رغم التفاؤل الذي كان يعتريني قبل انطلاق دورة الألعاب الأولمبية «بكين 2008»، وأملي أن يحقق العرب إنجازات جيدة تمنحنا مزيدا من الميداليات، إلا أن هذا التفاؤل ظلّ يتضاءل يوما بعد يوم وأنا أشاهد أبطالنا العرب يخرجون من جميع المنافسات من الدور الأول، بل ويتساقطون بسهولة جدا وكأنهم حضروا إلى بكين لمجرد التواجد وليس لتحقيق إنجاز.
وبعد مرور أسبوع على انطلاق أروع الدورات على الإطلاق لم يكن لنا كعرب أي إنجاز باستثناء ثلاث ميداليات، إذ حصدت الجزائر فضية وبرونزية في الجودو في عبر عمار بن يخلف وثريا حداد، ونال المصري هشام مصباح برونزية الجودو، وما عدا ذلك خسر جميع الرياضيين العرب وخرجوا منطبقا عليهم المثل الشعبي «تيتي تيتي مثل مارحتي مثل ماجيتي». ورغم أن هناك أبطالا حاولوا أن يكون لهم بصمة في الدورة، إلا أن الظروف التي احاطت بهم كانت سببا رئيسا في الظهور بشكل مؤسف في المسابقات، وقد استمعت إلى الكثير من الرياضيين عقب خروجهم من المسابقات المختلفة فوجدت الغالبية العظمى منهم اشتكوا عدم الرعاية والاهتمام وعدم الإعداد الكافي، حتى أن بعضهم أكد أن تدريباته لم تتعد الأشهر الثلاثة قبل انطلاق الدورة، بينما البعض الآخر أوضح أنه جاء للمشاركة ولمزيد من الخبرة فقط! - ونتائج العرب في الأولمبياد عموما تجرّنا إلى سؤال مهم وهو كيف نصنع البطل الأولمبي وكيف نجهزه للوصول إلى منصات التتويج؟ ولعلي أستطيع القول إننا كعرب لا يوجد لدينا استراتيجية حقيقية لصناعة بطل أولمبي، وليس لدينا خطط واقعية للوصول إلى المستويات العالمية التي نستطيع أن ننافس بها الآخرين.
ويحضرني هنا تصريح لمسؤول في الاتحاد العربي للملاكمة في مارس الماضي بالنص: «إن فرص الإمارات في تكرار إنجاز أثينا الذي تحقق عن طريق الشيخ أحمد بن حشر آل مكتوم ضعيفة للغاية وتقترب من درجة المستحيل لأن الرياضة الإماراتية لم تخرج بطلاً على مستواه نفسه في السنوات الماضية، ولم تستفد من تجربة الشيخ أحمد بن حشر في دراسة أسباب وصوله لهذا المستوى وتوفيرها للآخرين»، وينطبق هذا القول على كل الدول العربية بلا استثناء، وفي كل الألعاب، فالإنجاز الذي تحقق لا نستثمره ولا نستفيد منه لتكراره، حيث تسيطر العشوائية على عمل أغلب اتحادتنا الرياضية، خصوصاً الألعاب الفردية التي يعطيها العالم أجمع اهتماما غير عادي كونها مصنع الميداليات الأولمبية على مر التاريخ، والدليل على ذلك السباح الأمريكي مايكل فيلبس صاحب الـ23 عاما الذي حصد بمفرده خمس ميداليات ويتوقع أن يحرز آخرين ليسجل اسمه ليكون أعظم بطل أولمبي على مر التاريخ. إننا ندور في حلقة مفرغة وجدل عقيم في كل مناسبة رياضية عالمية، حيث نخرج صفر اليدين إلا قليلا في أغلب المسابقات ونحزن قليلا على مستوانا المعروف، ثم ننام في العسل حتى قبل الدورة المقبلة بأشهر قليلة لتبدأ فترة إعداد لا تسمن ولاتغني من جو .
الورقة الأخيرة
إذا كنا جادين في صناعة البطل الأولمبي فيجب ومن الآن الاستعداد لدورة لندن 2012، ومن بعدها 2016 ببرنامج إعداد حقيقي لصناعة أبطال يجدون الدعم والرعاية اللائقين، وليتنا نتعلم من الصين في كيفية إعداد الأبطال وصقل موهبتهم، وهم في سن السابعة تقريبا، حتى يصلوا إلى أعلى المستويات في بداية الشباب.
emad_alnimr@hotmail.com
|