قطوف

 لما ظفر سيف بن ذي يزن بالحبشة أتته وفود العرب، وأشرافها، وشعراؤها تهنئه وتمدحه ومنهم وفد قريش وفيهم عبدالمطلب بن هاشم، فاستأذنه في الكلام، فأذن له، فقال: «إن الله تعالى أيها الملك أحلك محلاً رفيعاً، صعباً منيعاً، باذخاً شامخاً، وأنبتك منبتاً طابت أرومته، وعزت جرثومته، وثبت أصله، وبسق فرعه؛ في أكرم معدن، وأطيب موطن؛ فأنت - أبيت اللعن - رأس العرب، وربيعها الذي به تخصب، وملكها الذي به تنقاد، وعمودها الذي عليه العماد، ومعقلها الذي إليه يلجأ العباد، سلفك خير سلف، وأنت لنا بعدهم خير خلف، ولن يهلك من أنت خلفه، ولن يخمل من أنت سلفه.    
نحن أيها الملك أهل حرم الله وذمته، وسدنة بيته، أشخصنا إليك الذي أبهجك بكشف الكرب الذي فدحنا، فنحن وفد التهنئة لا وفد المرزئة». 

 

 أراد أبوالعباس السفاح يوماً أن يتكلم بأمر من الأمور بعدما أفضت الخلافة إليه، وكان فيه حياء مفرط، فارتج عليه، فقال داود بن علي بعد أن حمد الله، وأثنى عليه: «أيها الناس، إن أمير المؤمنين الذي قلّده الله سياسة رعيته عقل من لسانه عند ما يعهد من بيانه، ولكل مرتق بهر حتى تنفسه العادات، فأبشروا بنعمة الله في صلاح دينكم ورغد عيشكم». 

تويتر