إماراتي على قمة كلمنجارو.. يـحلم بالهـملايا

تحقيق الإنجاز يظهر مكامن القوة والتقدم في الشخصية. تصوير: دينيس مالاري


الوصول الى أعلى نقطة في جبل كلمنجارو، لم يكن بالنسبة للإماراتي حسن الهاشمي مجرد رغبة في خوض مغامرة، بقدر ما كان بحثاً عن عمل يحمل في طياته تقديم الخير لآخرين هم في حاجة إليه، وهذا ما دفعه إلى البحث عن تحدي النفس، وكذلك عن مبادرة يمكن من خلالها جمع التبرعات، بعد ان كان يسأل «كيف يمكنني القيام بعمل من هذا النوع؟ وأرشدوني الى «غلف فور جود»، هذه الشركة التي تنظم نشاطات حول انحاء العالم، بهدف ان يجمع المشتركون المال لاعمال الخير. اشتريت الكتيب واطلعت على مشروع السير الى كلمنجارو، وقد اعجبتني الفكرة، لا سيما ان الحد الادنى للدفع لا يقل عن 17 الف درهم لكل مشارك، بالاضافة الى المبالغ الاضافية التي يمكن ان تأتي من المساهمين»، ويتابع الهاشمي، «قررت الانضمام الى المجموعة التي ستنطلق في هذا المشروع والتي تألفت من 30 شخصا، وقد لاقيت دعما كبيرا ماديا ومعنويا من قبل شركة «دبي غروب» التي اعمل فيها». واكد الهاشمي الذي بدأ حياته في مجال الاستثمار مع جهاز ابوظبي للاستثمار، وعمل معهم مدة 14 سنة بين دبي ولندن، ثم انتقل بعدها الى «دبي غروب» مديرا للاستثمارات، ان هناك تحديات جديدة تشده، ومنها الوصول الى الهملايا، «فرغم ان ارتفاعها اقل من كلمنجارو ولكن انجازها يتطلب وقتا اطول»، واشار إلى «ان انجاز  المرء لهذه التحديات يمكنه من اكتشاف اشياء جديدة في الحياة، وكذلك تطبيق عادات وقيم من صميم الاسلام، كمساعدة الآخرين».

 
قبل الرحلة
بدأ الهاشمي التحضير للرحلة قبل موعد السفر بثلاثة اشهر، ويقول، «بدأت أتلقى تمارين رياضية خاصة للقلب كالجري والمشي، ثم قبل موعد انطلاقنا بشهر بدأت بتمارين رفع الاثقال لأتمكن من الحصول على اللياقة البدنية التي تتطلبها هكذا رحلة، كون كالمنجارو ترتفع اكثر من خمسة آلاف متر فوق سطح البحر، والتنفس يكون صعبا عند المرتفعات، لا سيما ان السير يكون وفقا لمسافات تصاعدية». أما مستلزمات الرحلة، فكانت تعتمد على المكملات الغذائية التي تمنح الجسم الطاقة بصفة اساسية، بالاضافة الى الواح الشوكولاتة والمكسرات التي تعتبر مهمة جدا للتسلية، بينما كان الطعام يحتوي على نسب عالية من الكربوهيدرات الذي يمنح الجسم طاقة». ويتابع الهاشمي عن التحضيرات الخاصة بالرحلة، هناك تحضير صحي لا بد من القيام به، ويتمثل بمجموعة من اللقاحات التي يجب ان نأخذها قبل السفر ومنها على سبيل المثال لقاح الملاريا». 

 

توزيع التبرعات
بدأت الرحلة في الثالث من شهر يوليو، وقد استغرقت نحو 11 يوما، ويقول الهاشمي، «انطلقنا في اليوم الاول الى نيروبي، وهناك قمنا بجولة على مستشفى خاص بالاطفال المرضى بالسرطان والامراض المكلفة، حيث خصصنا لهم جزءا من المبلغ الذي جمع، ثم في آخر اليوم ذاته انطلقنا الى تانزانيا، وزرنا المقر الثاني للتبرع وهو مركز متخصص بالاطفال المشردين، يتولى تقديم الرعاية للاطفال الايتام وكل من ليس لهم من يعيلهم ويحتاجون الى مساعدة. ووصلنا الفندق في آخر اليوم الثالث، ولم نبدأ بالمشي الا في اليوم التالي، حيث كان لا بد لنا من بعض الوقت لنعتاد على طبيعة المناخ»، ويضيف الهاشمي عن هذه الايام الاولى «كانت رؤية الاطفال تمدنا بالعزم لانجاز المهمة واكمالها، وكذلك التفكير في مشروعات اخرى».


