صبي يدمن الجريمة ويفشل في التوبة
|
|
فشل صبي مواطن في التوبة وأدمن الجريمة في سن مبكرة، ولم يعد يستطيع التحكم في سلوكياته كلما شاهد مالاً امام عينيه، تعددت سرقاته وتكرر دخوله دار الرعاية الإجتماعية في دبي التي تؤوي الأحداث، وقال لـ«الإمارات اليوم» إنه بات يشعر بالسرقة تسري في دمه، لا يستطيع السيطرة على يديه، كلما دخل أي مركز تجاري تمتد يده من دون ارادته وتسرق أقرب شيء إليها، وعزا مدير إدارة الحماية الاجتماعية، في وزارة الشؤون الاجتماعية حسين الشواب حالة الصبي بأنه غير منتمٍ، وضحية ضغوط أسرية، واصفاً حالته بالمشكلة التي تحتاج فك رموزها وألغازها، ملمحاً إلى أن «بعض الأسر تعتبر حاضنة للسلوك الانحرافي».
ومشكلة المواطن ( ع.خ) 15 سنة، أنه مازال في الصف السادس بسبب تكرر رسوبه، وبسبب حبه للسرقة دخل إلى إحدى دور التربية الاجتماعية ثلاث مرات، وفشلت جهود الدور في اصلاحه بعدما وفرت له كل سبل الاستقامة والتقويم، وفق الشواب.
وتفصيلاً قال (ع.خ) «حين كنت أطلب من أبي أن يصطحبني معه كان يرد «اجلب لي ثمن البنزين أولاً»، فكنت ألتفت يميناً ويساراً، باحثاً عن سيارة نسي أصحابها حقائبهم داخلها، فالتقطها واشعر بالسعادة لنجاح المغامرة، ولم أشعر بتأنيب الضمير أو الندم مطلقاً»، مشيراً إلى أن هذه هي المرة الثالثة التي يدخل فيها الدار، بسبب حبه للسرقة وعدم استطاعته التحكم في سلوكياته.
وتابع «لا أدري بنفسي حين أرى النقود، أتوتر، اشعر أن شيئاً غامضاً يسري في دمي، احاول منع نفسي عن السرقة ولا استطيع، يدي تمتد إلى النقود وتسرقها». وأوضح أنه في المرة الأولى سرق بعض النقود ولم يكتشف أحد أمره، «في المرة الأولى دفعني والدي لسرقة هاتف ابن عمتي النقال»، ولكن المرات التي دخل فيها الدار كانت بسبب أخطاء في التنفيذ، على حد قوله.
وشرح أن المرة الأولى التي دخل فيها الدار قام وأخوه، بسرقة حقيبة من إحدى المزارع، وفي المرة الثانية سرق بعض المال ليشتري «بلاي ستيشن»، أما المرة الثالثة فسرق بعض المال من مركز تجاري، وحقائب من السيارات والبيوت، وقبض عليه واعترف أمام الشرطة بما فعله، ثم حاول الهرب من الشرطة، ومن الدار، حتى لا تقيد حريته.
وتقول الأم إن الله رزقها بـ11 ولداً، وزوجها غارق معظم الوقت في شرب الخمر، ما يضطرهم العيش على المساعدات، والأولاد لا يجدون القدوة الحسنة، موضحة أن ابنها الأكبر سبق (ع.خ) في الدخول إلى الدار مرتين، في حين أن أخاه الأصغر يسلك النهج نفسه وفي طريقه إلى الدار». وعلى طرف آخر ينظر الأب إلى الأمر باستسلام قائلاً «دائماً أدعو أولادي للدراسة، وعدم الاقتراب من المال الحرام، فحين قبض رجال الأمن على ابني، شعرت بالخيبة، وقلت ربما تستطيع الدار تحسين سلوكه، ويعرف الخطأ من الصواب، لأن (ع.خ) عنيد ولا يسمع الكلام».
