من المجالس
هل التديّن هيئة.. تقصير للثوب وإطالة للحية؟ هل التديّن عبادة.. التزام بالفرائض والمحافظة على الصلاة في جماعة، وصيام النوافل؟
لاشك أن الهيئة من مظاهر التدين، والالتزام بمواصفاتها يصبلا في خانة الالتزام بمواصفات المسلم المتدين. وللملتزمين بهذه الخصلة فضل على من لم تطاوعه نفسه للعمل بها. ولاشك في أن العبادات أصل رئيس في شخصية المسلم الملتزم.. بل هي أصل وجود الإنسان على هذه الأرض.. هذا إذا أُخذت العبادة بمعناها العام وليس في حدود الممارسة الجسدية للعبادة.
ولكن التديّن ثقافة وسلوك مبنيان على فعل حضاري تشترك فيه كل عوامل الهيئات والشعائر مع التصرف اليومي.. بل اللحظي للمسلم الملتزم. فعندما يقدم مسلم «ملتزم» بحكم الهيئة على إيقاف سيارته أمام باب المسجد فيجعلها أذى في طريق المصلين بدلاً من أن يميط عنهم الأذى، ويترك المواقف المخصصة للسيارات ليكون قريباً من المدخل.. هل هذا تديّن؟
وعندما يترك متديّن - بحكم الهيئة - مكان عمله متجولاً بين المصارف والوزارات والدوائر لينجز أعماله الخاصة، ثم يأتي آخر الشهر سائلاً عن راتبه دون أن يتساءل إن كان هذا الراتب حلالاً أم حراماً.. هل هذا تديّن؟ وعندما يتصنع «المتدين» بحكم الهيئة هيبة الالتزام فيختار الجلافة أسلوباً في تعامله مع الآخرين، والاستعلاء عنوان علاقاته مع الناس، ويواجه الخلق بوجه عبوس فلا يبدأ بالسلام، ولا يكاد يرد السلام إذا أُلقي عليه.. هل هذا تديّن؟
وتحت كل واحدة من «عندما» هذه يمكن تأتي قائمة لها فروع تشير إلى أن صغيرة المتدين في نظر الآخرين كبيرة. وهو محاسب عند البشر، قبل رّ البشر، أكثر من غيره. وعندما يخونه التوفيق في تصرف، فإن الأنظار تلتقطه قبل غيره.. بحسن نية أو من باب التصيّـد للمتديّنين. ولذلك فإن من أخذ بالالتزام، وهو على ذلك مأجور بإذن الله، فهو مطالب بأن يكون أكثر كياسة وفطنة، ليكون التدين عنده ثقافة عبادة لا مجرد هيئة وعادة.
adel.m.alrashed@gmail.com |
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news