أموال الأجانب «الساخنة» تتلاعب بأسواق الأسهم منذ نهاية 2007

 الأسهم تعرضت لضغوط قوية من المضاربين الأجانب الذين عمدوا إلى خفض الأسعار. تصوير: كريج سكار  

لم تنجح تصريحات مصرف الإمارات المركزي حول خروج أموال الأجانب «الساخنة» في إعادة الثقة للمتعاملين في أسواق الإمارات. وواصلت الأسهم تراجعها الملحوظ في بداية جلسة تداول أمس، ثم تماسكت نسبيا في منتصف جلسة التداول بفعل عمليات شراء من قبل مؤسسات مالية محلية قلصت من خسائر الأسهم، قبل أن تميل الأسعار نحو التراجع مجددا في نهاية الجلسة.
 
إلى ذلك، قال خبراء ماليون إن «غياب أدوات الأسواق الناضجة، وعدم التشريع لصانع السوق وللصناديق الاستثمارية فتحا الباب أمام الأموال الساخنة لتتحكم في التداولات منذ أواخر عام 2007 حتى الآن». وأكدوا أن «هذه الأموال دخلت في الربع الأخير من العام الماضي بهدف المضاربة مستغلة عدم وجود جهة استثمار مؤسسي تحمي السوق من الهزات العنيفة».

 

لافتين إلى أن الأسهم تعرضت لضغوط قوية من المضاربين الأجانب الذين عمدوا إلى تخفيض الأسعار في أوقات كثيرة بهدف الدخول على المستويات المنخفضة والخروج عند رفع السعر. وأظهرت بيانات هيئة الأوراق المالية والسلع أن القيمة السوقية خسرت 4.51 مليارات درهم جديدة أمس لتصل إلى 643.32 مليار درهم. وكان المصرف المركزي قد أكد في بيان صدر أول من أمس عن اجتماع مجلس إدارته خروج ما يقدر بـ90% من أموال الأجانب الساخنة من الدولة وهي الأموال التي تستخدم في المضاربات الخاطفة على الأسهم بهدف جني أكبر قدر من الأرباح في أقل وقت ممكن. وأشار المصرف إلى أنه يراقب الوضع عن قرب، وكذا أنه يمتلك الأدوات اللازمة للتعامل مع الوضع إذا تطلب الأمر ذلك.

 

مجابهة الضربات
 وأفاد مدير أول دائرة خدمات الأوراق المالية في بنك أبوظبي الوطني، مجد معايطة، بأنه من الصعب الحديث عن تنظيم دخول الأموال الساخنة أو وضع ضوابط عليها في ظل الاقتصاد المفتوح، لكن هناك أدوات كثيرة يمكنها مجابهة ضربات المضاربين الأجانب، منها صانع السوق، والصناديق المالية المغلقة، وغيرها». وقال «إنه عن طريق مثل هذه الأدوات يمكن إحداث توازنات يومية لحركة التداول بيعا وشراء، ما يخفف من حدة التقلبات التي تحدث مع دخول أو خروج أموال بأحجام كبيرة».

 

وأضاف معايطة «الأموال الساخنة دخلت بقوة، لأن أسواقنا للمضاربة فقط ويغيب عنها الاستثمار متوسط وطويل الأجل؛ لذا من الطبيعي أن يتهافت المضاربون أيا كانت جنسياتهم على أسواق المال باستراتيجيات قصيرة وسريعة لتدوير الأموال، وهو ما حدث على مدار قرابة العام». ومن جهته، قلل مدير مركز أبحاث شركة «الفجر للأوراق المالية»، الدكتور محمد عفيفي، من تأثير وجود الأموال الساخنة بحد ذاتها على الأسواق. قائلا: «إن حجم تداولات الأجانب لا يشكل سوى 9% من إجمالي التداولات اليومية، وهم دخلوا للمضاربة منذ الربع الأخير من 2007 وبدأوا في الخروج منذ ثلاثة أشهر تقريبا، وكثفت من خروجها  في الأسبوعين الأخيرين».

 

وأضاف «قابل ذلك حالة من الانتظار من جانب المستثمرين المحليين الذين فضلوا مراقبة عمليات التسييل عن بعد، ما خلف زيادة في المعروض من الأسهم على الطلب فهبطت الأسعار بشكل متتالٍ على مدار شهر ونصف الشهر تقريبا إلى أن شكلت تداولات الأجانب اخيرا من 40% إلى 50% من إجمالي التداول اليومي في جانب البيع، وهو ما أثر في الأسواق بشدة، وجعل المستثمر المحلي يتوجس من الشراء حتى عند الأسعار المتدنية».

 

 وأشار عفيفي إلى أن دخول محافظ محلية للشراء بقوة أخيرا يزيد التوقعات بأن يعاود السوق نشاطه بشرط استمرار هذه المحافظ في الشراء.

