الرقابة و«أميتاب باتشان»!!
تذمَّر عدد ليس بالقليل، من الذين شاهدوا الفيلم الهندي «جود توسي جريت هو» الذي يقوم ببطولته الممثل الهندي الشهير أميتاب باتشان، والممثل الذي لا تقل شهرته اليوم عنه، سلمان خان، التذمر الشديد كان بسبب فكرة الفيلم «غير اللائقة»، التي يتقمص فيها أميتاب باتشان دور «إله» يقوم بأخذ إجازة، ليعطي المسؤولية بعده إلى سلمان خان، الذي لا يجيد التصرف في تلك الفترة المؤقتة!
المجلس الوطني للإعــلام بــدوره اتخذ قراراً، أمس، حسب خبر نشرته صحيفة «الخليج»، بوقف عرض الفيلم الهندي في مختلف صالات العرض، «حتى يتم التأكد من محتواه، وفكرته، ومراجعته بشكل تفصيلي، ومن ثم البتّ في قرار إمكانية عرضه إذا كان لا يتعارض مع الضوابط المحددة من قبل المجلس»!!
طبعاً علامتا التعجب في الفقرة السابقة جاءتا بعد الفقرة المنشورة على لسان المجلس الوطني للإعلام، والتعجب هنا هو حال كل مَن يقرأ الخبر، فهل هذا معقول؟ سمعنا عن الرقابة السابقة والرقابة اللاحقة، لكن الرقابة اللاحقة هنا غريبة، فهل من المنطقي عرض فيلم أياماً متتالية، ثم فجأة يتقرر وقف الفيلم بعد شكاوى الجمهور، لتبدأ الجهات المختصة النظر في الشكوى، ووقف عرض الفيلم لمراجعته والتأكد من محتواه، ماذا يعني ذلك؟؟ ببساطة يعني أن دور السينما خارج سلطة الرقابة نهائياً، والأمور تعتمد فقط على وجود شكوى من عدمها.
شخصياً لا أحبذ تدخل الرقابة في العمل الإعلامي بشكل عام، ولكن في حالة الأفلام السينمائية المعروضة فإن الوضع مختلف، فدور السينما أصبحت مكاناً مميزاً للترفيه العائلي، واختيار الأفلام وتطهيرها لتتناسب مع العائلة، لاشك أنه من صميم عمل الرقابة.
يكفي أن الرقيب لا يلتفت إلا للقبل، واللقطات الحارة، فيقوم باستخدام مقصّـه فوراً، بينما يفوت عليه الكثير، والكثير جداً، من الألفاظ الجارحة، والبذيئة والكلمات الساقطة والمقززة أحياناً، ويكفي فقط وضع الترجمة الشهيرة «تباً لك» لتمرير كل سيئ وقبيح، ولا أدري من «العبقري» الذي اكتشف هذه الترجمة الدقيقة.
صحيح أن الوضع العام في العالم بأسره أصبح صعباً جداً في مجال فرض الرقابة على منتجات السينما بشكل عام، فهناك البدائل الكثيرة التي يستطيع من خلالها المشاهدون الحصول على المادة الفيلمية، بعيداً عن عين وأذن ومقص الرقيب، وصحيح أن الفضاء أصبح مشاعاً ومفتوحاً لكل من يريد بث سمومه، مخترقاً حدود كل بيت، ولكني أعتقد جازماً بأن المسؤوليات تختلف، فالسيطرة على «الستالايت» و«الإنترنت المنزلي» لاشك أنها مسألة نسبية تختلف باختلاف أولياء الأمور، أما دور السينما وباعتبارها مكاناً عاماً ولجميع الفئات، ومن الممكن جداً السيطرة والرقابة على المعروض فيها، فإن العذر المذكور سابقاً يجعلنا نوجّـه اللوم إلى المجلس، فالعادة والعرف والمنطق يحتم الرقابة المسبقة قبل عرض الأفلام، وليس بعد «الهنا بسنة»، مثل ما حدث مع أميتاب باتشان وسلمان خان!!
reyami@emaratalyoum.com
|
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news