الأم.. آخر الصديقات أحياناً

الحوار بين الأم والابنة لا يقود إلى نتائج أحياناً.أرشيفية


يلعب الحوار بين الأم وابنتها المراهقة دوراً أساسياً وفق تقارير اختصاصيي علم النفس، فهو يقلص فارق العمر بين الجيلين،ويساعد البنات على تعزيز ثقتهن بأنفسهن ويحقق لهن الاستقلالية، إضافة إلى أنه يحافظ على القرب بين الأمهات وبناتهن، مما يعني الاطلاع الدائم على المشكلات والهموم، ما يعني القدرة على التدخل المبكر عند ظهور المشكلات.

 

وقد بين استطلاع إلكتروني أن الأم تأتي في المرتبة الأخيرة على لائحة من ترغب الفتاة بالتحدث إليها، واللاتي بررن النتيجة، بواقع أن الأمهات لا ينصتن إليهن، مما يضع الأصدقاء، وشبكة الإنترنت، السبيل الأول لهن للتخلص مما يحملن من مشاعر سلبية أو الفضفضة عن مشكلاتهن، بينما يرى اختصاصي علم النفس وليد شرف على أحد المواقع الإلكترونية، أن «المراهقات يخسرن كثيراً بابتعادهن عن أمهاتهن، إذ إن القرب من الأم، يقدم الدعم النفسي للنمو، ويخفف من مشاعر الكبت والقلق والخوف»، محدداً عدداً من المفاهيم الخاطئة التي تعوق الحوار بين الأم وابنتها من أبرزها، التعليقات الجارحة أو الاستهزاء بكلام المراهِقة، وكثرة مقاطعتها وعدم الاكتراث بها، وإصدار الأحكام المسبقة قبل الانتهاء من الحوار، والاتهام المباشر واللوم والتهكّم واستخدام الألفاظ النابية أثناء الحديث.

 

بينما تتضمن أسباب انزعاج الأمهات من بناتهن، العناد، حيث تتعمد الفتاة عناد أمها دون سبب، لمجرد أن تثبت لنفسها ولمن حولها أنها فتاة ناضجة وذات شخصية مستقلة، حتى وإن كان العمل مفيداً لها، بالإضافة إلى الانتقاد، متخذة بذلك مكان الأم بتوجيه الانتقادات اللاذعة لمن حولها، منطلقة من والدتها، ابتداءً بملابسها، وانتهاءً بالأسلوب الذي تعامل به الآخرين، كما تعتبر الخصوصية أحد أسباب انزعاج الأم من ابنتها، حيث تفضل الفتاة في هذه المرحلة أن يعرف الجميع بأن لها خصوصيتها واستقلاليتها التي لا يحق لأحد التدخل فيها معتبرة والدتها إنسانة متطفلة إذا حاولت التعرف إلى صديقاتها أو التعرف إلى ما يدور في أيامها.

 

ويعتبر الاستفزاز، أكثر ما يزعج الأم، حيث تلجأ الفتاة إلى استفزاز أمها وإثارة المشكلات لإحداث ثورة غضب ضدها لمجرد الظهور وأحياناً تتمادى الفتاة في القيام بأخطاء كثيرة فقط لمجرد إثارة غضب من حولها وبالذات الأم، بالإضافة إلى التعاون الذي ترفض الابنة تقديمه لوالدتها ملقية باللوم دائماً عليها في حال وجود أزمة والحاجة لها في العون، كما تعتبر الانطوائية أحد أكثر الأمور التي تعاني منها الأم، التي تشعر أنها في عزلة دائمة عن ابنتها، وبأنها مصدر خجل للابنة، بينما تنطوي الفتاة حتى في المناسبات العائلية وتظل عابسة غير اجتماعية مع الآخرين مما يثير انزعاج الأم، التي يثير غضبها طريقة اختيار الابنة لملابسها أيضاً، فانشغال الفتاة بالموضة وجديدها يثير ضيق الأم التي ترى انحصار تفكير ابنتها فيما تلبس فقط، خصوصاً تلك التي تنافي اللائق والعادات والتقاليد.

 

إن أكثر ما يهم الأم هو صحة أبنائها، بينما تتعمد الفتاة تجاهل نصيحة الأم ورغبتها في أن تتناول الصحي من الطعام، مكثرة بذلك من الوجبات السريعة والأكلات الضارة للجسم، متجاهلة قلق الأم على صحتها، إضافة إلى عصبية المزاج الشديدة التي تبقى الابنة تحت تأثيرها فترة طويلة، والتعامل بمزاجية مع أفراد المنزل، بينما يتعمد بعضهن إحداث المشكلات والمشاحنات مع أخواتهن للتنفيس عن غضبهن الذي يعود بتأثيره السلبي في الأم ونفسيتها وقدرتها على السيطرة في النهاية، كما تعتبر إضاعة الوقت وعدم الاستفادة من أوقات الفراغ أحد الأمور التي تثير انزعاج الأم.

 

ويشدد شرف على أن «معطيات العصر المغرقة بالرقمية أثرت في العلاقة بين الأم وابنتها المشغولة بالكومبيوتر والهواتف»، منبّهاً الأمهات إلى ضرورة أن تشعر الفتاة باستمرار بأن أسرتها هي ملاذها لمواجهة المشكلات التي تعترضها، وأهمية معاملة الأم لابنتها بحب، حتى عند إقدامها على الخطأ، وحرصها على معاقبة السلوك الخاطئ من ابنتها، وليس معاقبة الابنة، وألاّ تتحول المشكلات التي تواجهها الأم مع سلوكيات الابنة إلى مشكلات شخصية معها هي، فـ«الحوار الإيجابي مع المراهقات يحميهن من الانزلاق في الانحراف بشكل أكبر، خصوصاً مع وجود مجموعة كبيرة من الأصدقاء والبيئة الخارجية، التي قد تعتمد عليها الفتاة للتنفيس عن مشكلاتها متحولة إلى مرجعية لهن، وهي مرجعية غير مؤهلة للقيام بتلك المهمة التي تحتاج إلى خبرة وحكمة».

 

تويتر