رجال دين اعتبروا فتوى اللحيدان رأياً شخصياً فقط.تصوير: جوزيف كابيلان - أرشيفية
طلب رجال دين في الدولة بـ«التوقف عن إطلاق فتاوى التكفير والقتل جزافاً»، معتبرين أنها «فتاوى تعطي ضوءاً أخضر للفئات الضالة لسفك الدماء، ويترتب عليها خراب كبير في الأمة، وتعطي الغرب فرصة لتشويه صورة الدين الإسلامي».
وانتقد رجال الدين فتوى رئيس مجلس القضاء الأعلى في السعودية، الشيخ صالح اللحيدان، التي أطلقها أخيراً، وأجاز فيها قتل أصحاب القنوات الفضائية العربية كونهم «مفسدين في الأرض»على حد وصفه .
وقالوا لـ«الإمارات اليوم» إن «هذه الفتوى تسيء للدين الإسلامي امام العالم الغربي الذي ينتظر ذريعة ليكيل له الاتهامات»، لافتين إلى انها «تتيح للإعلام الغربي فرصة ذهبية لوصف الإسلام بالإرهاب، والقتل»، كما أنها «تعطي البعض الحق في إسالة دماء المسلمين».
وأعلن كبير المفتين في دائرة الشؤون الاسلامية والعمل الخيري في دبي، الدكتور أحمد الحداد، رفضه للفتوى على الرغم من تقديره لـ«اللحيدان» وموقعه القضائي، ورأى أن الفتوى تحمّـل المسلمين «أبعاداً سياسية واجتماعية وإعلامية خطرة».
وأضاف أن «الفتوى تحتاج إلى حيثيات ليست بالسهلة، ولابد من عرضها على مقاصد الشرع ومصالحه العليا، ويتعين أن تأخذ حظها الكامل من البحث قبل اطلاقها».
وأشار إلى أن «القتل أحد حدود الشرع، أوجبه الإسلام للحرابة أو القصاص إذا لم يعف ولي الدم عنه، ولا يكون في غير ذلك إلا ما يراه بعضهم تعزيراً وعقاباً في بعض القضايا الفكرية أو الأمنية كبعض الحنابلة وبعض المالكية، خلافاً لغيرهم»، مضيفاً «عظم الله أمر القتل وجعله قرين الشرك في الجرم، بقوله تعالى: }وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ{وقوله }مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا{، وقال النَّبِيِّ صلى اللَّه عليهِ وسلم: «لاَ يَحِل دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بِإِحْدَى ثَلاَثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْس، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَة».
وتابع «فتوى قتل التعزير والعقاب مقيدة بنظر ولي الأمر إذا رأى المصلحة العليا في ذلك، وأنها لا تتحقق إلا به، إما لدرء مفاسد خطرة على الأمة في أمنها أو دينها، لكنها تحتاج الى حيثيات كبرى». واعتبر ان فتوى القاضي السعوديّ كبير، غير أنني أعتقد أنها لم تكن أكثر من رأي شخصي لا يمثل الفتوى أو القضاء». وقال الحداد إن «هذه الفتوى تحمل همّ الأمة تجاه هذه القنوات الهابطة التي يجب وقفها، وعلى الجهات المعنية أن تتقي الله تعالى وتقوم بواجبها حول حماية الإسلام والمسلمين والأخلاق والقيم».
من جانبه، طلب الداعية الدكتور أحمد الكبيسي «بوقف فتاوى التكفير والقتل، لأنها تسفك الدم، وتعطي الفئات الضالة ذريعة لقتل المسلمين بدم بارد». وتابع «الامة شهدت مصائب سالت فيها الدماء أنهاراً بسبب فتاوى من هذا النوع، فقد قتل صحابة بسببها، وارتكبت جرائم كبرى في التاريخ الاسلامي استناداً إليها»، مضيفاً «لا يصح ان تصدر هذه الفتوى جزافاً، ويكفي القول إن الاسلام لا يحل دم مسلم الا في حال (الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة)».
ودعا الكبيسي من يصدر مثل هذه الفتاوى إلى ان «يتقي الله في الناس، ولا يبيح قتل النفس، ويعطي الغرب الذريعة لتشويه صورة الدين».
ووجه الداعية «اللوم على المسؤولين في القنوات الفضائية؛ لأنهم لا يراعون الله في ما يقدمونه عبر شاشات قنواتهم». وأبدى الاستاذ في كلية الشريعة في جامعة الشارقة، الدكتور عبدالحق حميش، رفضه لفتوى اللحيدان، قائلاً «نحن ضد ما تبثه كثير من الفضائيات، لكن هذا ليس سبباً في الإفتاء بقتل ملاكها».
وأضاف «مواجهة تلك الفضائيات تتم بالدعوة بالحسنى، فنحن مطالبون بتغيير المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة».
وتابع «لابد ان تتوقف مثل هذه الفتاوى التي قد تجلب خراباً على الامة، وتتسبب في فوضى كبرى، وفي الوقت نفسه تعطي للغرب فرصة ذهبية لتشويه صورة الإسلام، ووصمه بتهمة الارهاب».
ولفت الى ان «المفتي ليس له حق في الأمر بالقتل، فهذا الامر منوط بالقضاء والحاكم المسلم»، مضيفاً أن «الفتوى مسؤولية، وقد تترتب عليها أضرار كبيرة للأمة، لذلك لابد ان تصدر عن المجامع الفقهية، وبعد دراسات دقيقة ومتعمقة».
|