|
«يلجأ البعض إلى شراء شهادات معينة مثل الماجستير والدكتوراه كنوع من «الديكور الاجتماعي» حتى يذكر اللقب قبل اسمه، لكن لا يمكنه استخدامها حين يتقدم لوظيفة أو عمل من دون اعتمادها من وزارة التعليم العالي»، هذا ما صرح به نائب رئيس جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا، الدكتور بشير شحادة لـ«الإمارات اليوم» ضمن موضوع تم نشره على الصفحة الأولى الأسبوع الماضي، حول قيام طلبة من الإمارات بشراء شهادات مزورة من الولايات المتحدة الأميركية.
أتفق مع الدكتور شحادة في المصطلح الجميل الذي استخدمه، وهو شهادة الدكتوراه من أجل «الديكور الاجتماعي». بالفعل كثيرون أولئك الذين يضعون حرف الدال قبل أسمائهم، لكن لا أحد يعرف ما هذه الدكتوراه التي يحملونها، ومن أين، وهل الشهادة تناسب التخصص الذي يشتهر به الشخص حالياً؟ وهل تناسب تصريحاته وكلامه أم لا؟! معظم هؤلاء لا يريدون الشهادة من أجل الحصول على وظيفة، ولكن الخطورة أنهم يؤثرون في المجتمع بصورة أو بأخرى، ويحصلون على وزن ومكانة إضافيين بسبب حرف الدال، فعلى سبيل المثال تتهافت وسائل الإعلام والصحافة، وراء هؤلاء لأخذ آرائهم وتحليلاتهم، على اعتبار أنهم نخبة، وبالتالي فإن مثل هذه الآراء تؤثر من دون شك في الرأي العام، وأحياناً عند أصحاب القرار، ولربما تصدر قرارات وتتغير قناعات وسياسات بناء على كلام هؤلاء المحللين. وحرف الدال هنا يعطي صدقية أكثر، فما العمل لو كانت الدكتوراه في هذه الحال مجرد «ديكور اجتماعي»، وصاحبها مجرد «متفلسف» يهرف بما لايعرف؟ ألا توجد هنا خطورة اجتماعية؟!
لا نخشى إطلاقاً من تسرب أصحاب الشهادات المزورة أو «المدفوع لها» إلى المناصب والوظائف الحكومية، فهناك رقابة نثق بها من قبل وزارة التعليم العالي التي تعمل جاهدة على معادلة الشهادات، وتستطيع أن تكشف الحقيقي من المزور، لكن الخوف يكمن في تسرب هؤلاء إلى شركات القطاع الخاص الذي لا يسأل أحد فيه عن شهادة، وربما لا يطلب «الأوراق الرسمية الأصلية» عند التوظيف، وتكتفي الشركات، بما فيها الكبيرة، بالـ «سي في»، وجهة العمل السابقة، والمقابلة، وبالتالي فإن شركات القطاع الخاص هي البيئة المناسبة لحملة الدكتوراه «الوجاهية»، ووصول هؤلاء إلى مناصب لا يستحقونها لاشك أن فيه كثيراً من السلبيات التي تؤثر في المجتمع، فالقطاع الخاص جزء رئيس في منظومة العمل الاقتصادي بالدولة.
أكاد أجزم بأن معظم شركات القطاع الخاص، بما فيها الشركات الضخمة وحتى تلك التي تمتلك الحكومة فيها نسباً معينة، تعاني من فوضى في عمليات التوظيف، ومعظم الذين يتبوأون مناصب قيادية فيها، بمن فيهم الخبراء «الأجانب»، لا يحملون مؤهلات تناسب الإدارات التي يديرونها، ولو تم فقط شن حملة لمضاهاة الـ«سي في» بالوظيفة التي يديرها الشخص، سنجد صدمة كبيرة، وسنكتشف من الأمور «المضحكة المبكية» الكثير والكثير. طبعاً الخطورة هنا لا تكمن في مجرد جلوس الشخص «الغلط» في المكان «الغلط»، إنما الخطورة تكمن في أن هؤلاء مؤثرون، من خلال مواقعهم، في قطاعات اقتصادية حيوية في البلد، تبلغ استثماراتها مليارات الدولارات، في حين أنهم غير مؤهلين لإدارة «دكان» صغير على طريق «حتا» أو«لهباب»!
reyami@emaratalyoum.com
|
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
Share
فيسبوك
تويتر
لينكدين
Pin Interest
Whats App