رمضان «العصري»
|
|
«رمضاني» و«رمضانية» تعني الانتساب إلى شهر رمضان. وحسب رأي أهل الاختصاص فإن للكلمة معنى في اللغة وآخر في الاصطلاح. أما اللغة فهي كما هي لم تغيرها السنون ولم تبدلها الأزمان. فكل ما ينتسب إلى رمضان يسمى رمضانياً. وأما المصطلح فهو الذي جارت عليه الأزمان، ونالت منه تصرفات البشر، واختلط فيه الأصيل بالدخيل، فساح المصطلح وتمدد حتى أصبح يتناقض في كثير من مواقعه مع الأصل، أي مع شهر رمضان وتعاليمه ومفاهيمه وثقافته.
في زمن الصفاء والقرب من المنبع كان كل شيء ينتسب إلى رمضان يصب في خانة ترسيخ وتأصيل المفهوم الأساسي للشهر، والمعنى الأصلي للفريضة التي اختص بها شهر رمضان عن باقي شهور السنة. فكان كل شيء في المصطلح يقدم العبادة والروحانية بوصف «رمضاني»، فالأيام الرمضانية مرتبطة بالصوم ومتطلباته، والليالي الرمضانية مرتبطة بالقيام وتلاوة القرآن وخلوات السحر، والمجالس الرمضانية متصلة بمجالس العلم والذكر، وهكذا، فإن كل «رمضاني» كان يعني الطواف حول ثقافة رمضان ومفاهيم الصيام. وفي هذا الزمن الذي نأى بعيداً عن الأصول، وشطح كثيراً في متاهات الاختلاط في المفاهيم والخلط في العقائد، ذهب المصطلح بعيداً عن مقصده. وصارت كلمة «رمضاني» أو «رمضانية» أوصافاً لأفعال وأقوال وأنشطة تتناقض مع مقاصد رمضان. فصارت خيام تدخين الشيشة «خيام رمضانية»، وسهرات الطرب «سهرات رمضانية» و«حفلة رمضانية»، و«دورة رمضانية»، و«مسلسلات رمضانية». وفي كل هذه الفعاليات وأماكنها تستباح قيم رمضان، ويحط من قدر رمضان، ويصاب المصطلح في مقتل.
ولأن الخلط صار هو الموقف فإن هذه التعديات تحدث وكأنها الآن من المباحات التي تلوّن أيام وليالي رمضان بألوان العصر، فيصدر إعلان من إحدى الجهات المتخصصة في سرقة المعنى الأصيل لشهر رمضان لتدعو الناس فيها إلى السهر معها في «أجمل الأجواء الرمضانية على أنغام العود».
adel.m.alrashed@gmail.com |