ضبط محفظة «إسلامية» وهميّة في أبوظبي

مدير إدارة التحريات في شرطة أبوظبي العقيد مكتوم الشريف

 

كشفت إدارة التحريات والمباحث الجنائية في شرطة أبوظبي عن محفظة وهمية جديدة، استولى مديرها على نحو 320 مليون درهم من 1300 ضحية، بزعم متاجرته في الإلكترونيات، وتمكن من ايهام الضحايا بقدرته على  تقديم أرباح شهرية بنسبة 40%، وألقت الشرطة القبض على المتهم الاول ممثل الشركة «س.ع» (مواطن)، ومديرها «ع.ح» (سوداني)، وفق مدير إدارة التحريات العقيد مكتوم الشريفي الذي أشار إلى استغلال بعض الأشخاص الدين غطاءً لخداع الاخرين حيث روّج المتهمان لمحفظتهما الجديدة بإعتبارها محفظة اسلامية تعتمد على مبدأ «المرابحة» وحصل المتهمان على توقيع الضحايا على عقود واشتراطات، تمنعهم من المطالبة بودائعهم كاملة حال خسارة تلك الاستثمارات المزعومة.

 

وأوضح الشريفي أن المرابحة اصلا لا تبرر إلا خسارة جزئية للإيداعات وليس كاملها فضلا عن ان تلك المحافظ غير مرخص لها بالعمل مهما كانت المسميات، داعيا الجمهور الى عدم الانقياد وراء الشائعات والتيقظ لتلك الحيل والألاعيب التي لا تنطلي على أجهزة الامن.

 

وتفصيلاً أفاد رئيس قسم الجريمة المنظمة في شرطة أبوظبي المقدم إبراهيم حمد الهنائي، بأن القسم تلقى بلاغا من أحد الضحايا ضد شركة «ش. للتجارة» التي يمثلها «س.ع»(مواطن)، موضحاً أنه تم الاتفاق بينه وبين ممثل الشركة على تسليمه 100 ألف درهم، مقابل حصوله على  الأرباح بعد 45 يوما من تسليم رأس المال. وأضاف الشاكي أن الشركة لم تلتزم بدفع الارباح مطلقاً، فطالبها بإعادة رأس المال ورفضت الشركة، فلم يكن أمامه سوى اللجوء إلى الشرطة.

 

 وأوضح الهنائي أن الشرطة باشرت التحقيق  على الفور مع ممثل الشركة الذي يعمل رئيساً لقسم الموارد البشرية في إحدى الشركات، إلى جانب تملكه شركته الخاصة. واعترف في محضر الشرطة بأنه تسلم 100 ألف درهم من الشاكي على أساس انه سيسلمه الارباح حسب الاتفاق، وسلم المبلغ بدوره إلى مدير الشركة «ع.ح» ـ المتهم الثاني ـ الذي يقوم باستثمار المبالغ المالية في تجارة الإلكترونيات التي تعد إحدى أنشطتها الرئيسة، حيث يتم شراؤها من دبي لتصدر إلى إفريقيا حسب قوله، وتأخر عن سداد الارباح  باعتباره  مسجوناً في دبي، وقال إنني  لم أكن سوى وسيط لديه.

 

وأضاف ممثل الشركة أنه في عام 2005، قام باستثمار 40 ألف درهم وحصل على أرباح من المبلغ، وكرر التجربة عام 2006 باستثمار 700 ألف درهم وحصل على أرباح مجزية، وبعدها قام باستثمار مبالغ أخرى تخص أهله وأقاربه، ثم ذاع صيت الشركة وحضر أشخاص كثيرون، لكنه لم يكن يقبل المال إلا من المقربين فقط، تجنباً للمشاكل حتى وصل عدد المستثمرين إلى 1300 شخص، وقيمة الايداعات 320 مليون درهم، وكان العمل في تطور مستمر، والجميع يتسلم أرباحه بنسبة 40% كل 45 يوما. إلا انه في شهر ابريل الماضي توقف مدير الشركة   «ع.ح» عن تسليم الارباح، وفي شهر يونيو بدأ أصحاب المال  بالشكوى والمطالبة بإعادة رؤوس أموالهم .

