التجاوزات المالية والأجــانب وراء نزف أسواق الأسهم


لم يكن أكثر المتشائمين يتوقع أن تصل أسعار الأسهم في الأسواق المحلية إلى المستويات التي وصلت لها أمس، ووسط حالة من الخوف والتسابق على التخلص من الأسهم عند أي سعر، واصلت أسواق الأسهم المحلية نزيف الخسائر أمس، بانخفاضات ملحوظة في مؤشرات السوق وأسعار الأسهم، وتلونت شاشات التداول باللون الأحمر لتسجل أسهم قيادية في سوق دبي مستويات متدنية لم تسجلها طوال تاريخها، خصوصا سهم «إعمار العقارية» القيادي الذي انخفض إلى سعر 7.88 دراهم أمس، وأغلق على 8.07 دراهم منخفضا بنسبة 7.98%.

 

وانطبق الأمر ذاته على أسهم نشطة عدة أخرى، منها سهم «سوق دبي المالي» الذي انخفض بنسبة 6.46% ليغلق على 3.47 دراهم، وسهم «العربية للطيران» بنسبة 7.28% ليغلق على 1.4 درهم، وكذا سهم «الاتحاد العقارية» بنسبة 6.93% ليغلق على 3.49 دراهم.

 

وقد عزا مراقبون ومحللون انخفاضات الأمس إلى حالة الفزع العالمي، وانخفاضات البورصات العالمية والناشئة، لاسيما السوق السعودية؛ فيما أرجعها مستثمرون محليون إلى قضايا الفساد التي توالي الإعلان عنها بصورة غير مسبوقة أخيراً، خصوصاً في الشركات الأكثر نشاطا في سوق دبي أو سوق أبوظبي على حد سواء.

 

 وبحسب تقارير «هيئة الأوراق المالية والسلع» فقد خسرت القيمة السوقية 28.80 مليار درهم جديدة أمس لتصل إلى 710.03 مليارات درهم، بعد انخفاض مؤشر سوق الإمارات المالي بنسبة 3.90% ليغلق على 5022.76 نقطة، وجاء انخفاض المؤشر بعد أن انخفضت أسعار أسهم 60 شركة، فيما حققت أسعار أسهم ست شركات فقط ارتفاعات.

 

انخفاضات عالمية
وقال مدير عمليات التداول في شركة «بايونيرز لتداول الأوراق المالية»، محمد النجار: «إن أسواق الأسهم المحلية تأثرت بشدة أمس بانخفاضات البورصات العالمية والناشئة على حد سواء، ولكن الغريب في الأمر أن نسبة الانخفاضات كانت كبيرة جداً وغير معتادة، لاسيما أن أسواق الأسهم المحلية كانت منخفضة بنسب كبيرة أصلاً، في وقت كانت البورصات المجاورة متماسكة نسبيا».

 

 وأضاف ان «الملاحظ على تداولات الأمس قيام محافظ مالية بالبيع بقوة على غير المعتاد ومن دون مسوّغ مقبول، خصوصاً أن أسعار الأسهم الحالية تعد محفزة جداً للشراء وليس البيع».

 

 وأشار إلى أن «الحالة النفسية السيئة للمستثمرين لعبت دوراً كبيراً في الحالة غير المعتادة التي وصلت لها الأسهم أمس». وقال المستثمر في سوق دبي، سامي البدار «يكفي أن آخر القضايا التي تم الإعلان عنها، وهي في شركة اتصالات كبيرة، كشفت أن إدارة الشركة التي يفترض أنها شركة مساهمة عامة، لم تكتشف استغلال موظفة لمنصبها في اختلاس 27 مليون درهم، وإنما تم فضح القضية من خلال البنك الذي تراكمت المبالغ المختلسة فيه من قبل الموظفة، ما يعني أن أموال الشركة مباحة للجميع من دون رقيب».

