شائعات نجوم رمضان.. كذب مُباح فنيــاً

 يسرا: وراء معظم الشائعات أصحاب مصالح خاصة.      تصوير: محمد شاهين


تترد شائعات في مواسم محددة منها شهر رمضان، حول الممثلين، وتنتشر بين مختلف الأوساط. وغالباً يتهم بتلفيقها ممثلون وجهات إعلامية وإنتاجية. ومن تلك الشائعات واحدة تقول إن الفنانة المصرية يسرا تركت موقع التصوير فجأة، وهددت بالانسحاب من مسلسل «في أيدٍ أمينة» الذي تجسّد فيه دور أمينة ذاتها، وهو ما يهدّد بوقف العمل الذي تكلف 20 مليون جنيه مصري.
 
بوسي وداليا البحيري ورانيا يوسف ينجين من الموت غرقاً بعد انقلاب قاربهن الصغير في محافظة قنا في أثناء استعدادهن لتصوير بعض مشاهد المسلسل الرمضاني «رمانة الميزان»، وهي شائعة ترددت إثر أخرى تفيد بأن رانيا يوسف تلقت صفعة قوية على وجهها من منتج مسلسل «واحدة من الزمان ده» بعد تعاملها بغرور مع الفنانة خيرية أحمد، وإصرارها على تقاضي مليون جنيه كاملة، نظير اشتراكها في العمل، لكن الخبر لم ينس أن يؤكد أن الصفعة أعادتها إلى رشدها، مغفلاً أن أي ممثل ملزم بالاستجابة للعقد الموقّع سلفاً مع المنتج وإلا تعرّض لإيقاف من نقابة المهن التمثيلية التابع لها. أما غادة عادل التي تقوم ببطولة مسلسل فتعاني من مرض خطير قد يضطرها إلى اعتزال التمثيل ليكون هذا العمل بمثابة فرصة أخيرة لكي يودع المشاهد ملامح الفنانة المرشحة للاعتزال.

 

من عشرات الشائعات التي «يتصادف» دائماً شيوعها قبيل وأثناء شهر رمضان الكريم، من دون أن تصدر بشكل مباشر على لسان طرف بعينه، تحت عناوين فضفاضة في الغالب تزعم أنها ترصد كواليس مواقع التصوير، على الرغم من أن معظمها في نهاية الشهر الكريم  يتم التعامل معه على أنه لم يكن بالأساس، أو يتم نفيه بعد أن يكون تم تناقله بين عدد كبير من وسائل الإعلام لافتاً أنظار القارئ إلى اسم المسلسل الجديد في ظاهرة انتقلت عدواها من السينما إلى الشاشة الصغيرة، بعد أن تحوّل للأخيرة معظم رؤوس أموال المنتجين بسبب سياسات المنتج المنفذ التي أغدقت أموال الفضائيات على لاعبين جدد في مجال الدراما التلفزيونية.


في الطليعة

وتشير إحصاءات مواقع وسائل الإعلام، وفي مقدمتها المواقع الإخبارية الإلكترونية، إلى أن شائعات النجوم تأتي دائماً في طليعة الأخبار الأكثر قراءة؛  ما يعني أنها توفّر للمنتج حملة إعلانية شديدة الجدوى مالياً، لا سيما قبيل شهر رمضان، في الوقت الذي تسعى فيه إدارات القنوات الفضائية إلى تعاقدات بأي ثمن مع أكثر الأعمال التي تحظى باهتمام المشاهدين، لتصبّ الدعاية المجانية بشكل مباشر في خدمة المنتِج الذي يملي شروطه المادية حينها.

 

منافسة

الفنان القدير محمود ياسين الذي يغيب منذ فترة لظروف صحية عن المشاركة في أعمال تلفزيونية رأى أن الفنان ليس من يقف خلف الأخبار الملفقة التي تمسّ في بعضها صميم حياته الشخصية، مضيفاً  «في الموسم الرمضاني تشتدّ المنافسة بين الممثلين للفوز بأدوار جيدة في أفضل الأعمال المطروحة، وهي منافسة تنتهي بمجرد توقيع العقود، وقبيل التصوير، لذلك؛ فإن ما يتم تداوله بعد ذلك لا يخدم الغرض المباشر للفنان، وإن كان يصب بالضرورة في مصلحة إحداث نوع من الجدل الذي يلفت أنظار قنوات فضائية مازالت مشغولة بجدول بثّها الرمضاني».

 

في الاتجاه ذاته أيضاً ذهبت الفنانة روجينا التي تحافظ دائماً على وجودها في عمل مهمّ خلال شهر رمضان، مضيفة «كنا نسمع سابقاً قبيل استقبال دور العرض السينمائية أخباراً عن البطل أو البطلة معظمها متعلّق بزواج أو طلاق أو قصة حب، الآن أصبحنا نستمع إلى قصص أوسع خيالاً بعد أن انتقلت العدوى من السينما إلى التلفزيون»، وقالت أنه «لا يمكن الإشارة إلى عنصر وحيد فقط هو ما يقف وراء تلك الأخبار الملفقة التي تتعدد أطرافها، من شركة إنتاج إلى وسط فني يجمع الممثلين محور الشائعات بآخرين منافسين، فضلاً عن بعض الأقلام الصحافية التي لا تهتم بتوثيق المعلومة، بقدر اهتمامها بالبحث عن المثير من الأخبار ونشرها من دون دقة أو تحرٍ لصدقيتها».