غابات وصحراء
ويسرد الهاشمي تفاصيل الرحلة بقوله «بدأنا المشي يوم 5 يوليو، ومشينا في اليوم الاول اربع ساعات، وكان ذلك في الغابات، ولم يكن الطقس سيئا، اذ واجهنا القليل من المطر». ويتابع في وصفه للطبيعة «كانت الطبيعة جميلة جدا، فالمساحات الخضراء شاسعة، لكن الرطوبة عالية. اما في اليوم الثاني فمشينا ساعات اطول، أي ما يقارب ست ساعات او سبعاً، وهنا بدأنا نشعر بتغير الطقس تدريجيا مع تقدم خطواتنا، فبدأت المساحات الخضراء تخف، كما ان الطقس بدأ يتبدل ويصبح اكثر برودة»، اما في ما يتعلق بالطعام، فقد اكد الهاشمي، ان تناول الوجبات «لم يكن بسبب المتعة والرغبة في الاكل بل بسبب الوجوب والحاجة، اما الماء فكان من الضروري ان نتناول بين لترين أو ثلاثة يوميا، واستمرت الرحلة ثمانية ايام بمجملها، اربعة ايام للصعود ويومان للنزول. اما في الايام الاخيرة فوصلنا الى المساحات العالية التي كانت تبدو وكأنها صحراء، حيث ان الطقس بارد وحار في الوقت ذاته، لان قوة الشمس تحرق الجلد، الا ان حرارتها كانت تشعرنا بالدفء»، ويشير الهاشمي إلى ان «اليوم الاخير من الصعود كان اصعب الايام، لاننا وصلنا في المساء الى مستوى 4700 متر، وارتحنا قليلا وانطلقنا مجددا الى آخر الجبل، ولكن لم يكن سهلا ان نرى امامنا دون مساعدة الانارة التي كانت توضح معالم الخطوات القريبة فقط، بالاضافة الى ان الصعود على الحصى كان صعبا، بسبب انزلاقه تحت القدمين»، اما العودة، فكانت اسهل من الصعود، ولا تتطلب جهدا كبيرا، كما وصفها الهاشمي الذي اكد ايضاً ان الارادة والتعاون هما من الامور الاساسية التي ادت الى النجاح، اذ «لا يمكن وصف الفرحة بعد العودة، حيث تكون فرحة الانجاز هي الطاغية على مشاعرنا، لان التحدي يؤدي الى اكتشاف نقاط القوة والتقدم في الشخصية». 

 
اما معدل السير في الايام جميعها «فقارب الثلاثين ساعة سير متواصلة»، كما اشار إلى انه «من المستحيل النوم عند اعلى نقطة من كلمنجارو، بسبب الطبيعة المناخية القاسية». 

 

جنسيات مختلفة
 توزعت جنسيات المشاركين على مختلف الدول، حيث كان الهاشمي مع امرأة إماراتية من اصل فلسطيني، بالاضافة الى مجموعة من المانيا وبريطانيا واستراليا وجنوب افريقيا واسكوتلندا، وكذلك من الدول العربية، كالاردن والبحرين وسورية وفلسطين. اما الاعمار فتراوحت من 23 حتى  57، و«لم يكن السير ست ساعات سهلا على الاكبر سنا، ولكن هذا هو التحدي الحقيقي». وعن الاشياء التي لا ينساها الهاشمي من هذه الرحلة، قال «تعلمت من هذه الرحلة ان الانسان الذي يحمل هدفا اساسيا لا يرى الهدف الاساسي منذ البداية لانه يركز على الخطوات الصغيرة التي تقسم الانجاز الكبير الى انجازات صغيرة، فهكذا نحن قسمنا انجازنا الكبير على دفعات، الامر الذي مكننا من تحقيقه».

جمال المناظر
يرى حسن الهاشمي، ان من الاولويات لهكذا رحلات تتسم بالمغامرة ضرورة الالتفات الى التجهيزات المادية والجسدية، لضمان الراحة النفسية والجسدية، والتغلب على الصعاب التي قد تطرأ خلال الرحلة، اذ ان «المتعة التي يحصل عليها المرء بعد الوصول الى الهدف تفوق تعبه»، ويتابع الهاشمي «اعترف بأن جمال  المناظر الطبيعية، وحياة البساطة التي رأيتها هي من الامور التي لن انساها، ولهذا سأشجع اولادي على القيام بخطوات مثيلة».      


رابع أعلى قمة في العالم  
يقع جبل كلمنجارو في افريقيا ويتميز بكونه رابع اعلى قمة في العالم حيث  يبلغ ارتفاعه22000 قدم، كما انه يعد من الجبال السهلة التسلق، كونه جبلا تصاعديا ولا يشكو من العقبات التي تحتاج الى مهارات خاصة بالتسلق، بالاضافة الى ان السير الى القمة يمكن عبر اكثر من طريق. يتميز الجبل بوقوعه وسط السهول الافريقية، شمال تنزانيا، الامر الذي يمنح المتسلق الفرصة للاستمتاع بالمناظر الطبيعية المحيطة بالجبل.  
 

تويتر