الفضائيات العربية .. المال والفن


الكتاب الصادر عن دار نشر قدمس في  دمشق 2003 «الفضائيات العربية: الفضائيات والإنترنت والإعلام والنشر» هو ثمرة بحث جماعي شارك فيه باحثون عرب وأوربيون بإشراف الفرنسي فرانك مرمييه، وغايته استكشاف طرائق انغراس تقنيات الاتصال الحديثة وتطورها داخل مختلف اطر المجتمع المحلية، استجابة لأوضاع عالمية. قـُدر عدد الفضائيات التي يلتقطها العالم العربي في العام 2000 بنحو 452 قناة أجنبية، غير أن انتشار الفضائيات العربية قاد إلى إعادة تشكيل موازين القوى في الساحة العربية بتنويعها للبث ولمضمون البرامج على السواء. وقاد ظهور قناة الجزيرة، كقناة عربية، توازي شهرة قناة سي. أن. أن.

 

وغدت الإمارات العربية المتحدة من الفاعليات البارزة في الحقل الإعلامي والاتصالي الإقليمي، كما تميزت إمارة دبي بإطلاقها في العام 2000 مدينة «ميديا سيتي»، على شكل منطقة حرة، باستثمار قيمته 800 مليون دولار أميركي. وبما أن المجال الفضائي ليس مجرد سماء صافية، بل هو أيضا مجال للمنافسة التجارية والإعلامية والسياسية، فقد وصفت بعض الهيئات الرقابية الرسمية، سرعة انتشار الصحون اللاقطة بـ«الصحون الشيطانية» وقادت العولمة الاقتصادية والتوزيع التقني الجديد، بالمقابل، إلى توسيع قنوات الإنتاج وتنويعها وبث الإعلان واستقباله ومد سلطته ليلعب دور المهيمن في حياة الفضائيات.

 

ويتفق اليوم جميع الباحثين، على الدور المتنامي للفضائيات، التي أخذت تستقطب نصف ميزانية نفقات الإعلان الإجمالية تقريباً. بدءاً من العام 2000 عد أهل الإعلان أن دبي بلغت فعلياً دوراً إقليمياً في بلدان مجلس التعاون الخليجي والشرق الأوسط على السواء، خصوصاً أن النفقات الإعلانية بلغت في ذلك العام (1.3) بليون دولار أميركي في 22 بلداً عربياً يعيش فيها (150) مليون مستهلك راشد، منهم (140) مليون مشاهد يملك منهم (51) مليوناً كابلاً أو اشتراكاً فضائياً. وإذا ما التفتنا الى المسلسل الدرامي، فسنرى أن التحليلات في العالم لا تنظر اليه وفقا لمعايير فنية، فقط، إنما أيضاً، وبالدرجة الأولى، وفقا لقيمته الاستعمالية.

 

على هذا تم رسم هدف المسلسل وقيمته، منذ البداية، كحامل للإعلان، ففي أميركا مثلا بدأت احتكارات الشبكات المنتجة لوسائل الغسيل تدعم مسلسلات «أوبرا الصابون» الناجحة، بحيث أصبح بث الإعلان عبر المسلسل، في كل سبع دقائق، لدرجة يلزم فيها الكتّاب أن يراعوا في إعدادهم لبنيته الدرامية، أساساً، الزمن، الذي يستغرقه تقديم الإعلان مع مراعات نوعيته! ومع تطور التلفزيون ازدادت أيضاً نفقات الإعلانات الصناعية، فبين عامي 1946 و1975 وصلت نسبة زيادتها إلى نحو 1000%، ووصلت عائدات التلفزيون في أميركا من هذه المصروفات، بعد 10 سنوات من إحداث الإعلان، إلى نسبة 60% من إجمالي نفقات الإعلان.

 

 فعلى سبيل المثال يجلب المسلسل الناجح إلى شبكة أن بي سي واردات تقدر بأكثر من مليون و200 ألف دولار عن كل حلقة زمنها 60 دقيقة. هل يتأتى علينا أيضاً أن نفهم العناصر المتحدة لطبيعة العلاقة بين جمالية المسلسل الدرامي وبين إمكانات إنتاجه، أصلاً، وبالتالي شروط تسويقه، كحامل لمحمول، هو الإعلان؟      alzubaidi@surfeu.de  

الأكثر مشاركة