 

وأشار البدار إلى أن «الأجانب سارعوا إلى البيع في السوق المحلية لظروف خارجية متعلقة بمراكزهم المالية حول العالم، لكنهم كانوا أكثر بيعا في السوق الإماراتية لاكتشافهم أن الشركات المصدرة للأسهم بعيدة كل البعض عن مبادئ المحاسبة والشفافية».

 

 البحث عن إجابة
أما المستثمر في سوق دبي المالي، مصطفى إبراهيم، فقد حاول البحث عن إجابة أو تفسير لأسباب الانخفاضات الكبيرة في أسعار الأسهم، وقال: «إنه كان حريصاً على التمسك بأسهمه وعدم الانسياق لتعاملات بيع القطيع رغم الخسائر المحققة طوال الأشهر الماضية في ظل تأكيدات الوسطاء أن الأسعار الحالية للأسهم غير عادلة، وأن أسواق الأسهم أعطت إشارات واضحة للارتداد».

 

البيع الجبري
من جهته، سوّغ وسيط التداول، سامر محي الدين، الانخفاضات الفجائية الكبيرة أمس بـ«قيام بنوك بعمليات تسييل جبري للأسهم المرهونة لديها، التي منحت العملاء تمويلات لشرائها بعد انخفاض قيمتها السوقية عن الحد الأدنى للأمان، الذي يحمي أموال البنوك ذاتها، خصوصاً بعد عجز العملاء عن توفير مبالغ جديدة لسداد الفارق»، ولفت إلى أن «زيادة عمليات البيع الجبري تلك وانخفاضات الأسواق المجاورة أصابت الأفراد والمحافظ المالية بالفزع، فسارع الجميع للبيع».

 

سوق أبوظبي
 أنهى مؤشر سوق أبوظبي للأوراق المالية تداولات أمس متراجعاً بنسبة 3.74% متأثرا بضغوط بيع شملت كل القطاعات، على رأسها قطاع العقارات، الذي انخفض مؤشره بنسبة 8.3%، تلاه قطاعات الطاقة والصناعة والخدمات، وبلغ إجمالي الأسهم التي تداولها المستثمرون أمس 97.4 مليون سهم بقيمة 560 مليون درهم، تمت على 3330 صفقة وتوزعت على 38 شركة انخفض منها 35، بينما ارتفع ثلاث شركات فقط.

 

ونجح سهم «أسماك» في الارتفاع بأعلى نسبة محققا 8.4%. وأرجع مدير عام الإمارات الدولي للأوراق المالية، حمود الياسي، تراجع السوق أمس إلى عوامل متراكبة توالت على مدار الأسبوع الماضي منها «تسيلات المحافظ الأجنبية، وخاصة البريطانية والألمانية، إضافة إلى موجة الهبوط الجماعي للأسواق الخليجية، وعلى رأسها السوق السعودية، وتزامن ذلك مع ضغوط على حاملي المكشوف لتغطية مراكزهم، كل هذه العوامل أثارت حالة من الخوف العام». 

 

انخفاضات الأسواق
 من جانبه، عزا المستثمر في سوق دبي المالي، سامي البدار «انخفاضات الأسواق المالية أمس إلى عمليات بيع قوية من قبل المستثمرين الأجانب، بعد توالى القضايا المالية الخاصة بقضايا الفساد في عدد من الشركات المدرجة في أسواق الأسهم المحلية، سواء في دبي أو في أبوظبي». وأكد أن «المشكلة تكمن في أسلوب اكتشاف التلاعب والفساد في الشركات، وليس في وجود فساد في الشركات من الأصل».  وفسر ذلك بالقول «قضايا الفساد موجودة في جميع الدول، وكلما كانت الدولة متقدمة، كانت الجهات الرقابية أكثر قدرة على كشف وإعلان قضايا الفساد، ولكن في الإمارات كشفت قضايا الفساد التي تم الإعلان عنها أخيراً عن عدم وجود أي أسس للكشف عن الفساد أو أي نظم للرقابة الداخلية».  

تويتر