ازدياد جرائم الأحداث خــلال الصــيف
حدث في إحدى دور الرعاية ينظ إلى وسيلة تعليمية. أرشيفية
كشفت الأرقام الصادرة عن وزارة الشؤون الاجتماعية عن أن جرائم الأحداث تزداد صيفاً بسبب أوقات الفراغ، مشيرة إلى أن عدد الأحداث الذين استقبلتهم دور الرعاية الاجتماعية منذ بداية العام وحتى منتصف شهر سبتمبر بلغ 700 حدث، يتوزعون على ثلاثة دور في أبوظبي والشارقة والفجيرة. واعتبر المسؤول الإداري في إدارة الحماية الاجتماعية التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية عبدالعزيز سالم، أن عدد الأحداث يسجل تراجعاً خلال السنوات الأخيرة، إذ وصل في العام 2007 إلى 775 حدثاً من الإناث والذكور، في حين تشير إحصائية 2006، إلى أن الدور استقبلت 843 حدثاً.
وأفاد بأن دار أبوظبي للفتيان تضم 540 حدثاً، وتضم دار أبوظبي للفتيات 41 فتاة، وفي دار الرعاية في الفجيرة 42 حدثاً، ويوجد 69 حدثاً في الشارقة من الذكور وفتاتان، موضحاً أن تراجع عدد الأحداث ظاهرة صحية، ملمحاً إلى أن عدد الفتيات ازداد العام الماضي، إذ استقبلت دور الرعاية 88 فتاة، بينما التحق بالدور 18 فتاة خلال عام .2006 ولاحظ سالم أن معظم الفتيات اللائي التحقن بدور الرعاية الاجتماعية تورطن في قضايا هتك عرض، فيما تنوعت بقية الحالات بين الزنا والتغيب والاعتداء والدعارة، مشيراً إلى أن عدد الأحداث داخل الدور ارتفع في موسم الصيف، مفسراً بأنه «ناتج عن الفراغ ورفاق السوء».
رعاية لاحقة
وشدد على أن الوزارة تهتم بمتابعة الحدث بعد خروجه من دور الرعاية، موضحاً أنها «أعدت خطة استراتيجية، لتطبيقها ما بين عامي 2008 و2010، تتعلق بتبني الرعاية اللاحــقة لمساعدة الأحداث الجانحين، والأفراد المدمنين الذين أفرج عنهم، في العودة إلى حياتهم الطبيعية ودمجهم في المجتمع والوصول بهم إلى بر الأمان».
وذكر أن عدد الأحداث الذين تمت متابعتهم بعد الإفراج عنهم، وصل إلى 19 حدثاً، في الربع الثاني من العام الجاري، مشيراً إلى أهمية برامج التوعية، والمبادرات، في الحد من تكرار الحدث للجريمة وعودته إلى دار الرعاية من جديد. ولفت إلى أن الوزارة تسعى إلى تقليل عدد الأحداث من خلال مبادرات تسبق جنوح الأحداث، ومبادرات الرعاية اللاحقة، وبرامج توعية عن طريق دور التربية، إضافة إلى مبادرات ميدانية تطول جميع مدارس التربية والتعليم، لتوعية الطلبة بدور رفاق السوء، وطرق استغلال أوقات الفراغ في أعمال مفيدة.
عمل ميداني
وقال مدير إدارة الحماية الاجتماعية حسين الشواب، إن العمل الميداني مع الأحداث يواجه صعوبات عدة، من بينها عدم تقبل آباء وأمهات الأحداث للمتابعة المستمرة سواء في المنزل أو العمل، عازياً السبب إلى ضعف الوعي المجتمعي بأهمية الرعاية اللاحقة، إلى جانب النقص الكبير في الكادر الوظيفي المتخصص في الرعاية النفسية، وعدم وجود حوافز مالية للأخصائيين في البرنامج. وأشار الشواب إلى أن الوزارة ستستعين بخبراء لتدريب الأخصائيين الاجتماعيين الجدد، على مبادرة الرعاية اللاحقة، وتدريب المختصين على طرق استعمال الاستمارات واستيفاء البيانات، موضحاً أن لقاءات دورية سيتم عقدها قريباً مع المستهدفين، من الأحداث والمدمنين المفرج عنهم لتعريفهم بمبادرة الرعاية اللاحقة، لضمان تعاونهم، إلى جانب برنامج تأهيلي للأسر، لتحديد أدوارهم في البرنامج.
