من المجالس

عادل محمد الراشد

 
مُبارك عليكم الشهر، وعساكم وإيانا والمسلمين من عوّاده.. من صائمي نهاره، وقائمي لياليه، ومؤدّي حقوقه. وجعلنا وإياكم والمسلمين من الفائزين.. بجميع درجاته، والمتمّمين لكامل أضلاعه، بالفوز في أوله بالرحمة وأوسطه بالمغفرة وآخره بالعتق من النار. وجعل رمضان على قلوبنا وقلوبكم خفيفاً كنسمات «الكوس» المنعشة في هذه الأيام المشمسة، وعافانا وإياكم والمسلمين من زفرات الملل، وتكشيرة الضجر، والوقوع في تهمة النفاق. إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.

 

مبارك عليكم الشهر.. عبارة رددها الأولون، ونردّدها خلفهم، ونرجو أن يظل مَن يأتي بعدنا يرددها بروح البهجة ذاتها، ولهفة اللقاء، فلا تفقد فصاحتها، ولا تغادر لسانها ولا تستسلم لرياح السموم المعولمة على طريقة «هابي نيويير» فيصبح رمضان «رمدان»، وتتفكك حروف العبارة كما تتفكك الآن الكثير من تفاصيل الأصالة.

 

مبارك عليكم الشهر.. هكذا من دون تعريف؛ لأن المعرَّوف لا يُعرَّف. ومن بين شهور السنة يتّد شهر رمضان ليصبح وحده المكتفي بألف ولام التعريف، من دون الحاجة إلى الإشارة إلى اسمه. فهو المتفرد بعبادة ربطها ربّ العزة - تبارك وتعالى - بذاته العليا، فقال على لسان نبيه الكريم - صلى الله عليه وسلم: «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به..»، إلى آخر الحديث. وهو المتفرد بجزاء سائر الأعمال عن سائر شهور السنة، والمتفرد بنزول الوحي، وبداية إطلاق الرسالة الإلهية الخاتمة لهداية البشرية. لذلك رسخ هذا الشعور بتفرد شهر رمضان، فارتبط بوعي المسلمين على مر العصور والأزمان على أنه شهر الرحمة، وشهر تجديد العلاقة مع السماء، وشهر إعادة ترتيب الأولويات، وشهر التفريق بين المسموح والممنوع في إدارة الإنسان لدولاب حياته. فهو - إن صح التعبير - شهر إعادة الولادة لمن يبحث عن عمر جديد، يبدأ فيه عهد جديد.

فيا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر.  

 

adel.m.alrashed@gmail.com

تويتر