رمضان الأطفال.. تدريب على الصيام

تعويد الأطفال على الصيام يتم تدريجياً وعبر مراحل.

يبدأ الأطفال بالصيام من دون أن يعوا أهميته أو الغاية الحقيقية منه، فتكون البداية مجرد تقليد للأهل، أو ليثبتوا أنهم كبروا. وعادة ما يرغب الأطفال في أداء الواجبات الدينية كطريقة للتعبير عن نضجهم، فيبدأون بأداء هذه الواجبات من دون ان يكونوا قد بلغوا سن التكليف.

ولكن من الناحية العمليه لابد ان يتدرب الطفل على هذه الواجبات الدينية، ومنها الصيام بين السابعة والعاشرة من عمره. هذا التدريب يساعد الأطفال على أداء فريضة الصيام مستقبلاً.

وينبه إخصائيو تغذية إلى ضرورة التأكد من صحة الطفل المراد تدريبــه على الصوم، وإعطائه وجبات غنية ومتكامـلة بالمغــذيات؛ لأنه في مرحلة نمو أساســية في حياته.

وتقول علياء إبراهيم «ثماني سنوات» إنها تعيش تجربة اول سنة أصوم فيها، و«أقامت لي العائلة احتفالية بهذه المناسـبة، وهذا جزء من عادات المـنزل، فقد اعتادوا اهلي على اقامة الحفلات في هذه الايام المهمة من حياتنا».

وتضيف علياء «هذه الحفلة شجعتني على إكمال صيامي بمثابرة وإرادة قويتين، كما أنني أستيقظ في وقت السحور، وأتناول طعاماً جيداً، فهذا يمدني بالقدرة على البقاء طوال النهار صائمة من دون ان اشعر بالتعب او العطش والارهاق».

أخاف تعبهم

هيام خالد التي لديها ولدان، أحدهما في التاسعة والآخر في الـ10 من العمر، تقول «اولادي يحبون الصيام على الرغم من اني انصحهم بعدم الصوم كون هذا الامر مرهقاً بالنسبة لهم، شخصياً اخاف عليهم من الصيام الذي قد يخفف من تركيزهم في المدرسة»، وتضيف «الطقس حار جداً، كما ان الدرس يتطلب طاقة، لذا أخاف ان يفقد أبنائي من نشاطهم المدرسي المعتاد، لاسيما ان الاطفال لا يقوون على احتمال الجوع والعطش كالكبار»، وتذكر هيام «أولادي متحمسين جداً للصيام، وأعتقد ان الإمارات من البلدان المشجعة على الصيام، لان هناك احتراماً كبيراً للعادات والتقاليد الإسلامية، كما ان القيم الإسلامية مكرسة على نحو واضح».

تهذيب السلوك

يؤكد الاختصاصي في علم الاجتماع، الدكتور حسين العثمان، «ان الاهتمام بتمرين الأطفال على الصيام مسألة في غاية في الاهمية لانها ترتبط بالتنشئة الاجتماعية في الاسر المسلمة»، ويضيف «من السهل ان يعتاد الاطفال على الصيام في الاسر التي يكون افرادها جميعاً يصومون، بالاضافة الى ان بدء تعليم الأطفال الصيام يكرس لديهم عادة الصوم عندما يكبرون، هذا التدريب يصقل الشخصية ويهذب السلوك، ويمكن الطفل من تحمل المسؤولية والشعور بالآخر»، ويشير العثمان الى ضرورة عدم اجبار الاطفال على الصيام، وتشجيعهم على ذلك عبر الاقناع وشـرح الاشياء الايجابية والفوائد التي تتأتى من الصيام، بالاضافة الى اهمية تقديم فكرة واضحة عن عمل الخير والاحساس بالآخر والسلوك المرتبط بشهر رمضان».

ويشدد العثمان على أهمية تقديم مكافآت للاطفال عند البدء في تدريبهم على الصيام. وأضاف أن الاسر المتدينة هي التي يكون فيها الاطفال اكثر التزاماً بالصيام والواجبات الدينية، مشيراً الى أن اعتياد الاطفال على الصيام منذ الصغر يؤدي الى مواظبتهم على هذه الفريضة.