زواج الأجنبيات
واختلف اخصائيون حول اسباب جنوح الأحداث من الذكور والإناث، وحصرها المسؤول الاداري في إدارة الحماية الاجتماعية، في زواج المواطن من اجنبيات، كونه يخلّف مشكلات اجتماعية توفر البيئة المناسبة لجنوح الأحداث، بينما قالت الأخصائية النفسية في إدارة وحدة الدراسات في وزارة الشؤون الاجتماعية الدكتورة عائدة الوراي إن للجنوح أسباباً كثيرة ومركّبة، مثل رفاق السوء، والانترنت، وغياب الوازع الديني، والخلافات الأسرية، إلى جانب الوضعين الاقتصادي والاجتماعي، وأساليب التنشئة الخاطئة، داعية إلى إجراء دراسات علمية دقيقة لتحديد الأسباب الحقيقية لجنوح الأحداث.
وأكد الأخصائي الاجتماعي محمود الشايب، أن للأسرة دوراً كبيراً في انحراف صغار السن، موضحاً أن التوتر داخل الأسرة، وتعدد الزوجات، وإهمال رعاية الأبناء، أو رعايتهم بأساليب خاطئة، مثل التدليل الزائد، أو القسوة المفرطة، وكذلك الوضع الاكاديمي للوالدين؛ كلها اسباب تقف وراء جنوح الأحداث. وأوضح أن نسبة جنوح الأحداث تتناقص كلما زاد المؤشر العلمي للوالدين، فإحصائية 2007 لدار أبوظبي تشير إلى أن عدد الأحداث للآباء الأميـين وصلت إلى 34، في حين كان الـعدد اثنين للآباء الجامعيين.
جرائم الفتيات معظمها «هتك عرض»
قال القاضي الأول في المحكمة الجنائية والأحداث الدكتور عبدالله الشامسي، إن أغلب قضايا الفتيات تقع ضمن مظلة هتك العرض بالرضا. وأوضح أن قضايا الأحداث تتفاوت بين اعتداءات بسيطة وهتك عرض، خصوصاً قضايا اللواط، بالإضافة إلى جرائم السرقة، لافتاً إلى أن معظم قضايا الأحداث المتهم فيها فتيات تتركز على هتك العرض بالرضا. وأشار الشامسي إلى أن عقوبة الأحداث تصل في حدها الأقصى إلى 10 سنوات حبساً، بحسب وجود ظروف تشدد الحكم، متابعاً أن «أقصى عقوبة تلقاها حدث خلال فترة عملي كانت الحبس لمدة ثلاث سنوات عن تهمة القتل العمد».
وأوضح أن عمر الحدث يتفاوت ما بين السن السابعة و18 عاماً، مؤكداً أن «من هم دون السابعة لا يسألون، ومن هم بين سن الـ18 والـ21 يتوافر لديهم عذر السن الذي يعتبر بدوره عنصراً مخففاً للحكم وجوبياً، أما من هم دون سن الـ16 فلا يجوز حبسهم، ومن أتم الـ 16 حتى الـ18 يمكن توبيخه أو وضعه لاختبار قضائي أو إيداعه في مأوى علاجي. وأفاد الشامسي بأن جرائم هتك العرض واللواط ارتفعت، خصوصاً في فترة الصيف، عازياً ذلك إلى الفراغ. وطرح الشامسي ملخصاً لقضية تتكرر أحداثها كثيراً وقال «كانت هناك قضية هتك عرض، متهم فيها فتاة تبلغ من العمر 13 عاماً، سمحت لشاب يبلغ من العمر 18 عاماً بالدخول إلى منزل ذويها من دون علمهم بدافع الحب، وارتكبا جريمتهما داخل منزل ذويها، لافتاً إلى أن «في هذه الحالة لا تعاقب الفتاة بالحبس إلا في حالات استثنائية منها التعود على مثل هذه القضايا، أو إذا جاء في تقرير الباحثة الاجتماعية أن الفتاة والدتها مطلقة أو والدها يشرب الخمر وتنتمي لعائلة مفككة، فيتم إيداعها في مأوى علاجي للحفاظ عليها».
