«حظ يا نصيب»!
لست ناقداً فنياً، ولا علاقة لي بعالم التصوير والمشاهد والسيناريوهات والإنتاج الفني، لكني أستطيع القول إن «شباب» الإمارات كان لهم حضور قوي على الشاشة الفضية في مسلسلات رمضان لهذا العام.
ربما يكون «بدري» جداً الحديث عن نجاح أو فشل مسلسل تلفزيوني في هذا التوقيت، فالوقت مازال مبكراً، ولكن على أقل تقدير، فكل مشاهد وضع تصوراته وحكمه المبدئي، الذي قرر من خلاله الاستمرار في متابعة مسلسل، أو التوقف عن متابعة آخر، وبورصة المشاهدات اليومية رفعت أسهم مسلسلات معدودة، وحجبت الترشيحات عن أخرى.
أعود مرة أخرى لشبابنا الذين فاجأونا بعمل فني جميل جداً في فكرته وشكله وأداء ممثليه، ربما يكون بسيطاً نوعاً ما في مواقع ومشاهد التصوير، لكن هذه البساطة أعطته بعداً جمالياً إضافياً، هذا العمل هو مسلسل «حظ يا نصيب»..
تدور أحداث المسلسل في الفترة التاريخية التي سبقت اكتشاف النفط في الخليج، وفترة ما قبل قيام دولة الإمارات، وهو ما أعطى للمسلسل قيمة إضافية، جعلته محطّ اهتمام ومتابعة لعدد كبير من المواطنين، الذين يتوقون لذاكرة المكان والمجتمع القديم، والإخوة العرب الذين لا يملكون الكثير من المعلومات عن هذه المرحلة، فكانت أحداث ولقطات المسلسل بالنسبة لهم قيمة معرفية جديدة، وبوابة تاريخية تعرفوا من خلالها إلى الشكل العام للمجتمع في تلك الحقبة الزمنية..
الجوّ العام للمسلسل اقترب كثيراً من المسلسل الشهير «شحفان القطو» الذي شكّل عقدة لكتّاب الدراما الإماراتية، بسبب نجاحه غير المسبوق على المستوى المحلي والخليجي، ومازال إلى اليوم يواصل هذا النجاح على الرغم من مرور عشرات السنين على تصويره..
«حظ يا نصيب» اقترب كثيراً من مستوى «شحفان القطو» في الكوميديا الهادفة غير المبالغ فيها، فيه قدر كبير من «العفوية» الجميلة المحبّبة للمشاهد، شخصياته متميزة، ولكل منها بريق ونكهة خاصة، صحيح أن «جابر نغموش» تألق كعادته في الكوميديا العفوية، إلا أن الملاحظ أن جميع الممثلين في المسلسل كان أداؤهم عالي المستوى، ليشكّلوا فريقاً من النجوم..
نجاح «حظ يا نصيب» رغم بساطته جاء لتلهّف المشاهدين لمسلسلات من هذا النوع، بعد أن امتلأت الشاشات بنوعية واحدة من الدراما العاطفية المتكررة، وبعد أن أخفقت المسلسلات الخليجية في السنوات الماضية، عندما اتجهت جميعها في اتجاه واحد، هو الحزن والمبالغة في تقديم أسوأ ما في المجتمعات الخليجية من ظواهر بأسلوب منفر، وممل، في معظم الأحيان..
«حظ يا نصيب» فجّر طاقات الشباب الإماراتيين، فأبدعوا في الأداء، والكوميديا المقبولة القائمة على الموقف والأسلوب، والبعيدة تماماً عن «التصنّع»، أو تلك التي تعتمد على «الإسفاف» في «الشتيم» و«المعايرة» الشكلية أو الشخصية.. أثبت الممثلون أنهم وصلوا الى مرحلة «النضج» الفني، فلم نشعر أبداً طوال الحلقات الماضية بأي ضَعف في أداء أي من الأبطال الرئيسين، بل شعرنا بتألّقهم على الرغم من تنوّع الأدوار والشخصيات، وهذا يضعهم الآن أمام تحدٍ جديد من نوعه، قائم على تقديم الجديد والمميز والانطلاق نحو إتقان أكبر، فهل نشهد ذلك في السنوات المقبلة؟..
reyami@emaratalyoum.com
|
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news