حدّث عبدالملك بن عمير الليثي فقال: بينما نحن في المسجد الجامع بالكوفة إذ أتى آتٍ فقال: هذا الحجاج قد قدم أميراً على العراق.
فإذا به قد دخل المسجد معتماً بعمامة قد غطى بها أكثر وجهه، متقلداً سيفاً، متنكباً قوساً، يؤم المنبر، فقام الناس نحوه حتى صعد المنبر، فمكث ساعة لا يتكلم، فلما رأى عيون الناس إليه حسر اللثام عن فيه، ونهض، فقال: أنا ابن جلا وطلاع الثنايا متى أضع العمامة تعرفوني
ثم قال :يا أهل الكوفة، أما والله إني لأحمل الشر بحمله، وأحذوه بنعله، وأجزيه بمثله، وإني لأرى أبصاراً طامحة، وأعناقاً متطاولة، ورؤوساً قد أينعت وحان قطافها، وإني لصاحبها، وكأني أنظر إلى الدماء بين العمائم واللحى تترقرق، أما والله لتستقيمن على طريق الحق أو لأدعن لكل رجل منكم شغلاً في جسده! وإن أمير المؤمنين أمرني بإعطائكم أعطياتكم، وأن أوجهكم لمحاربة عدوكم مع المهلب بن أبي صفرة، وإني أقسم بالله لا أجد رجلاً تخلف بعد أخذ عطائه بثلاثة أيام إلا سفكت دمه، وأنهبت ماله، وهدمت منزله. |