مناخ الأسرة يقول الأخصائي الاجتماعي في وزارة الشؤون الاجتماعية، محمود الشايب، إن الفترات الزمنية بين الخروج الأول والدخول الثاني للصبي لم تتعد بضعة أشهر، وكذلك الدخول الثالث إلى الدار، واصفاً (ع.خ) بأنه «فنان في استدرار عطف الآخرين، فهو صغير الجسم، ويبكي مثل طفل، ولكن مع مرور الوقت وصلنا إلى حقيقة ألا نندفع وراء العاطفة، ونتعامل بموضوعية معه» ملمحاً إلى أن سلطة الأم والأب على الصبي مفقودة.
وتابع الشايب أن «الدار تسلمت (ع.خ)، من قبل النيابة، وتم وضعه بصفة إيداع لتقويم سلوكه، فالحدث غير منتمٍ، وضحية ضغوط أسرية، وتكرار الجنح ينبع من الظروف التي يوضع فيها الحدث، فالوضع المتصدع للأسرة يؤدي إلى تكرار الفعل ذاته».
وأشار إلى أن الأب دخل السجن بسبب الديون، وغرقت الأسرة في الديون والمشكلات، وحكم عليه في إحدى قضايا المخدرات ثلاث سنوات، ملمحاً إلى وجود سلسلة من المشكلات داخل الأسرة «الأب رهن جواز سفره، وجوازات سفر أولاده من أجل الدين، لذا فإن المشكلة تحتاج إلى فك رموزها وألغازها، لأنها سلسلة من المشكلات مرتبطة ببعضها».
وأضاف أن «الوزارة حلت مشكلة رهن جوازات سفر الأسرة، واكتشفنا أن الجوازات تاريخها منتهي، فتم عمل جوازات جديدة لهم، وعندما لاحظنا أن أحد أبناء الأسرة يرسب بسبب عدم استطاعته سماع المدرس، كشفنا عليه وتبين أن الابن يعاني من مشكلات في السمع، واكتشفنا أن الأسرة لا تمتلك بطاقات صحية وتولت الدار تجديد البطاقات الصحية».
ومن ناحيتها قالت مديرة دار الرعاية الاجتماعية موزة سعيد هلال «حين أردنا القيام بزيارة ميدانية للأسرة من خلال فريق الدار، منعنا الأب، وبعد إصرارنا اكتشفنا أن البيت بحالة مزرية، فأخذنا على عاتقنا الاهتمام بالأسرة من الناحية المعيشية والصحية والتعليمية، والتقنية، وتعاون معنا صندوق الزكاة في أبوظبي، فقمنا بفرش البيت، وترتيبه، واشترينا لهم حاسوباً وطابعة، وبلاي ستيشن، وعلى الرغم من ذلك عاد الحدث إلى الدار للمرة الثالثة».
يقول الشايب إن الدار تبذل كل الجهد لتقويم الأنماط السلوكية للحدث، إلا أن استجابة الأهل ضعيفة، والدار تولي اهتماماً بالرعاية اللاحقة، ومتابعة الدراسة، وهذا ما فعلناه مع (ع.خ)«إذ خصصنا له مدرسين من جمعية المعلمين، ووفرنا له مصروفاً يومياً، وتواصلنا مع المشرف الاجتماعي في المدرسة إلا أن الأمر تكرر».
ورأى الشايب أن الدمار موجود في الأسرة، لذا فإن الرعاية اللاحقة تصطدم بجدران مختلفة، مؤكداً أن «تكرار عودة حالات المفرج عنها لدور الأحداث مرة أخرى، في معظم دول العالم، نحو 7%، إلا أن هذه النسبة تتراجع كثيراً في دور التربية الاجتماعية التابعة لإدارة الحماية في وزارة الشؤون، حيت تتراوح النسبة في الدور ما بين 4.2 و4.8%، وهذه النسبة تعد منخفضة بالمقياس العالمي». |