 

شائعات وآراء
وبحسب المستثمر في سوق دبي المالي إبراهيم مصطفى «فإنه على الرغم من أهمية التصريحات الصادرة عن المصرف المركزي التي تؤكد خروج الجانب الأكبر من أموال الأجانب الساخنة، إلا أن آراء وشائعات متداولة حول هذا الأمر أثرت بالسلب في أداء السوق».

 

 وأضاف: «بعد أن كان الجميع يتوقع حدوث ارتداد نسبي للأعلى في ظل عمليات الشراء التي نفذتها مؤسسات مالية محلية أول من أمس حدث العكس سريعا واستمر تراجع الأسهم بعد أن انتشرت آراء تؤكد تسبب عمليات (شورت سيلينج) بين محافظ أجنبية ومحلية في تحقيق الأسهم انخفاضات جديدة».  وأكد مصطفى أنه «في المقابل خرجت شائعات تحاول استغلال تصريحات المصرف المركزي وتؤكد رصد 200 مليار درهم لدعم أسواق الأسهم في الفترة المقبلة، ومواجهه انخفاضات البورصات العالمية وعمليات بيع الأجانب».

 

وأشار إلى أن حالة الضبابية التي تمر بها أسواق الأسهم المحلية حاليا، وصعوبة توقع اتجاه محدد للسوق في الفترة المقبلة أدت لتذبذب المؤشرات وأسعار الأسهم خلال جلسة تداول أمس، حيث حدث نوع من الكر والفر بين البائعين والمشترين أدى الى تغير اللون على شاشات التداول مابين أحمر وأخضر مرات عدة.

 

من جانبه، وصف المستثمر في سوق دبي المالي، سامي البدار، ما يحدث في أسواق الأسهم بأنه «لعبة تنفذها المحافظ الأجنبية». وقال «إن المشكلة ليست إيران، ولا رهن عقاري، ولا انخفاض للدولار، ولا ارتفاع النفط والذهب، وإنما لعبة بدأتها تلك المحافظ في شهر سبتمبر من العام الماضي، حيث قررت البنوك الأجنبية الدخول لأسواق الخليج بكل قوه بعد النزول الساحق منذ عام 2005 فضخت أموالا ساخنة وارتفعت أسواق الخليج اعتبارا من الشهر ذاته».

 

ولفت البدار إلى أنه نظرا لأن الأجانب يحتاجون لوقت طويل للخروج لجني الأرباح، فقد بدأت تلك البنوك في الخروج اعتبارا من بداية العام الجاري، ثم تصاعدت وتيرة الخروج لتصل إلى ذروتها في شهر سبتمبر الجاري ليكون الأجانب قد حققوا أقصى أرباح ممكنه خلال عام واحد فقط، وأيضا هم قادرون على العودة الى الشراء مجددا بأسعار متدنية لبدء دورة سريعة من الارتفاعات وجني الأرباح. 

 

استمرار البيع العشوائي  
كشفت بيانات إدارة سوق دبي المالي عن استمرار عمليات البيع العشوائي للأجانب، حيث بلغت قيمة مشتريات الأجانب غير العرب 199.8 مليون درهم، في حين بلغت قيمة مبيعاتهم 270.5 مليون درهم. وقد تأثر السوق سلبا بعمليات البيع تلك، حيث انخفض مؤشر السوق بنسبة 2.2% بعد هبوط أسهم 22 شركة مقابل ارتفاع أسهم سبع شركات فقط. وأشارت البيانات إلى تذبذب الأسهم، حيث اتسع الفارق بين أدنى وأعلى سعر للأسهم النشطة، ومنها سهم شركة «اعمار العقارية» الذي بلغ أعلى سعر له أمس 7.25 دراهم، مقابل أدني سعر عند 6.65 دراهم ثم أغلق السهم على 7.13 دراهم منخفضا بنسبة 1.1%. وانطبق الأمر ذاته على سهم «سوق دبي المالي» الذي تراجع في الإغلاق بنسبة 5.5% إلى 3.07 دراهم وكان أعلى سعر للسهم 3.26 دراهم وأدني سعر 2.85 درهم.    

 

وتماسك أمس سوق أبوظبي للأوراق المالية بعد الهبوط الكبير، حيث أنهى المؤشر العام التــداولات مرتــفعا بنــسبة 0.42% رابــحا 15.95 نقـطة، وارتفــعت قطاعات الاتصالات والصناعة والطـــاقة والعقارات، فيمــا تراجعــت بقية القــطاعات.  وبلغ إجمالي كمية الأسهم التي تم تداولها 184 مليون سهم بقيمة 1.2 مليار درهم، تمت على 4723 صفقة، توزعت على 38 شركة، ارتفع منها 18 وانخفض 15، فيما ظلت خمس شركات من دون تغيير. 

تويتر