الانتخابات الأميركية تكشف خلافاً حول مفهوم «الوطنية»
ماكين وأوباما.. مسافات بعيدة بين أفكارهما. أرشيفية
تقدم الانتخابات الرئاسية الاميركية تناقضاً حاداً بين نوعين من الوطنية، الأول يمثله المرشح الجمهوري جون ماكين الذي يقدم نفسه كبطل حرب نظراً لسجله السابق في فيتنام حيث أسر، والثاني يدعو إليه منافسه باراك اوباما الذي يطالب الاميركيين بالتحلي بروح القدرة على تحقيق النجاح التي اتسم بها مؤسسو الولايات المتحدة.
وفي نوفمبر المقبل سيكتشف المرشحان أي الاسلوبين كان اكثر جاذبية للناخبين في الوقت الذي تخوض فيه أميركا حربين وتشهد حالة من القلق الاقتصادي. وخلافاً للدول الديمقراطية الاخرى تلعب الوطنية على الرغم من كونها مفهوماً غير واضح دوراً قوياً في الانتخابات، يتم تذكير الاميركيين كثيراً بالجذور الثورية لبلادهم ويستغل الساسة شعوراً بالفخر الوطني.
وجعل مرشح الحزب الديمقراطي اوباما من الوطنية فكرة رئيسة لحملته، اذ سعى إلى أن يصبح مصدر إلهام للناخبين للتغلب على التقسيمات القائمة على العرق أو الحزب، ويستغل قصته كطفل من اب كيني وأم من كانساس كمثال على الفرص التي لا تتاح الا في الولايات المتحدة. لكن خلال مسار الحملة يصفق الجمهور ايضاً لروايات ماكين الجمهوري عن تجربته كأسير حرب في فيتنام، التي تجسد صفات يسعى الى ابرازها كمرشح. وحين كان ماكين طياراً في البحرية أسقطت طائرته فوق هانوي عام .1967 وطعن وضرب وعذب وسجن لاكثر من خمسة أعوام، منها عامان في حبس انفرادي.
وبدت جاذبية هذه السيرة التي تبرز الانتصار على المحن اثناء خدمة الوطن واضحة في مقابلتين أذاعهما التلفزيون مع كل من المرشحين وأجراهما القس البارزريك وارن في كنيسته في كاليفورنيا، حين طلب من اوباما أن يصف أصعب قرار اتخذه على الاطلاق فتحدث عن قراره معارضة حرب العراق.
اما ماكين فروى كيف قرَّر رفض تسليمه المبكر لبلاده من سجن في هانوي على الرغم من أنه كان مصاباً لانه لم يرد أن يتخطى دوره، وهي القصة التي لقت صدى واضحاً لدى الجمهور. وقال أستاذ التاريخ في جامعة نورث كارولاينا، ريتشارد كون، انه ليس هناك شيء في قصة حياة اوباما يضارع هذه التجارب التي تعزز شعار حملة ماكين «الدولة اولاً».
وانعكست هذه الأجواء في مذكرة كتبها مارك بين واضع الاستراتيجيات للحملة الانتخابية لهيلاري كلينتون التي كانت تطمح إلى الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي لخوض سباق انتخابات الرئاسة العام الجاري. وأشارت المذكرة الى أن كلينتون كانت تستطيع هزيمة اوباما لو كانت خاضت حملة قائمة على مخاطبة الشعور الوطني بشكل صريح. وجاء في مذكرة النصح التي لم تتبنها كلينتون أنه كان يجب تقديم اوباما على أنه ليس «أميركياً أصيلاً».
وسيكون اوباما أول رئيس أسود اذا فاز، وبهذا يواجه عقبة اضافية في محاولاته لاقناع الناخبين. وقال كون «هناك ارتياب تاريخي في أن الاميركيين من أصول افريقية أقل وطنية». وشارك الاميركيون من أصول افريقية في جميع الحروب التي خاضتها البلاد لكن جرى التشكيك في ولائهم لان الكثير من زعماء السود انتقدوا سياسات الولايات المتحدة المتعلقة بالعرق، ويفترض بعض البيض أن التمييز التاريخي ضدهم بما فيه العبودية قوّض التزامهم تجاه المثل الاميركية. |
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news