارتفاع درجات حرارة الجو. وبالمناسة فقد أنقذنا شخصاً بعد خمسة أيام من الكارثة، وكان عالقاً في مكان أسفل جسر وعظامه محطمة من شدة الموج».
قارب لا يغرق
وحول أحدث المعدات التي تعتمد عليها الإدارة، قال إن فرق الإنقاذ والمهمات الصعبة مزودة بأحدث الأجهزة والتقنيات العالمية، مثل الزورق النرويجي الذي يستخدم في الإنقاذ البحري ويتمتع بمزايا فريدة.. فهو مغلق من جميع الجهات وفي حال انقلابه يعود إلى وضعه الطبيعي تلقائياً، ولا يمكن أن يغرق ويوجد منه قطعة واحدة في الإدارة الآن، لافتاً إلى أن هذا الزورق مصمم خصوصا للمحيطات التي تصل فيها الأمواج إلى ارتفاع 12 و14 قدما، ويبلغ سعره نحو ثلاثة ملايين يورو. وتابع أن الإنقاذ البحري أدخل أخيرا زورقا مطاطيا لا يحدث أمواجا أثناء وجوده في المياه، ويناسب الجزر الصناعية التي تعمل عليها دبي حاليا في المناطق التي يحظر فيها إحداث أمواج حتى لا تتآكل الشواطئ، لافتاً إلى أن هذا القارب يسير بآلية مختلفة، حيث صمم بطريقة تسمح للدراجة المائية بالدخول فيه من الخلف وتحريكه ويمكن بواسطته إنقاذ أكثر من غريق.
وحول الأجهزة والمعدات الحديثة في مجال الإنقاذ البري قال بورقيبة إن لدى الإدارة حاليا سيارة إنقاذ مجهزة بالكامل للتعامل مع انهيارات المباني، وتم استخدامها في حادث انهيار فندق تحت الإنشاء في إمارة عجمان ويتوافر فيها مناشير وأجهزة اقتحام دخان، فضلا عن أدوات الإسعاف، مشيرا كذلك إلى توافر سيارات سداسية الدفع تتمتع بمزيد من المرونة، فضلا عن كاميرات حساسة وأجهزة استشعار دقيقة لرصد مواقع الجثث والمصابين تحت الأنقاض.
وأضاف أن الإدارة تحرص على تصنيع وتطوير الآليات التي تناسب طبيعة الحوادث التي تقع في دبي والدولة بشكل عام «وهناك لجنة تقدم تقريرا بعد الحوادث الكبرى مثل الانهيارات، يشمل الجوانب السلبية والإيجابية والمعدات التي تحتاجها الفرقة».
إحصاءات
وبالنسبة لإحصاءات الحوادث التي تعاملت معها الإدارة، أفاد بورقيبة بأن فرق الإنقاذ تعاملت مع 390 حادثا بريا و141 حادث غرق في عام 2007، فيما بلغ عدد الحوادث البرية حتى نهاية النصف الأول من هذا العام 216 حادثا بريا و84 حادثا بحريا، مشيرا إلى أن حوادث الغرق تزيد في فصل الصيف نظرا للظروف المناخية. وتعد منطقة أم سقيم بجوار برج العرب من أكثر المناطق التي تشهد حالات غرق، حيث وقع فيها 27 حادثا في عام 2007 و52 في النصف الأول من هذا العام.
وقال إن هناك نقاط إنقاذ بحري متوافرة في مناطق مختلفة منها في خور دبي وميناء الحمرية وجميرا وبرج العرب. وعزا تكرار حالات الغرق إلى مخالفة مرتادي البحر للتعليمات، وإصرارهم على النزول الى الماء على الرغم من رفع العلم الأحمر، فضلا عن أن كثيرا من الغرقى أشخاص يجهلون السباحة.
يصرّ على الغرق
وقال إن بعض الشباب يتعمدون إظهار قدراتهم أمام الآخرين، خصوصا في الأوقات التي يحظر فيها السباحة. وفي النهاية يؤول مصيرهم إلى الغرق. وروى بورقيبة أنه كان يقود دورية ورصد شخصا باكستانيا على وشك الغرق، فبادر في إنقاذه. ثم تابع سيره، وقبل أن يبتعد سمع صرخات استغاثة، فتوجه الى صاحبها مباشرة ليكتشف أنه الشخص نفسه. ومع أننا حذرناه من النزول الى الماء مجددا، وطلبنا منه المغادرة إلى منزله لخطورة السباحة في هذا التوقيت، فقد فوجئنا بنزوله إلى البحر للمرة الثالثة، وغرقه في الحال.
مخمورون
ونصح بورقيبة مرتادي الشواطئ بعدم النزول إلى المياه بعد تناول الطعام، أو أثناء الأمواج المرتفعة، وعدم السباحة منفردا حتى لو كان يجيد ذلك، وتجنب السباحة ليلا لصعوبة الرؤية في حال تعرضه للغرق.
وحذر النساء اللواتي ينزلن الى البحر باللباس كاملا، من أن ذلك يمثل خطورة كبيرة عليهن، لأنه يضيف ثقلا إلى وزن الجسم.
ونصح في حال الغرق بتجنب السباحة ضد التيار، والاستسلام كليا للأمواج. وتابع أن هناك أشخاصا ينزلون الى المياه مخمورين ويفقدون سيطرتهم على أنفسهم كليا، لافتا الى خطورة ذلك على حياتهم.
الرائد أحمد بو رقيبة
وفاة صديق
قال مدير إدارة الإنقاذ والمهمات الصعبة بالوكالة الرائد أحمد بورقيبة إن رجل الإنقاذ معرض لكثير من الصدمات، خصوصا إذا اكتشف أن هناك علاقة تربطه بالأشخاص الذين يسعى لإنقاذهم، لافتا الى أنه واجه مواقف عدة من هذا النوع.
وأوضح: «تلقيت بلاغا ذات يوم يفيد بغرق شخص في خور دبي كان يقود دراجة مائية. وعلى الفور توجهت فرقة الإنقاذ إلى المكان، واستطعنا إنقاذه، على الرغم من أنه كان مصابا بنزيف في المخ. وبينما كنا نستعد لنقله الى المستشفى، سمعت شخصا يذكر اسمه، وهو يتطابق مع اسم أحد أصدقائي، فأمعنت النظر فيه، وتأكدت من أنه صديقي فعلا، ولم أتمالك نفسي خصوصا بعدما فارق الحياة متأثرا بإصابته بعد وصوله إلى المستشفى».
وأكد بورقيبة أن «هذه هي طبيعة عمل رجل الإنقاذ. وعليه أن يتكيف مع أسوأ الظروف، ويسيطر على انفعالاته»، مشيرا إلى أنه شاهد حالات إنسانية كثيرة من هذا النوع.
|