الخط الصيني.. ريشة ترسم موسيقى الحروف

للخط الصيني مئات الأنواع.تصوير:غلام كركر 

تشاو فو شيان شاب صيني أحب اللغة العربية، وفور انتسابه إلى كلية الدراسات الشرقية في الصين، غيّر أستاذه اسمه من تشاو  إلى سمير. قاده حبه للغة العربية إلى تعلمها والتعرف الى ثقافتها.  سمير الصيني في زيارة إلى الإمارات، وهي أول دولة عربية يزورها.

 

ويقول إن «اللغة العربية جميلة، لكنها صعبة، والشعب العربي لطيف، وأتمنى أن أعيش هنا في الإمارات»، إذ يعمل طوال شهر رمضان مترجما من الصينية إلى العربية في جناح الخط الصيني المشارك في مهرجان الفنون الإسلامية «طريق الحرير» المقام على قناة القصباء في الشارقة.

 

جاء الجناح الصيني هذه المرة خلافا لما هو معروف عن الصينيين، لا بضائع ولا تجارة ولا اجهزة تدليك او العاب، اذ يمثل الجناح جانبا ثقافياً وفنيا للصين، وبإمكان الزوار الاطلاع على الخطاطين والرسامين الصينيين، وهم يقومون برسم وخط عبارات بريشة رشيقة تلثم الحبر الأسود على الورق التقليدي المصنوع من الأرز، لتشكل حروفا وأشكالا فنية لرموز من الثقافة الصينية. ويعكس الخط الصيني موسيقى خاصة في انسيابية الاشكال.

 

المترجم سمير يفتح الباب للزوار ليتعرفوا الى فن الخط الصيني، اذ يمثل همزة وصل مع عدد من الخطاطين المشاركين. إلى جانب ذلك يقدم شرحا عن ثقافة الخط في بلاده، ويقول «للخط الصيني أنواع متعددة، يصل عددها إلى المئات من الأنواع والأساليب».

 

يقول المترجم الشاب وهو يمسح عرقه، شاكيا من رطوبة الجو، «الفن الصيني التقليدي مستمد من حياة الصين وتاريخها وحاضرها، وهو نتاج ثقافة عمرها آلاف السنين»، ويوضح أن الخطاط الصيني يحتاج إلى ساعة من الوقت لإنهاء لوحته الخطية.

 

ولفت إلى أن «فن الخط الصيني يتقاطع في مجمله مع فنون الخط في كل من اليابان وكوريا، فهناك مقاربات في التقنيات التي تستخدم، وهذا موجود في تاريخ أسرة تان التي حكمت الصين في إحدى الحقب، اذ توجد رسوم وعبارات متقاربة مع اليابان وكوريا، ومن هنا تعكس اللوحات شكل الحياة في أسرة تان».

 

في الجناح الصيني المجاور للقناة المائية، يجلس الخطاط ين وراء طاولته، وأمامه ورقه التقليدي المصنوع من الأرز، وصحون للحبر الأحمر والأسود وفراشٍ بأحجام ومقاسات مختلفة. وخلفه بعض مما أنجزه من أعمال خطية فنية مزينة بتمائم تقليدية لحيوانات مقرونة بالأبراج الصينية للإنسان.

 

يقول ين «أخط العبارات التي تحمل التمنيات والتوفيق والنجاح في الحياة، مقرونة برسوم لحيوانات يتفاءل بها الشعب الصيني، وهي 12 حيوانا موزعة على أشهر السنة»، مشيرا الى ان لكل برج نقاط قوة وضعف. 

 

وأوضح الخطاط ين اصل تسمية السنوات بأسماء حيوانات، بقوله إن ذلك يعود الى اسطورة صينية تحكي عن استدعاء بوذا لجميع الحيوانات قبل مغادرته الأرض. ولكن لم تأت كل الحيوانات، اذ حضر لوداعه 12 حيوانا، فقرر تكريمها لاستجابتها استدعاءه، بأن سمّى كل سنة باسم واحد من تلك الحيوانات بحسب ترتيب حضورها، فكانت اعوام الفأر والبقرة والنمر والأرنب والتنين والحية والحصان والعنزة والقرد والديك والكلب والخنزير.


وأضاف ان المنجمين الصينيين قسموا شخصيات الناس إلى 12 شخصية أساسية، كل واحدة تمثل حيوان السنة الصينية التي ولد فيها الشخص. ويعتقدون أنه في قلب كل منا تسكن صفات ذلك الحيوان. وعن مستلزمات فن الخط الصيني، يقول ين انه يحتاج إلى حبر وأدوات خاصة يستخدمها الخطاط في رسم لوحته وكتابة عباراته وتزيينها بأشكال متعددة.

 

من جانبه، يقول الخطاط لو تانغ فو انه يرسم بخطوط عدة، ومنها ما كان أمامه ويسمى «ثاو سو»، موضحا ان «اللغة الصينية غنية ومتنوعة، وهذا الخط الذي ذكرته عمره خمسة آلاف سنة، اذ يعد الأجمل بين الخطوط الصينية، ويعبّر عن الناس وثقافتهم»، مضيفا ان «لوحاتي الخطية الحروفية تعبّر عن حياة الإنسان الصيني في مختلف تفاصيلها».   

تويتر