الموقف من الديمقراطية يحدد حقبة ما بعد مشرف
باكستانيات يبتهجن باستقالة مشرف. رويترز
تترك استقالة الرئيس الباكستاني برويز مشرف الولايات المتحدة والحلفاء الغربيين في موقف لا يحسدون عليه.
فواشنطن، كما فعلت في مواقف كثيرة ماضية، وضعت بيضها في سلة واحدة وهي تلك الخاصة بالجنرال مشرف، وهناك عدد كبير من الباكستانيين عارضوا مشرف لا لشيء إلا لأنه قاد الحرب ضد الميليشيات الباكستانية في منطقة القبائل، ويرى هؤلاء أنها حرب أميركية غير مبررة على بلادهم جعلت منها منطقة اقل أمناً.
ولتعلم الولايات المتحدة جيداً ان التصويت في البرلمان الباكستاني لإقالة مشرف كان يعني في احد مستوياته ان الباكستانيين إنما يصوتون ضد الولايات المتحدة وضد الطريقة التي تنفذ بها حربها «ضد الإرهاب».
شخصيات بارزة في الحكومة الباكستانية من بينها زعيم حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية، نواز شريف، ووكيل حزب الشعب الباكستاني آصف علي زرداري، ورئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني، صاروا يدفعون في مسار جديد بخصوص منطقة القبائل الباكستانية، حيث يركز هذا المسار أكثر على التــفاوض بدلا من طريقة مشرف المتمثلة في القصف المكثف الذي أفضى الى استعداء القبائل وقاد الى مفهوم مفاده ان دينهم وثقافتهم وعرقيتهم تتعرض للاعتداء.
أمام خروج مشرف من السلطة فإنني اجد نفسي افكر في ما سيحدث بعد ذلك. اتيحت لي فرصة قبل ذلك للجلوس لمدة ساعة مع مشرف في روالبندي كجزء من رحلة بحثية حول العالم الاسلامي. مشرف الذي قابلته كان دافئاً، مشغولاً، ويتمتع بروح الفكاهة الحقيقية، تحدث بحب شديد عن باكستان وعن الإسلام، لاسيما رحلته لقضاء فريضة الحج. وتحدث عن الحاجة لموازنة الدين الإسلامي والثقافة الإسلامية بالفرص التي يتيحها الغرب، وأكد انه من الممكن أن يكون الشخص مسلماً وعصرياً من دون أن يكون غربياً. كما تحدث عن إعجابه الشديد بالزعيم الفرنسي نابليون بونابرت في نقاش عن التاريخ، وأعتقد أنه يرى نفسه زعيماً عسكرياً وطنياً يسعى لتطبيق الحرية الدينية والإصلاحات الأخرى من خلال الجيش. المثير للاهتمام ان احلام مشرف لباكستان هي الرؤية نفسها التي راودت مؤسس هذا البلد، محمد علي جناح، الذي اسس دولة عصرية اسلامية وديمقراطية تعتمد على حقوق الانسان والاقليات عام .1947
وينبغي للحكومة الباكستانية والولايات المتحدة العودة لنفس هذه الرؤية في الوقت الذي تدخل فيه البلاد لمرحلة ما بعد مشرف، وهذا يعني تعزيز حكم القضاء والقانون في الوقت الذي تتم فيه اعادة بناء الخدمة المدنية الباكستانية، تلك المنظمة التي وصفها جناح ذات مرة بـ«الهيكل الحديدي» للدولة، وفككها مشرف لصالح الجيش. فترة ما بعد مشرف في ايدي الشعب الباكستاني، ويمكن لأميركا مساعدة حليفتها عن طريق امـدادها بالتــوجــيه والموارد التي من شأنها ان تعزز الممارســة الديمقراطية الهشة في هذه البلاد، ولكن اذا التـزمت امــيركا بالسياسات نفسها التي تبنتها خلال فترة مشرف فإن الوضع سيتدهور اكثر وستستقبل باكستان عما قريب طاغية عسكرياً آخر. * صحافي في الغارديان ترجمة: عوض خيري عن الغارديان |
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news