ليلى هبر: أعمالي تعبِّـر عن الإنسانية

ليلى هبر: فن المنسوجات مكلّف ويتطلب إمكانات مادية.تصوير: محمد حكيم
 
بالخيوط والنول حاكت الدكتورة ليلى هبر مجموعة الجداريات التي ضمها المعرض الذي تستضيفه هيئة ابوظبي للثقافة والتراث بالمجمع الثقافي، الذي افتتحه مدير إدارة الثقافة والفنون بالهيئة، عبدالله العامري، أول من أمس، ضمن فعاليات برنامج «نفحات رمضانية» الذي يستمر حتى نهاية سبتمبرالجاري.  

 
تنقلت هبر في جدارياتها بين آيات القرآن الكريم والحكم والأقوال المأثورة والأحاديث النبوية الشريفة إلى جانب أبيات من عيون الشعر العربي لتنتقى منها موضوعات للوحاتها التي اعتمدت فيها على الخط الكوفي المزوي، وتميزت بتناغم الإيقاعات الخطية واللونية في اللوحات، مشيرة إلى حرصها «على اختيار أقوال وكلمات معان ذات طابع إنساني، يشعر كل إنسان عند قراءتها بأنها تعبر عنه وعن ما يدور بداخله من أفكار ومشاعر، من دون أن ترتبط بدين أو عرق أو جنس بعينه، ولذلك حرصت منذ سنوات على أن أقرأ كثيراً لانتقاء موضوعات لوحاتي من آيات قرآنية أو أشعار وأقوال مأثورة، فالفن يجب أن يكون إنسانياً من دون أن يخضع لحدود أو تصنيفات».

 
ويضم المعرض عدداً من الأعمال التي تنتمي لمجموعات خاصة بشخصيات عامة ومؤسسات اجتماعية وتعليمية، وهو ما توضحه هبر قائلة: «هناك أعمال قمت بتنفيذها بناء على طلب من بعض الشخصيات العامة، بعضها يحمل أقوالاً أو أشعاراً أو آيات قرآنية، والبعض الآخر عبارة عن تكوينات خطية لأسماء هذه الشخصيات»، مشيرة إلى أن خصوصية الفن الذي تقدمه ترجع إلى اعتمادها فيه على العمل اليدوي، حيث تستخدم في لوحاتها أكثر من خمسة ألوان، وهو ما تعجز عن القيام به أي آلة. 

 
شغف قديم
وعن بداية اتجاهها لفن المنسوجات الجدارية «الكليم» أوضحت ليلى هبر ان شغفها بهذا الفن يعود إلى طفولتها، حيث تأثرت كثيراً بقصة اعتادت جدتها ان تقصها عليها وهي تحكي عن أميرة جميلة ترفض كل من يتقدم لطلب الزواج منها، مشترطة على الطامحين إلى الاقتران بها أن يكونوا ممن يجيدون «حرفة» من الحرف، في المقابل كان هناك أمير اكتسب تقنية الحياكة على النول كهواية يمارسها في أوقات فراغه، وفي إحدى غزواته العسكرية وقع الأمير أسيراً للعدو واحتجز في إحدى القلاع، حيث انكب على ممارسة هوايته، إلى ان عثرت الأميرة على منسوجة من أعماله وتمكنت بفضل تفحصها من اكتشاف الكلمة التي تشير إلى مكان احتجازه ومن اتخاذ التدابير اللازمة لإنقاذه والعودة به إلى قلعته وإتمام زواجهما»، مشيرة إلى ان الانطباع الذي تركته في ذاكرتها تلك الحكاية، والتي لخص مغزاها بالمثل الشعبي القائل: «من بيده صنعة بيده قلعة»، دفعتها إلى البحث عن الكلمة، والتي فيما لو ترجمت إلى أية لغة كانت، أوحت للقارئ بحقيقة ما تعنيه. 

 

وخلال الفترة الواقعة من 1994 حتى 2006 أنشأت محترفا لحياكة الجداريات، واستقدمت إخصائيين في تقنية «الكليم»، وأدخلت بعض التعديلات على النول، واستخدمت الصوف المعروف بجودته، كما قامت في هذا الفترة من تنفيذ مجموعة تضم 112 جداريات «قطعة فريدة»، توزعت بين جامعي التحف الفنية في لبنان، فرنسا، إيطاليا، الفاتيكان، انجلترا، أميركا، إسبانيا، مصر، السعودية، مراكش، الكويت، والإمارات، وحازت سنة 1996 على جائزة الابتكار في الفنون الحرفية من منظمتي «أسيسكو» و«ألكسو» في  الدار البيضاء المغرب، حيث تكمن أهمية عملها في الطابع والخصوصية، والنفحة الروحية والفنية وهو ما علقت عليه بقولها:  «اللغة العربية هي اللغة الوحيدة التي يجب ان نفهمها لنتمكن من قراءتها، لا ان نقرأها  لنتمكن من فهمها».

 
وعزت هبر عدم انتشار فن المنسوجات الجدارية في العالم العربي مقارنة بالفنون التشكيلية الأخرى، إلى انه فن مكلف ويحتاج إلى إمكانات مادية لممارسته، كما انه يتطلب مجهوداً مضنياً، ووقتاً طويلاً، حيث يمكن ان ينجز الفنان لوحته في فترة قصيرة، بينما يستغرق تنفيذ بعض الجداريات فترة تتراوح بين العام والعام ونصف العام من العمل على النول.  

 

أسعار وجداريات 


 
كانت أسعار بعض الجداريات التي تضمنها معرض الفنانة ليلى هبر محل تساؤل من جانب كبير من حضور المعرض، حيث وصلت إلى مبالغ «خيالية» كما وصفها البعض، فكانت الجدارية الأعلى سعراً بينها بعنوان «الأمة» وبلغ سعرها 605 آلاف درهم إماراتي وهي بمقاس 140×147 سم، بينما بلغ سعر جدارية «آية الكرسي» (126×127 سم) 490 ألف درهم، وسعر جدارية «المحبة» (131×151 سم) 485 ألف درهم، وسعر «نعم الله» (106×117 سم) 165 ألف درهم، في حين بلغ سعر جدارية «نعم الله» باللونين الأبيض والأسود وبقياس (72×109 سم) 205 آلاف درهم.

 
من جانبها، أوضحت الدكتورة ليلى هبر انها تعتمد في تحديد أسعار أعمالها على عوامل رئيسة من أهمها الوقت الذي استغرقه تنفيذ العمل، والمجهود المبذول فيه، مؤكدة الكلفة المادية المرتفعة لهذا النوع من الفن نتيجة لارتفاع اسعار خاماته، حيث يبلغ ثمن بكرة الخيط (بطول مترين ووزن 40 غراماً) دولارين، بينما تحتاج اللوحة الواحدة للعشرات منها، ولذا تتناسب أسعار الأعمال مع الوقت والجهد والتكلفة التي احتاج إليها التنفيذ، وهي ليست خيالية او مبالغ فيها بدليل ان مجموعة اعمالها التي تضم 112 عملاً لم يتبق منها سوى ست جداريات، وفي حال عدم بيعها سيكون أمر جيد ان تحتفظ بها.  
 

الأكثر مشاركة