خريف وشتاء إيلي صعب للسهرة.. سماوات مايكل أنجلو
لم يجد مصمم الأزياء اللبناني إيلي صعب سماء أجمل من سماء رسام ونحات عصر النهضة الإيطالي مايكل أنجلو في جداريته «يوم الدينونة» لتتحوّل فكرةً لمجموعة صعب الجديدة لملابس السهرة، محوّلاً عارضاته ملائكة خرجن من الجدارية التي تلون سقف كنيسة سيستين في روما، من تلك الفترة الزاخرة بالفن والجمال الإيطالي.
تصاميم 50، لشتاء وخريف 2008- 2009 في عرض أقيم في باريس منتصف الشهر الماضي، حملت كل منها جزءاً من نظرة صعب لتلك الفترة الزاخرة بالفن، لتخرج عارضاته يتهادين بتصاميمه المترفة، كما لو كنّ منحوتات يزيّن شوارع إيطاليا في ذلك الزمن، دبّت فيهن الحياة على منصة عرضه، بمجموعة نجح في اختيار خاماتها ودرجات ألوانها بامتياز.
لا يمكن وصف الألوان التي اختارها صعب لمجموعته سوى بأنها ألوان الحياة، جامعاً بها ألوان السماء بتدرجاتها المختلفة من أول ساعات الصباح المبهجة، وحتى آخرها المفعم بشوق المحبين وشجنهم، وعلى الرغم من أنه لم يقدم سوى الألوان السادة من دون إدخال للمطبعات في هذا الموسم، إلا أنه حرص على تقديم تدرّج لوني شديد الإتقان، لافت في قوته، بالإضافة إلى ابتكارين فقط، كانت خاماتها مطبّعة بشكل السماء، أو متدرّجة كسماء نهارية مختلفة، أو قد تكون الأخيرة كما أرادها أنجلو في القرن الـ.16
ترف الخامات لم تخرج المجموعة في خاماتها، عن ذات التأثير شديد الترف والفخامة، مازجاً بينها بإتقان بعيد عن المبالغة، حيث ضمت قائمة الخامات المستخدمة في المجموعة الأورغانزا، والتول، والتول الحريري، والتافتا، والدانتيل، والمخمل، والموسلين، وشبيهه الحريري، والكرينولين، ذا تأثير الشيفون بصرياً، والتول ملمسا، والبروكار، والغيبور، بالإضافة إلى قماش الترتر الكامل الذي استخدم في عدد من الابتكارات، بينما غلب على المجموعة استخدامه لثلاثية في الخامات التي ركز على أن يكون الدانتيل الشريك في أغلبها، بطريقة شديدة الإغواء، من خلال استخدامه بطانة شفافة لعدد من التصاميم التي كانت خامتها الرئيسة من الموسلين الحريري الشفاف هو الآخر، والذي تجمّع بحرية وعفوية في منتصف الجسم، مخفيا بإغواء ما يلزم، بينما تتموّج بقية الخامة بحرية على الجانبين كاشفة بسرية عن الخصر والحوض والأرداف، على الرغم من عدم القدرة على تبيان ما إذا كان المكشوف من الجسد أم بطانة أخرى شبيهة بلونه.
غلب استخدام قماش التافتا عند منطقة الصدر والكتف، نظراً إلى قوة الخامة وقابليتها على الثبات، بينما تركزت الخامات المستخدمة عند الجذع، ابتداء من منطقة تحت الصدر بين الموسلين والموسلين الحريري، والتول، إضافة إلى استخدام التافتا بشكل كامل، من دون إدخال خامات أخرى، إلا أن المزج بين الخامات نجح في إعطاء ذلك التأثير المترف الفخم على الابتكارات التي قلت تفاصيل التطريزات فيها، مقابل التعقيد والحرفية في القصّات التي تركز أغلبها عند منطقة الصدر، بينما تحررت أغلب الابتكارات لاحقا من منطقة تحت الصدر أو الخصر بعفوية، بالإضافة إلى تقديمه عدداً من الفساتين الضيقة القصيرة والطويلة.
