مكافحة الفساد.. مسؤوليات مختلفة


مكافحة الفساد مسؤولية اجتماعية، كلنا مسؤولون عنها، حكومة وأفراداً؛ لأننا كلنا ضد الفساد.

ولكن المسؤوليات تختلف من جهة لأخرى، فمسؤولية المؤسسات الرسمية تختلف، في مكافحة الفساد، عن تبعات بقية أفراد المجتمع.

 

وتالياً، دعونا نترك مسؤولية رصد ومحاسبة الموظفين الفاسدين، إلى الجهات الرسمية والأمنية، لأنها الأقدر والأصلح على تحديد هوية الفاسدين، والكشف عنهم، وهي التي تمتلك أحقية وقانونية التحقيق مع المتورطين والمشتبه فيهم، كما يقع على كاهلها واجب إدانة أو تبرئة من شملهم التحقيق، حسب القرائن والإثباتات، التي لا يعرف أي منا، أو من أفراد المجتمع، شيئاً عنها.

 

من هنا يجب أن نبتعد نحن أفراد المجتمع عن ممارسة صلاحيات النيابة العامة والجهات الأمنية، وأقصد بالضبط ما يدور حالياً من توجيه التهم جزافاً للموظفين في كل مكان، ومن دون قرائن أو إثباتات، حتى أصبح جميع العاملين في القطاع العقاري، محط اتهام ومدانين حتى تثبت براءتهم، لا يجوز ذلك على الإطلاق، ولا يجوز تداول أسماء الناس، واتهامهم عبر «المسجات»، من دون وجه حق، بأنه بالفعل عمل غير أخلاقي.

 

لن ندافع عن فاسدين، ونؤيد وبشدة الحملة التي تقوم بها الحكومة، لأن مضار الفساد ستنعكس على جميع قطاعات الأعمال وفئات المجتمع سلباً، ومكافحته والقضاء عليه سيعودان بالفائدة على سمعة الدولة واقتصادها ونموها الذي سينعكس إيجاباً على جميع القطاعات، لا شك في ذلك إطلاقاً.

 

لا نطالب، ولن نطالب، في يوم من الأيام بالتساهل مع المتورطين الذين يثبت تورطهم في قضايا من هذا النوع، بل سنطالب بتشديد العقوبة والضرب بيد من الحديد، والتشدد في الرقابة ووضع التشريعات الكفيلة بالقضاء على الفساد، بل نطالب بالكشف عن هويات المتورطين في حال إثبات التهم عليهم ومرورهم بكل مراحل التقاضي، ولن نقبل بالتستر عليهم بعد ذلك، ولكن شريطة أن تتولى مسؤولية هذا الجانب الجهات المختصة، ولا نتركه لـ«العوام» فنعاقب الصالح بذنب الطالح.

 

ليس جميع العاملين في القطاعين المالي والعقاري والقطاعات الحكومية والخاصة، من الملائكة، هذا صحيح، ولكنهم أيضاً ليسوا جميعهم من الشياطين، الفاسدين، المغضوب عليهم، وهناك من شباب الإمارات والأخوة العرب وحتى الأجانب، من يبذلون الجهود، ويعملون ليل نهار بإخلاص، وهناك كثير، وكثير جداً، من الموظفين الذين لا يقبلون على أنفسهم فلساً مشبوهاً. فلا يجوز إطلاق التهم جزافاً، ولا تجوز معاقبة الجميع «نفسياً» بسبب ذنوب وفساد قليل من أصحاب الضمائر الميتة!!

 

علينا تقع مسؤولية مكافحة الفساد كأفراد المجتمع، نعم، فعلينا رفض جميع أشكاله وملامحه، وعلينا الإبلاغ عن كل ما نشك في كونه شكلاً من أشكال الفساد، وعلينا تحري الدقة في الأموال التي نطعم منها أطفالنا، وعلينا الوعي والانتباه، وعدم الانزلاق الى مداخل الفساد، لكن ليس من مسؤولياتنا توجيه الاتهامات، وتشويه سمعة الناس، والزج بأسماء لم يثبت تورطها، وترويج «الشائعات»، لأسباب لا علاقة لها بالهدف الأسمى الذي تسعى الحكومة إليه، وهو تخليص المجتمع من آفة جديدة قبل انتشارها و«تسرطنها»!!

 

reyami@emaratalyoum.com

 

 

الأكثر مشاركة