ورأى أن البيت من أسباب ارتكاب الأحداث للجرائم، يليه الوازع الديني ثم رفاق السوء والأوضاع الاجتماعية والفقر. وطالب بـ«توعية الأسرة، خصوصاً في فترات الصيف وإجازات نصف العام، لأن قضايا الأحداث تكثر في هذه الأوقات، بسبب زيادة أوقات الفراغ ونقص الفرص أو الخيارات أمامهم في شغل الوقت، خصوصاً ذوي الدخل المحدود والفقراء نسبياً، إذ تتزايد نسبة قضايا هؤلاء أكثر من غيرهم من الطبقات الاجتماعية، إلا أن ذلك لا ينفي وجود قضايا أفرادها من أسر مستقرة مالياً واجتماعياً. تنص المادة 15 من قانون الأحداث الاتحادي رقم 9 لعام 1976، في شأن الأحداث والجانحين والمشردين، على أن معاقبة الأحداث بهذه الطرق إما التوبيخ أو التسليم أو الاختبار القضائي، أو منع ارتيادهم أماكن محددة، أو حظر ممارسة عمل ما، أو الالتزام بالتدريب المهني، أو الإيداع في مأوى علاجي او معهد تأهيل أو دار للتربية أو معهد للإصلاح حسب الأحوال وأخيراً الإبعاد.
وحول عقوبة الإبعاد أفاد الشامسي بأنه تم تطبيق هذه العقوبة على عدد من المتهمين في قضايا، ومن غير التائبين منهم كان حدث من الجنسية السويسرية متهماً بجلب مخدرات للزراعة وترويجها، وآخر من جنسية عربية كان لديه سجل حافل بقضايا السرقة، وآخر اعتاد على جريمة هتك العرض، مثل هذه الفئة الدولة في غنى عن وجودهم، وكان لابد من إبعادهم عن الدولة، وأشار إلى أن الحدث لا يجوز فرض غرامة عليه ولا يجوز الادعاء بتعويض المجني عليه او المتضرر في القضية. للأحداث قانون خاص وإذا لم يكن هناك نص قانوني صريح في تهمة ما؛ فالقانون الخاص عادة ما يقيد القانون العام، فنلجأ إلى القانون العام والقواعد العامة لقانون العقوبات.
وأشار إلى أهمية توطين القضاء، وقال إن القضاء ولاية وليست وظيفة، فالقاضي المواطن، من دون تقليل من قيمة القاضي الوافد، على دراية أشمل، وملم أكثر بكيفية تناول القضايا، خصوصاً الأحداث، فهو أكثر خبرة بظروف الدولة وطبيعتها وعادات وتقاليد المجتمع أكثر من غيره. وقال إن القانون خصص محكمة للأحداث مراعاة لظروفهم الاجتماعية والإنسانية، بالإضافة إلى أنه يتم النظر إلى أوضاعهم الأسرية والاجتماعية قبل إصدار الأحكام، مشيراً إلى أهمية حضور الباحثة الأسرية جلسات قضايا الأحداث لدرجة أن عدم حضورها يبطل الجلسة، لتلاحظ سلوك الحدث الاجتماعي ومعرفة كيفية تدبيره والتعامل معه.