عذب الكلام

 

قال ابن زيدون:
إنّي ذكرْتُكِ، بالزّهراء مشتاقا،         والأفقُ طلقٌ ووجْهُ الأرض قد راقَا


وَللنّسيمِ اعْتِلالٌ، في أصائِلِهِ،            كأنهُ رَقّ لي، فاعْتَلّ إشْفَاقَا


والرّوضُ، عن مائِه الفضّيّ، مبتسمٌ،   كما شقَقتَ، عنِ اللَّبّات، أطواقَا


يَوْمٌ، كأيّامِ لَذّات لَنَا انصرَمتْ،         بتْنَا لها، حينَ نام الدَّهْرُ سُرّاقَا


نلهُو بما يستميلُ العينَ من زهر       جالَ النّدَى فيهِ، حتى مالَ أعناقَا


كَأنّ أعْيُنَهُ، إذْ عايَنَتْ أرَقي،          بَكَتْ لِما بي، فجالَ الدّمعُ رَقَرَاقَا


وردٌ تألّقَ، في ضاحي منابتِهِ،        فازْدادَ منهُ الضّحى، في العينِ، إشراقَا


لا سكّنَ اللهُ قلباً عقّ ذكرَكُمُ            فلم يطرْ، بجناحِ الشّوقِ، خفّاقَا


لوْ شاء حَملي نَسيمُ الصّبحِ حينَ سرَى    وافاكُمُ بفتى أضناهُ ما لاقَى


لوْ كَانَ وَفّى المُنى، في جَمعِنَا بكمُ،      لكانَ منْ أكرمِ الأيّامِ أخلاقَا


فالآنَ، أحمدَ ما كنّا لعهدِكُمُ،            سلوْتُمُ، وبقينَا نحنُ عشّاقا

 
ابن زيدون «394 - 364 هـ»
هو أحمد بن عبدالله بن أحمد بن غالب بن زيدون المخزومي الأندلسي، أبو الوليد.وزير، كاتب وشاعر من أهل قرطبة، انقطع إلى ابن جهور من ملوك الطوائف بالأندلس، فكان السفير بينه وبين ملوك الأندلس فأعجبوا به. واتهمه ابن جهور بالميل إلى المعتضد بن عباد فحبسه، فاستعطفه ابن زيدون برسائل عجيبة فلم يعطف. فهرب واتصل بالمعتضد صاحب إشبيلية فولاّه وزارته، وفوض إليه أمر مملكته فأقام مبجّلاً مقرباً إلى أن توفي في إشبيلية في أيام المعتمد على الله ابن المعتضد. ويرى المستشرق كور أن سبب حبسه اتهامه بمؤامرة لإرجاع دولة الأمويين. وهناك من يلقبه ببحتري المغرب، أشهر قصائده: أضحى التنائي بديلاً من تدانينا. ومن آثاره غير الديوان رسالة في التهكم بعث بها على لسان ولاّدة إلى ابن عبدوس وكان يزاحمه على حبها، وهي ولاّدة بنت المستكفي.وله رسالة أخرى وجهها إلى ابن جهور طبعت مع سيرة حياته في كوبنهاغن وطبع في مصر من شروحها «الدر المخزون وإظهار السر المكنون».
 

الأكثر مشاركة