 

مصالح

نفت يسرا نفت الشائعات التي دارت حولها، سواء قبيل أو في اثناء تصوير «في أيد أمينة» وخلافها مع الكاتب وحيد حامد الذي كان يعدها بعمل رفضت من اجله العديد من العروض، مضيفة «جعلوني سبباً في تأخير تصوير (في أيد أمينة) هذا العام بالكيفية نفسها التي افتعلوا بها المشكلات التي لم تحدث أيضاً بيني وبين الممثلة الشابة لقاء الخميسي العام الماضي في توقيت مشابه قبيل عرض مسلسل (قضية رأي عام)»، مستطردة «ربما لبعضهم مصالح خاصة في الترويج لمثل تلك الشائعات التي لا يمكن من وجهة نظري أن تكون دعاية جيدة لأي عمل فني تلفزيونياً أو سينمائياً»، مصرّة الا تفسر بدبلوماسيتها المعهودة في تصريحاتها ما تشير إليه بلفظة البعض لاسيما أن العمل أنتجته بشكل أساسي مجموعة العدل غروب.

 

الفنان هاني سلامة يعد من أكثر الفنانين الشباب الذين طالتهم حملات الشائعات، وبشكل خاص في فترة انتشاره الأولى، ومعظمها دارت حول أخبار حب وخطوبة وزواج بينه وبين من يجسدن امامه أدوار البطولة النسائية، أكد  أن «الفنان لا يمكن أن يكون مصدراً لأخبار تسبب له إرباكاً وتوتراً في علاقته بالجمهور حتى وإن صبّ ذلك في خانة الجدل الدعائي حول العمل»، معتبراً أن «بعض أصحاب المصالح هم في الغالب من يقف وراء نشر تلك المغالطات» من دون أن يسمي أيضاً من يقصد بالبعض.

 

من المستفيد؟

المنتج المصري الشهير كامل أبو علي أقرّ بأهمية الدعاية المسبقة لأي منتج درامي، سواء تعلّق الأمر بالتلفزيون أو السينما، لكنه أكد في الوقت نفسه ضرورة التحلي بقيم الصدقية والشفافية في نقل المعلومة الإعلامية، معتبراً أنه «يجب البحث دائماً في هذه الحالة عن المستفيد من صناعة الخبر، لا سيما حينما يتعلق الأمر بشخصية عامة ومحببة إلى الجمهور مثل النجوم»، نافياً أن تكون هناك فائدة تذكر لأي جهة إنتاجية من وراء نشر شائعات تتعلق بكواليس التصوير .

 

المنتج السينمائي جابي خوري لم ينف أن «هناك بالفعل من يختلق أخباراً تتعلق بالممثلين الرئيسين في العمل الدرامي بهدف خلق حالة من الاهتمام الإعلامي بالفيلم أو المسلسل»، لكنه أكد في الوقت ذاته أن «البعض يعتبر مثل تلك الأخبار بمثابة الكذب الأبيض، وآخرين يرونها بمثابة ملح ضروري إضافته لتمرير أخبار العمل الدرامي وإيجاد مسوّغ إعلامي لتكرار الحديث عنه».

 

المطرب الشعبي سعد الصغير قال أن هناك كثيرين في الوسط الفني يلجأون إلى تذكير الجمهور بوجودهم عن طريق افتعال «الحواديت» على حد تعبيره، لكنه أكد أيضاً أن «الإعلام نفسه يلجأ إلى اختلاق قصص غير حقيقية حول النجوم من أجل جذب القارئ وتشويقه»مستشهداً بفبركة إعلامية تعرّض لها حسب روايته جعلت بعضهم ينشر صوراً لامرأة وأطفال لا يعرفهم على أنها أسرته، مستطرداً «لا أحد ينظر إلى اختلاق أخبار الوسط الفني على أنها كذب.. ومعظمهم يعتبرونها كذباً مباحاً لأن أطرافها ببساطة بعض المتورطين الأساسيين في صناعتها».

 

مواسم

من يتتبع معظم شائعات الوسط الفني سيجد أن هناك موسمين لرواجها: أولهما، صيف خاص بشائعات الممثلين والممثلات الذين لهم أعمال سينمائية تدخل في منافسة شرسة مع نظيرتها على شباك التذاكر في ذروة الموسم السينمائي، وثانيهما، يسبق شهر رمضان بقليل، وبالتحديد في أوقات شراء القنوات الفضائية مسلسلات رمضان من شركات الإنتاج الفني في حركة تجارية ضخمة أضحت تدار بمئات ملايين الدولارات عربياً.

 

وبعيداً عن الإعلانات المدفوعة الأجر التي تترفع عنها معظم شركات الإنتاج تصبح وسائل الإعلام على اختلاف أنماطها مرتعاً خصباً لشائعات محصلتها ترويجية لتسويق العمل ومعظمها مجهولة المصدر يدّعي ناقلوها أنهم راصدو كواليس التصوير وناقلون أمينون لأحداث وقعت لا يتم تكذيبها إلا بعد الانتهاء من تسويق العمل وإذاعته،ومع بدء الترويج لفيلم او مسلسل آخر بقصص أخرى يتم نفيها لاحقاً في إطار من شائعات يتم وسمها بأنها من قبيل «ملح الأخبار» أو«الكذب الأبيض» الذي تفرضه ضرورات التسويق.

تويتر