من المجالس

عادل محمد الراشد

 

المشاهِد البريطاني الذي طالب باسترداد نقوده اعتراضاً على مستوى العرض المسرحي الذي حضره ولم يعجبه، يفتح الباب لمناقشة سلوك يكاد يكون غائباً عن مجتمعاتنا العربية.
وهذا السلوك ليس سلبياً، بل هو من صنف السلوك الإيجابي الذي تجاهلناه ورحنا نطارده إلى جحر الضب في الشاذ والساقط والغريب والمنحرف من أنماط السلوك. والخبر لمن لم يطلع عليه في زاوية «سكيك» المنشورة أمس يقول: إن المشاهد البريطاني طالب باسترداد 100 درهم قيمة بطاقة مشاهدة عرض مسرحية «عجاج 2020»، بعدما أبدى استياءه الشديد من مستوى العرض الفني. وقال: «حينما وجدت أن فريق العمل يضم خبرات بريطانية تحمست لمشاهدة العرض، لكني صدمت في قاعة مسرح دبي الاجتماعي بتدني المستوى الفني للعمل الذي ندمت على إضاعة وقتي في مشاهدته».
 
وقد يقول قائل إن الموضوع لا يستحق كل هذا التصعيد من المشاهد الذي يكفيه الخروج من المسرح حفاظاً على وقته الثمين. وقد يزيد آخر بتأويل الأمر من باب الفكرة المأخوذة عن الإنجليز في درجة الحرص على المال.

 

وقد يضيف ثالث أن الرجل «ما عنده سالفة» و«شايف عمره»، وغيرها من نعوت الاستنكار؛ لأن الرجل أصرّ على إثبات حقه في أنه دفع وأراد مقابلاً يستحق قيمة ما دفع.

 

وهذا هو مربط الفرس في توجيه سلوكنا الاستهلاكي. وموضوعنا هنا ليس العرض المسرحي ومستواه الفني، لا من باب المدح ولا القدح؛ لأنني لم أحضر العرض وبالتالي لن أسجل مرافعة دفاع أو ادعاء عليه. لكنه الموقف والسلوك المبني عليه، فالرجل ذهب واقتطع جزءاً من ماله ووقته، وعند الكثير من أولئك القوم للوقت قيمة أغلى بكثير من المال، ولكنه لم يقتنع.. بل صُدم، على حد رأيه، من المستوى الفني، فأراد أن يسجل موقفاً، وأراد أن يكون التعبير عن هذا الموقف بأقصى حدود التعبير المشروع، فطالب بالـ 100 درهم، وأحسب أنها قيمة الموقف أكثر منها قيمة للتذكرة.


تصوّروا لو صار هذا السلوك جزءاً من ثقافة عامة في مجتمعنا، هل كنا سنحصل على أقل الخدمات مستوى بأعلى الأسعار؟ وهل كنا سنأخذ أقل البضائع جودة  بأغلى الأسعار؟ وباب الأسئلة مفتوح. درسٌ بريطاني، ولكن ليس على طريقة ميشيل بالمر التي ارتكبت فعلاً خادشاً على أحد شواطئنا.
 
 

adel.m.alrashed@gmail.com

 

 

تويتر