صناعة الدواجن المحلية مهددة بالإفلاس
|
|
ارتفاع ملحوظ في تكاليف الإنتاج أدى إلى زيادة أسعار الدجاج في الأسواق. أ.ف.ب أفاد أصحاب شركات دواجن محلية بأن «إغراق السوق المحلية بالدجاج السعودي والكويتي الذي يورد إلى الدولة بأسعار منافسة يهدد صناعة الدواجن المحلية، ويعرضها للإفلاس، في ظل ارتفاع كلفة مدخلات الإنتاج محلياً، مقارنة بالدعم الذي توجهه حكومات خليجية لمزارعها».
ويأتي «اعتراض أصحاب مزارع محلية عقب بدء شركات غذائية كبرى في توقيع عقود توريد طويلة الأجل مع شركات منتجة للدواجن في دول مجاورة، وكذا استقبال شحنات منها، لا سيما السعودية والكويت، وذلك على خلفية قرارات لشركات محلية برفع أسعار منتجاتها من الدجاج الطازج والمجمد أخيراً».
وأعربوا عن تخوفهم من عدم قدرة صناعة الدواجن المحلية على مواجهة منتجات نظيرتها القادمة من دول خليجية مجاورة، لا سيما أن المحلية تتكبد خسائر كبيرة وفوارق سعرية في المحروقات وشرائح استهلاك الكهرباء والمياه، وكذا الإيجارات المرتفعة.
واشتكى العاملون في قطاع صناعة الدواجن محلياً، من «الارتفاعات المستمرة في أسعار المواد الخام والأعلاف، خصوصاً الذرة الأصفر والصويا والزيوت، إذ ارتفع سعر طن الذرة من 555 إلى 1350 درهما، بنسبة زيادة قدرها 143.2%، فيما ارتفع سعر الصويا من 888 درهماً للطن إلى 1900 درهم بنسبة زيادة قدرها 114%، كذلك الارتفاع الكبير الذي لحق بأسعار زيت النخيل (الداخل في خلطة الأعلاف) من 2200 درهم إلى 5500 درهم، بنسبة زيادة 150%، خلال الفترة نفسها، الأمر الذي أوقع أصحاب مزارع في خسائر مالية كبيرة».
وأكد وكيل وزارة الاقتصاد، محمد عبدالعزيز الشحي، أن «الوزارة تشجع المنافسة التي لا تضر بالمصلحة الوطنية، فيما نضع في اعتبارنا تحقيق توازن ما بين التاجر والمستهلك»، قائلاً إنه «لم يثبت إلى الآن وجود أية حالة إغراق، فيما تضم الوزارة قانونيين ومسؤولين يدرسون ملف إغراق الصناعات الوطنية، ويجرون تنسيقاً مع مكتب مكافحة الإغراق الخليجي في هذا الصدد». ودعا الشحي أصحاب المزارع إلى «معرفة كيفية المنافسة والتصدير للخارج عبر دراسات تقلل من تكاليف التشغيل».
تكاليف الإنتاج وتفصيلاً، قال مدير التسويق في شركة «فروج الوادي»، ذكي محمد، إن «شركات دواجن محلية بحاجة إلى من يدافع عنـها، لا سيما في ظل الارتفاع اللافت في أسعار المواد الخام وتكاليف التشغيل الأخرى».
وقال المدير الفني لمزرعة «الخزنة للدواجن»، الدكتور أيمن فتحي، في وقت سابق إن «سعر كيلو الدجاج ارتفع من 8.7 دراهم خلال العام الماضي، إلى 12 درهماً منذ بدء العام الجاري، بصورة خارجة عن إرادة أصحاب المزارع»، معتبراً أن ذلك «نتيجة مباشرة لارتفاع تكاليف دورة الإنتاج، وأسعار الأعلاف، وبيض التفقيس، إذ كانت البيضة تباع بسعر درهم واحد، ووصلت أسعارها حالياً إلى 2.25 درهم، علاوة على ارتفاع أسعار مواد التعبئة والتغليف بنسبة وصلت إلى 40%».
واعتبروا أن دخول كميات من الدجاج من المملكة العربية السعودية ودولة الكويت، سيزيد من معاناة هذه الصناعة محلياً، لا سيما أن حكومات بعض دول الخليج تدعم الصناعة لديها، وتقدم لها تسهيلات، مثل دعم استهلاك الصناعيين للكهرباء والمياه، وتقديم التسهيلات والأراضي لهم، وغير ذلك، ما سينعكس إجمالاً على أسعار المنتجات الواردة من هذه الدول، وتالياً تغرق المنتجات الأخرى المصنعة محلياً، ويدفع بعضها إلى الإغلاق.
وذكر ذكي أن «أسعار الفيتامينات والمواد والمنتجات البيطرية، من مضادات الأكسدة والفطريات والأمصال واللقاحات ومواد تطهير المزارع من الفيروسات، ارتفعت هي الأخرى بنسبة وصلت إلى 40% في بعض الأحيان، إذ ارتفع سعر فيتامين (سي) على سبيل المثال من 35 درهما للكيلوغرام إلى 150 درهماً، ما خلق جواً عاماً من القلق لدى منتجي الدواجن، لا سيما في مسألة الوفاء بالالتزامات مع عقود التوريد مع الفنادق وبعض المؤسسات، بالإضافة إلى تعرض بعض المزارع لغرامات ووقوعها في مخالفات بلدية، جراء محاولات لرفع الأسعار، وتقدر هذه المخالفات في أسوأ الظروف بـ10 آلاف درهم للمخالفة الواحدة». ولاحظ ذكي، أن «ما يقرب من 85% من صناعة الدواجن محلياً تعتمد على الأعلاف، فيما زادت أسعار الأخيرة بنسب زادت عن 100% أخيراً، فيما تعتبر منتجاً لا يصنع محلياً، الأمر الذي أوقع ببعض شركات الدواجن في خسائر مالية خلال الربعين الأول والثاني من العام الجاري».
