وليم ديفو.. وحــيــداً في أرض المعركة
|
|
تركه رفاقه وحيداً في أرض المعركة، صعدوا إلى طائراتهم المروحية وراحوا يشاهدون من أعلى كيف ينهمر عليه الرصاص وهو يحاول الهرب، إلى أن اخترقته رصاصات كثيرات لم يعد منها قادراً على أن يواصل الحياة، فيموت رافعاً يديه إلى الأعلى في محاولة يائسة وأخيرة لأن يصل إلى الطائرات التي كانت قد حلقت عالياً وكل رفاقه يشاهدون موته من الأعلى.
إنه الرقيب إلياس والممثل وليم ديفو في فيلم «بلاتون» لأوليفير ستون، إنه ديفو نفسه الذي قـــدم دور المسيح، كما كتبه نيكوس كازانتزاكـــس في «الإغواء الأخير للمسيح»، وقدمه مارتن سكورسيزي في فيلم اجتاحـــته عاصفة من الجدل.
الحديث عن هذا الممثل الأميركي يأتي فجأة مثل أدواره التي تعود خلسة وعلى رؤوس الأصابع لتوقظ ما كان عليه في ذلك الفيلم أو ذاك، في أدوار بطولة وأخرى ثانوية. ديفو مرتبط أيضاً بسلسلة أفلام «سبايدر مان»، ففي داخله يتحرك «غرين غوبلين» وغيرها من شخصيات، كان يمضي إلى تجسديها خارج أميركا، فهو معروف بأنه من الحاضرين بقوة في السينما الأوروبية من خلال 18 دوراً قدمها في أفلام أوروبية، ولعل آخر ما قدمه كان دوراً وجيزاً في الفيلم الفرنسي «أحبك يا باريس»، حيث لعب دور «الكاوبوي»، وفي جديده المقبل فيلم ايطالي بعنوان «رماد الزمن» إخراج ثيودور انغلوبولس، ويجمعه مع هارفي كيتل وايرين جاكوب، وإلى جانب هذا الفيلم هناك آخر بعنوانCirque du Freak (سيرك الخائف) له أن يعيد إلى الواجهة «الهولوكست»، هذا إن غابت يومياً عن الشاشة الكبيرة، في انتاج أميركي ألماني اسرائيلي مشترك، ولعل هذا الانتاج المشترك مغر بتشريحه، كأن يكون الانتاج الأميركي على جاهزيته لاستقبال المزيد من مآسي «الهولوكست»، والألماني على عقدة الذنب المتأصلة، بينما الاسرائيلي الذي لا يتوانى لحظة عن تصعيد هذه المأساة وجعلها على حضور متواصل دون انقطاع في كل الوسائل الفنية والإعلامية، بوصفه ضحية العالم الحديث، التي يحق لها أن تخلق من الضحايا ما يليق بحجم ما ألم بالشعب اليهودي على يد النازيين.
يمكن اعتبار ما تقدم خروجاً عن موضوعنا ونحن نتحدث هنا عن وليم ديفو، المهوس بالأغذية العضوية، ولعل في بنيته ما يوحي بذلك، إضافة إلى هدوئه، ورغبته العارمة التي يحتكم إليها كل النجوم بالحياة حياة طبيعة من دون ملاحقة المعجبين والمعجبات، ولتكون مع ديفو على قدر أكبر يكاد لا تخلو منها لقاءاته.
تخطى ديفو الخمسين بثلاث سنوات، ولم تتوج مسيرته بـ«أوسكار» لا على دور ثانوي ولا رئيس، على الرغم من ترشحه مرتين، المرة الأولى عن دوره في فيلم «بلاتون» الذي بدأنا به، على الرغم من حصد هذا الفيلم عام 1987 لأربع أوسكارات. المرة الثانية التي رشح فيها ديفو كانت عام 2001 عن دوره في فيلم «ظل مصاص الدماء» الذي جمعه مع جون مالكوفيتش. يحب ديفو التنويع في أدواره، ويجد أن قيامه بذلك يشكل شيئاً من التوازن في داخله، ويشبه الأمر بالمعكرونة، فأن تأكلها على الدوام أمر يدفع لليأس، وعليه يجد في التغيير أمر صحياً على الدوام، ويقول في السياق نفسه إن القول إن للمثل خياراته أمر مضحك، فهو يؤمن «بأن الدور يأتي إليك، أو تذهب إليه». |