المدير دائماً على خطأ!
|
|
نقف دائماً مع هموم الناس، ونتبنى قضاياهم، وفي كثير من الأحيان ندخل في شدّ وجذب، ونقاشات طويلة، مع المسؤولين والتنفيذيين، والمحصلة النهائية، إمّا حلّ وجواب شافٍ، وإمّا مزيد من الحقد والكراهية علينا، باعتبارنا الصحيفة التي تثير «المشاكل» حسب زعم البعض!!
عموماً، ومع ذلك علينا الاعتراف بأن «المسؤول ليس دائماً على خطأ»، ليس دفاعاً عن المسؤولين ولكن إحقاقاً للحق، هذا الحق يحتّم علينا أن نشير إلى واقعة جرت تفاصيلها أمس، بدأت مع وقوع جزء من سقف أحد البيوت القديمة في منطقة السطوة التي تسكنها أسرة مواطنة. تلقّينا اتصالاً من صاحب البيت، وتحرك المصور والصحافي فوراً للموقع، أخذنا المعلومات، وعاينّا المكان، والتقطنا الصور، ومن ثم عرضنا الأمر على الجهة المسؤولة، وفي أقل من ساعة كانت هناك لجنة مشكّلة للنظر في حالة الأسرة، زارت المكان وشاهدت الموقع، ورفعت تقريراً هاتفياً سريعاً للمدير الذي تحرّك سريعاً، ووضع أمام العائلة خيارين، «كلاهما أحلى من العسل، ولا مرارة في أي منهما»، الأول: الانتقال «فوراً» إلى منزل جاهز بكل مستلزماته وأثاثه، وكل صغيرة وكبيرة يحتاجونها، قائلاً لهم بالحرف الواحد: «لا تحملوا معكم سوى ملابسكم»، والخيار الثاني: الحصول على أرض سكنية، ومبلغ ثلاثة ملايين ونصف المليون درهم لتشييد منزل خاص، إضافة إلى بدل إيجار سنوي للانتقال إلى منزل مؤقت لحين بناء البيت الجديد!!
خياران لا يقدّمهما حتى «جنّي» مصباح علاء الدين الشهير، في المقابل ماذا تتوقّعون ردّ هذه العائلة، التي يفترض أنها «مضطرة»، وتعيش في منزل متهالك، وبدأت تتساقط على رؤوس أفرادها أجزاء من السقف، أيّ منّا لو كان مكان وليّ الأمر لحمد ربّه ألف مرة، واختار على الفور واحداً من الخيارين المطروحين، ففي كلاهما خير له ولعائلته. لكن المفاجأة أنّ صاحب البيت طلب «التفكير» ورجع إلى بيته القديم، ممضياً ليلة كاملة وهو يفكّر!! لم يفكّر في عائلته وأطفاله، ولم يفكّر في حياته السابقة وظروفه الصعبة، بل انصبّ تفكيره في كيفية تحقيق أكبر قدر من المكاسب، ثم بدأ في المساومات و«التشرّط» على الجهة التي اهتمت بأسرته وأطفاله، وذلك المدير الذي حمل همّه، وساوره القلق، على الرغم من عدم مسؤولية الجهة التي يديرها عن حالة البيت السيئة. عموماً لم يُنهِ الرجل تفكيره، وظل يفكر حتى مساء يوم أمس، عندما تعطّف وتكرّم بالرد على المسؤولين الذين ظلوا يبادرونه الاتصال في كل ساعة لمعرفة قراره!! فهل المسؤول دائماً على خطأ؟.. وهل الجهات الحكومية هي دائماً المقصّرة؟.. لا أعتقد ذلك إطلاقاً!!
reyami@emaratalyoum.com
|