«كيميائي السعادة» في أبوظبي

  أحداث الفيلم تتداخل بين القرن الـ 11 والعصر الراهن.  تصوير: مجدي إسكندر

 

في أولى أمسياته الرمضانية، استضاف اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ـ فرع أبوظبي ـ أول من أمس «أناسي للأفلام الوثائقية» في أمسية تضمنت عرض ومناقشة فيلم «الغزالي.. كيميائي السعادة» الحائز على الجائزتين الثالثة وأفضل إخراج، لمخرجه الأميركي أوفيديو سالازار، في جوائز الوثائقية التي تنظمها مؤسسة أناسي للإنتاج الإعلامي كل عامين في أبوظبي.

 

في بداية الأمسية التي شهدها الشيخ شخبوط بين نهيان بن مبارك آل نهيان، والشيخ مبارك بن نهيان بن مبارك آل نهيان، ورئيس مجلس إدارة الاتحاد حارب الظاهري، وقام خلالها الشيخ شخبوط بتكريم اتحاد الكتاب ممثلاً في الظاهري؛ تحدثت مديرة جوائز الوثائقية ذكرى والي عن الفيلم وما يتضمنه من حقائق مجسدة بطريقة توثيقية ودرامية متوازنة وتحديداً ما يخص استعراض نشأة الغزالي والانتقال بين المراحل العمرية المختلفة له بطريقة سلسلة ومحبوكة درامياً بطريقة لافتة، مشيرة إلى ما يتميز به العمل من جماليات الصورة وخفة الإخراج، والابتكار في المقاربة بين الواقع والتاريخ، من خلال تدخل المخرج فيها بنفسه كممثل، فجاءت خفيفة «الظل» رغم دسامة وجدية الموضوع المطروح. واستعرضت والي عدداً من الصور الجمالية التي تضمنها الفيلم من بينها انتقال الغزالي من مرحلة الشباب إلى الكهولة، الأمر الذي تم تجسيده في انعكاس صورته على سطح الماء (استبطان للروح والنفس)، بالإضافة الى المشهد الأخير الذي اعتبرته والي لوحة فنية في حد ذاته (مشهد التعبد المحفوف بجو غائم)، ومشهد عودة الغزالي بعد رحلة زهده (وصورة العائلة مجتمعة والخيرات الفواكه على المنضدة والابتسامة تعم البيت).

 

 الباحث التاريخي وعضو لجنة تحكيم مسابقة جوائز الوثائقية، الدكتور فالح حنظل، انتقد إغفال الفيلم، رغم جودته وفنياته، إظهار امتزاج الغزالي بالبلاد العربية وعلاقته بالعلماء العرب ودراسته اللغة العربية، وأثر ذلك في تشذيب علمه وفقهه وقدرته على خوض علم الكلام، وعلوم الدين والدنيا، إذ ظهر في الفيلم وكأنه لم يخرج من فارس، ولم يكتب علمه وفقهه وجل أفكاره باللغة العربية.

 

وقال حنظل إن «هذا العالم الجليل والقطب الإسلامي الكبير كان فارسياً في الصل، إلا انه عربي في الدرس والشرح والتحليل والتعليل والمناقشة، وفي علم الكلام»، مضيفا «نحن لا ننكر انه ومن قديم الزمان كان للفرس علم وأدب يتناسبان مع ضخامة ملكهم وعظم سلطانهم، فلما جاءت الدولة العباسية، وكثير من رعيتها فرس، أخذ المثقفون ينقلون تراثهم إلى العربية، وفي الوقت نفسه كان الكثير من الفرس قد أتقن اللغة العربية وأنتج في الأدب العربي نتاجاً رائعاً، فلما دخل الفرس الإسلام وتعلموا العربية أبدعوا في كل العلوم ومنها علوم الفقه والدين».

 

مؤكداً ان «الثقافتين العربية والفارسية امتزجتا أول الأمر في العراق ثم انتشرتا من هناك، وكان للإسلام أثر كبير في هذا الامتزاج، حيث تعرّب كثير من الفرس، ومعنى تعربهم انهم فتحوا قلوبهم وأفكارهم للثقافة العربية الإسلامية ومنهم الإمام الغزالي».

 

يعتبر فيلم «الغزالي.. كيميائي السعادة» اكتشافاً جديداً لحياة وأعمال الإمام أبي حامد الغزالي، أعظم فيلسوف في العلوم الروحية والقانونية في الحضارة الإسلامية، من خلال المزج بين أسلوب «سرد الأحداث الوثائقية» والدراما التاريخية.

 

وتتداخل أحداث الفيلم بين الوقت الحاضر والقرن 11، ليطرح تساؤلاً مهماً وهو «كيف ونحن نعيش في القرن 21 مازلنا نجد الترابط بين علومه والمبادئ التي وضعها هذا العالم الكبير، وبين حياتنا المعاصرة ومشكلاتنا الراهنة؟» يذكر أن سالازار دخل المجال المسرحي والسينمائي منذ ما يزيد على الثلاثة عقود، وقد قام بإخراج أعمال وثائقية عدة ومن أهم أعماله: فيلم عن الهندسة المعمارية الإسلامية، وسلسلة وجوه للإسلام التي قام بإخراجها لقناة «بي بي سي»، كما حصدت أفلامه العديد من جوائز المهرجانات كمهرجان تورينتو  في إيطاليا، ومينابار، كما يخرج في الوقت الحالي فيلماً وثائقياً ضخماً عن حياة الرحالة العربي ابن بطوطة.

تويتر