«رعد مداري».. منسوب الضحك بانخفاض

الحرب بين الحقيقة والتمثيل.آوت ناو
 
فيلم Tropic Thunder «رعد مداري» الذي يعرض حالياً في دور العرض المحلية يدعو المشاهدين إلى مساحة من الضحك والكوميديا، هذا ما عليهم توقّعه، مادام يجمع بين كل من ستيلر وجاك بلاك وروبرت دوناي جي آر، وعليه؛ فإن كل واحد منهم له أن يتقاسم مع الآخر قالب حلوى الكوميديا الذي أسهموا في إعداده، وسبق بحملة إعلامية لفتح الشهية، وتهيئة المستهلك المسكين لالتهام الفيلم، والتمتّع بتنويعات على كريما المواقف الهزلية والمفارقات المضحكة، مع القبول تحت وطأة انخفاض منسوب الضحك في العالم بالتهريج، وغير ذلك من عتاد كثيراً ما يستعمله أولئك الممثلون.

 

النتيجة لم تكن لمصلحة رفع منسوب الضحك، بل لتأكيد ندرته ومواسم القحط المتوالية التي تطال أفلام الكوميديا، لا، بل إن المشاهد وبعد نصف الساعة الأولى من فيلم «رعد مداري» سيجد نفسه في حيرة مطابقة لحيرة صانعي الفيلم، أي بين ستيلر تحديداً مادام أخرج الفيلم، وأسهم في كتابة السيناريو، فالتخبّط على أشدّه بين تقديم فيلم مشوّق، من دون تشويق، أو كوميديا، من دون كوميديا.

 

يجد ستيلر في تقديم فيلم يتحرك قرب عدد من الأفلام شيئاً جديداً، رغم تكرار ذلك إلى ما لا نهاية، فضيلة الفيلم الرئيسة أن يبدأ بتعريفنا بكل ممثل عبر مجموعات من دعايات الأفلام «تريلر»، وليكون الفيلم من أوله لآخره مبنياً على فكرة مفادها أن هؤلاء الممثلين الذين يصورون فيلماً عن حرب فيتنام، ويعاني مخرج هذا الفيلم من تسلّطهم عليه، يتحوّلون من التمثيل إلى الحقيقة، خاصة بعد الخسائر التي يتسبّب بها تسلّطهم واستهتارهم، وبالتالي؛ غضب المنتج الذي لعب دوره توم كروز بأداء لا شبيه له في كل الأدوار التي قدمها. هذا الغضب يدفع بمؤلف الكتاب المأخوذ عنه الفيلم الذي يحاكي العقيد كيرتز (الشخصية التي قدمها مارلون براندو في رائعة كوبولا «القيامة الآن») إلى الاقتراح على المخرج بأن يضع كاميرات في الغابة، وأن يترك الممثلين في الأدغال ليتدبروا أمرهم، ودفعهم إلى التمثيل كما لو أنهم في معركة حقيقية، الأمر الذي يصير إلى حقيقة، إذ إن المكان الذي ينزلون فيه يكون تابعاً لعصابة أو جيش من مصنِّعي المخدرات، وبالتالي؛ فإن ما يفترض أن يكون فيلماً يصير حقيقة، وتنطلي الأمور على تاغ (بين ستيلر) الذي يظن بأنه سيصير رامبو الأدغال، وحين يهاجمه حيوان مفترس، كما يعتقد، لا يكون إلا دبّ باندا أليفاً، وصولاً إلى وقوعه بأيدي عصابة المخدرات، واكتشافه أن الأمر حقيقة، خاصة عند تعرّضه للتعذيب وصراخه «اقطع .. اقطع» ظناً بأن الأمر مشهد وينتهي.

 

بعد ذلك، تمضي عملية تخليص تاغ من قبَل رفاقه الممثلين الآخرين، الذين يكون لكل واحد منهم قصته، فهذا حائز  الأوسكار لخمس مرات، وذاك مدمن مخدرات، وليكلل هذا الفيلم الحقيقي بالأوسكار، كما سينتهي عليه الفيلم. يبدأ الفيلم بمحاكاة فيلم أوليفر ستون «بلاتون» وينتهي أيضاً، وتحديداً اللقطة الشهيرة للرقيب إلياس (وليم ديفو)، ويستعين أيضاً بمحاكاة فكاهية للقطات كثيرة من «القيامة الآن» مثل استخدام الثور، وشخصية فور ليف (نيك نولتي)، كما أن «كليشهات» السينما الأميركية لا تغيب عن كل ما قدمه الفيلم، لكن بما يدفع للحيرة، بمعنى: هل كانت موجودة فيهللتندّر عليها أم للاحتفاء بها؟ الأمر غائم ومعلّق، وليس لأحد أن يعرف. 

 

تويتر