منعٌ لساعات

وقالت مديرة ادارة التغذية في المنطقة الشرقية وفي العين، ندى الاديب، «يجب ان نبدأ بتعليم الطفل الصيام من عمر سبع سنوات، مع الاخذ بعين الاعتبار قدرة الطفل على تحمل الجوع والعطش، اما الاسلوب الذي يجب اعتماده في تعويد الاطفال على الصيام، فيكون بالامتناع عن الاكل والشرب لساعات محددة لاختبار القدرة على تحمل الجوع والعطش، وهنا نقدم للطفل الفطور، ونطلب منه الا يأكل اثناء الاستراحة في المدرسة، وأن ينتظر حتى ساعة الغذاء من دون ان يتناول أي طعام او شراب»، وأضافت أن المنع عن هذه الوجبة الخفيفة يكون مع الاطفال الذين بلغوا سبع وثماني سنوات، مع الاخذ بعين الاعتبار عدم معاناة الطفل من أي مرض او سوء تغذية، ولابد من التأكد من الصحة الجسدية عبر الاستشارة الطبية، وإجراء الفحوصات السريرية، وقياس الوزن ومعرفة الطول».

ولا تنصح ندى بصيام الاطفال صغار السن، لكونهم في مرحلة النمو الجسماني والعقلاني، وتلفت الى ان الطريقة المثلى لتعويد الاطفال على الصيام تكون بين التاسعة والعاشرة، «نبدأ في هذه المرحلة الجديدة مع الطفل بنوع آخر من الصيام، حيث نعمد تقديم وجبة جيدة من الفطور في الصباح، ثم منع الطفل عن الطعام خلال استراحة المدرسة، ثم تأخير الغداء لبعض الوقت، بحيث نؤخرها في اليوم الاول مدة نصف ساعة، ثم بعد ثلاثة ايام نؤخرها مدة اطول، وبالتالي تدريجياً نقوم بهذا حتى تتزامن وجبة غذاء الطفل مع وجبة الافطار».

وقالت مديرة ادارة التغذية في المنطقة الشرقية «إن التدرج في تعويد الطفل على الصيام أمر غاية في الاهمية، كونه يمكن الطفل من تقبل السلوك الجديد في شهر رمضان، ما يبعده عن الدخول في سلوك غير حميد، بالاضافة الى ان التدرج في الصيام يؤشر على ان الطفل بخير ولا يعاني مشكلات صحية، كما انه يصل الى مرحلة البلوغ مع الاعتياد على الصيام».

عناصر غذائية

وأكدت ندى ضرورة التركيز على الوجبات الكاملة العناصر الغذائية، وأن تشتمل كل وجبة على العناصر الغذائية الموجودة في الهرم الغذائي، وهي الحبوب والخضراوات، والفواكه والحليب واللحوم، «لذا لابد من اعطاء الطفل أربعة حصص من الحليب يومياً، لفوائده الغذائية للعظام والاسنان، ما يعني وجوب تقديم الحليب ومشتقاته على السحور، أما في الفطور فلابد من تقديم كوب لبن، وكوب ماء، بالاضافة الى الحبوب كالبقوليات والفول، والارز واللحم او السمك او الدجاج، وكذلك الخضار والفواكه».

وشددت ندى على ضرورة اعطاء الفواكه بطرق غير متشابهة في كل مرة، كي لا يملّ الطفل منها، اذ تقدم احياناً مقطعة او حتى معصورة.

أمور يجب تجنبها

قالت مديرة إدارة التغذية في المنطقة الشرقية، الدكتورة ندى الاديب، «ان الطفل غالباً ما لا يتذكر تناول الماء، لذا علينا ان نقدم له ثمانية اكواب من الماء يومياً خصوصاً في الفترة المسائية، بالاضافة الى العصائر، كون درجة الحرارة مرتفعة والجسم بحاجة الى ماء كثير ليتم غسل الكلية يومياً. بالاضافة الى الابتعاد عن تقديم الوجبات الغذائية الغنية بالتوابل وعدم زيادة الملح في الطعام، والابتعاد عن اعطائهم الحلويات في السحور كي، لا تسبب العطش».

تويتر