غامض ومتنوع تفاوتت ألوان المجموعة بين تلك الباهتة والأخرى الداكنة، إلا أنها لم تخرج جميعها عن تأثير الشتوي الخريفي الغامض البعيد عن المبهر الصارخ، حيث تدرّجت الألوان وتنوّعت بين الأسود الترابي، والترابي البني الداكن، والترابي المتدرّج، والنيلي الغني، والأرجواني، والبنفسجي الملكي الغني، والرمادي، والأزرق الذي تنوّعت درجاته بين السماوي، والسماوي الداكن، والأزرق الرمادي المغبر، بالإضافة إلى الليلكي، والزهري، والزهري المذهب، والآخر المعتق، بالإضافة إلى البيج المغبر، والأزرق المتدرّج والمطبّع بالسحاب، بالإضافة إلى الأبيض المعدني الشبيه بلون الذهب الأبيض، أو الغيمة الحاملة للنوف الخفيف.
عزّزت الخامات المستخدمة وطبيعتها من جمال الألوان، الأمر الذي نجح صعب في توضيحه بكفاءة، حيث استطاع قماش الموسلين من إعطاء التصميم الخفة والعفوية اللتين يحتاج إليهما، بالإضافة إلى التدرّج الدخاني للألوان، بينما أعطت خامة التافتا ذلك البريق الغني المفعم للون خاصة بطبيعته المعدنية الموظفة لانعكاس الضوء، والظل بين الثنايا، كما كان لاستخدام المطرزات والشذرات والترتر غير المبالغ فيه تأثير التماعة رومانسية متخفية خلف خامات شفافة كما لو كانت نجوما في سماء صافية.
كما نجح صعب في اختيار درجة البنفسجي وتدريجه إلى الليلكي والزهري المبيض، ما أعطى التصميم فخامة شديدة، على الرغم من بساطة الفكرة والقَصة وعدم استخدام الترتر والكريستالات.
ثنايا متحرّرة لم يبخل صعب في مجموعته الجديدة في القصّات والتنويع فيها، مقدماً بذلك اختيارات شديدة التنوع لامرأته متعددة المواصفات، فبين التصاميم المغلقة الطويلة الأكمام، والمكشوفة الصدر والأكتاف، أو تلك الوحيدة الكتف أو الكُم، أو تلك المتعددة الثنايا أحيانا، أو التداخلات، أو الكشكشات عند منطقة الصدر والكتف، أو تلك البسيطة المتحررة بعفوية عند الجذع والأطراف، أو تلك التي تتجمع ثنايها عند ساق المرأة بخفر أنيق، أو التي تتركز ثنايها من بداية الفستان حتى نهايته عند المنتصف، مقدما بذلك تشكيلة لا تختلف عليها الأذواق، ولا تبتعد عن المرغوب والقابل للارتداء.
تنوّعت المجموعة بين التصاميم الشديدة الكلاسيكية التي بدت كما لو كانت من القرن الـ16، بألوانها المعتقة الأنيقة، إضافة إلى تلك الراقية العصرية بقصّاتها، الكلاسيكية بتأثيرها، والتي تتناسب مع معظم الأذواق، بالإضافة إلى التسريحة الكلاسيكية التي أضفت سحراً تاريخياً مختلفاً على التصاميم.
عروس الذهب الأبيض
تميّزت عروس إيلي صعب في عرضه الأخير بفستانها المشعّ من قماش البروكار المعرق والمزيّن بالورود والشذر، بينما أعطته الخامة التماعة مميزة، جعلت لونه أقرب إلى لون الذهب الأبيض، ما جعل العارضة تتهادى بفخامة أنثوية شديدة، كما تميّز قميص فستان الزفاف بالبساطة الشديدة في القَصة التي كانت أشبه بقميص عادي طويل الأكمام من الدانتيل المخرم المزين بحبات متناثرة من الورود، ببساطة شديدة، قدم فساتين سهرة عدة أكثر تعقيداً منها، إلا أن التميز وابتكار الفكرة جاءا في خمار العروس الذي اتصل بمرونة وعفوية بحزام الفستان العريض من قماش البروكار ذاته الذي صنعت منه التنورة المغطاة بطبقة خفية من الكرينولين الخفيف، كما تميّز الخمار ببساطته من دون تزيينه بتاج لتتزين أذياله بإتقان وحرفية شديدة بالدانتيل، مفضلاً صعب أن يعزّز فخامة التصاميم بتداخل الخامات بدلاً من تداخل التطريزات والكريستالات. |
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news