الإفلاس والإغلاق وأكد مصدر مسؤول في شركة مزارع الغرير فضل عدم ذكر اسمه، أن «هناك العديد من مزارع وشركات إنتاج الدواجن والبيض المحلية وبشكل خاص الصغيرة والمتوسطة منها مهددة بالإغلاق والخروج من الأسواق في ظل فتح الاستيراد من دول خارجية تقدم وسائل دعم مختلفة لعمليات الإنتاج لديها».
وأوضح أن «صناعة إنتاج الدواجن والبيض المحلية تواجه تحديات ارتفاع تكاليف الإنتاج بمعدلات كبيرة بشكل لا يمكنها من مواجهة المنتجات التي يتم استيرادها من أسواق مجاورة بأسعار منخفضة»، مشيراً إلى أن «هناك فروقا شاسعة بين تكاليف إنتاج مزارع الدجاج السعودية التي يتم الاتجاه للاستيراد منها وبين المزارع المحلية على مستويات عدة أبرزها أسعار الأعلاف التي تشكل نحو 60% من أساس صناعة إنتاج الدواجن والبـيض».
وأضاف أن «طن الأعلاف في الأسواق المحلية يتم بيعه بسعر يبلغ 1900 درهم بينما يباع في الأسواق السعودية بأسعار تبلغ 700 ريال فقط للطن بعد دعمه بوسائل مختلفة»، مشيرا إلى أن «أسعار الأعلاف في الأسواق المحلية ارتفعت بنسب تبلغ نحو 30% منذ بداية العام الجاري».
أسعار مرتفعة وقال إن «تكاليف الإنتاج والتشغيل للمزارع تختلف بالنسبة لأسعار الديزل في الأسواق المحلية مقارنة بالمملكة العربية السعودية التي تقوم بدعمه، بينما يباع في أسواق الدولة بأسعار مرتفعة، على الرغم من عودة مؤشراته لما يقرب من سعر 16 درهما للغالون، إلا أنه مازال مرتفعا مقارنة بالأسعار السعودية وبأسعاره المحلية السابقة التي كانت لا تتجاوز نحو 14 درهما».
وأضاف أن «صناعة الدواجن المحلية تعمل بلا حماية في مواجه عمليات الاستيراد من الأسواق الخارجية، بجـانب مواجهتها لمشـكلات الصنـاعة سـواء بالنسبة لارتفاعات الأعلاف على المستـويات العالمية، خصوصاً عقب فرض الهـند الحـظر على تصـدير منتجاتها من الـذرة لتـلبية احتياجاتهـا المحلية ممـا عمل على إحداث أزمة عالمية باعتبـار الهند إحدى الـدول الرئيسة في تصدير الأعلاف».
وأشار إلى أن «المزارع المحلية تطالب منذ فترة بالدعم في مواجهة تحديات منافسة المنتجات الأجنبية التي تحصل على امتيازات حتى من المـؤسسات المحلية في عمليات تداولها، حيث إنه من غير المسمــوح للمـزارع المحـلية باستخدام بعض البروتينات التي تساعد على نمو الدواجن، بينما يتم استخدامها بنطاق واسع بين الشركات الأميركية والبرازيلية، ويتم على الرغم من ذلك تداول منتجاتها في الأسواق من دون أية موانع بسبب تناقضات التعامل وغياب التنسيق بين بعض المؤسسات داخل الدولة».
ودعـا إلى ضـرورة «تحـديد عمليات الاستـيراد مـن الخـارج أو تقـديم وسـائـل الدعم المختلفة لحماية الصناعة المحلية من الإفلاس والإغراق في ظل تعرضها لتكاليف إنتاج مرتفعة على جميع المستويات».
شركة مساهمة قال أصحاب مزارع لإنتاج الدواجن وبيض المائدة في الدولة لـ«الإمارات اليوم»، في وقت سابق، إنهم بصدد إجراء حوار مشترك في ما بينهم، لأجل إنشاء شركة مساهمة مشتركة، عبارة عن مزرعة لأمهات الدجاج التي تنتج دجاج اللحم، من خلال مساهمتهم في رأس مال هذه الشركة، الذي قدروه بنحو 100 مليون درهم، مشيرين إلى أن إحدى شركات الأبحاث، أجرت بحثاً ميدانياً للوقوف على أنسب المناطق في الدولة لتنفيذ هذا المشروع، فيما توصلت إلى أن منطقة «ليوا»، الواقعة في إمارة أبوظبي، تعتبر الأفضل بين المناطق جغرافياً، علاوة على وقوعها في منطقة جافة وأقل رطوبة من غيرها من المناطق في الدولة، لا سيما في فصل الصيف.
وأكدت مصادر عاملة في قطاع إنتاج الدواجن وبيض المائدة، أن «إنشاء الشركة سيؤدي إلى خفض أسعار بيض التفقيس، الذي بدوره سيسهم في التخفيض من تكلفة إنتاج الدواجن عموماً، وبالتالي تخفيض الأسعار، ما ينعكس بشكل إيجابي على المستهلكين». |