 

وقال الهنائي إنه بسؤال ممثل الشركة عن طريقة تسلّم وتسليم الارباح، أفاد بأن مدير الشركة «ع.ح» يسلمه الارباح نقداً، وأحياناً  يحولها على حساب الشركة، ويقوم هو بدوره بتسليمها إلى المستثمرين عن طريق شيكات، أو تحول على حساباتهم لدى البنوك، ونادراً مايتم تسليمهم الارباح نقداً.

 

وأكد «س.ع» أن مدير الشركة «ع.ح» هو المسؤول عن كل المشروعات، لافتا إلى وجود كشف من موانئ دبي ببضائع مصدرة، مؤكدا أنه لم يكن يروج لنشاط الشركة، ولم يقبل أموال إلا من المقربين بعد إلحاح شديد، مشيرا الى إن بعض الأشخاص يساعدون «ع.ح» في أعماله، غير انه لايعرفهم لأنه مشغول في أمور أخرى، مشيرا إلى أن الاتفاق بين الشركة والمستثمرين يتم، وفقاً لعقد اتفاق يتم توقيعه من الطرفين، ويحدد نسبة الارباح وفترات تسلّمها ولايشترط مبلغاً محدداً للدخول في الاستثمار، ومن أهم شروطه انه في حال الخسارة صاحب المال يخسر ماله، ويخسر ممثل الشركة جهده، ولديه نسخة من العقود.

وأكد الهنائي أن شرطة ابوظبي حذرت من عدم تسليم الأموال لمثل هذه الشركات، إلا بعد التأكد من نشاطها وتصاريحها الرسمية. وبيّن التحقيق أن نشاط الشركة غير مرخص لتوظيف الاموال، ملمحا إلى تورط العديد من الضحايا البسطاء في مثل هذه الأنشطة الوهمية، لافتا الى أن إدارة التحريات والمباحث الجنائية تتابع وقائع القضية، وستنشر نتائج التحقيق للتعريف بمثل هذه التجاوزات وتحذير الجمهور من مخاطرها .

 

وجدد تأكيداته حول حرص وزارة الداخلية والجهات التابعة لها على توعية الجمهور بمخاطر مثل هذه التجاوزات القانونية والظواهر الأمنية التي تمس أمن واقتصاد الدولة وكل ما من شأنه ان يعيق حركة النمو الاقتصادي والمكانة الاقتصادية والاستثمارية المرموقة للدولة على الصعيدين الاقليمي والعالمي.

 

الى ذلك أنحى مدير التداول في شركة الامارات للأسهم، بسام الرمحي باللائمة على ضعف الرقابة المالية وغياب التوعية اللازمة عن الاستثمار الامن، محذرا من تفشي انتشار هذه الظاهرة التي تعدّ مقتلا اقتصادياً ومدعاة لزعزعة الثقة بواقع الاستثمار المحلي «حسب وصفه». وطالب الرمحي وزارة الاقتصاد ممثلة في هيئة الاوراق المالية والمصرف المركزي وغرف التجارة والصناعة، الى ممارسة دور رقابي صارم على ترخيص تلك الانشطة وتعاون البنوك لرصد حركة الاموال، عبر شفافية راسخة تمنع وجود أي تلاعب وضبطه في مهده.

 

ودعا إلى تفعيل دور النشرات الاقتصادية التوعوية وتوفيرها بين ايدي الجمهور، فضلا عن اعداد قائمة ارشادات استثمارية تسلم لكل شخص عند فتحه حسابا مصرفيا او استخراجه لرقم تداول، وإدراج تلك الارشادات على المواقع الإلكترونية للجهات الاقتصادية المعنية، مشيدا بدور قسم الاعلام الامني لشرطة ابوظبي ومبادراته التوعوية لرصد تلك الجرائم، وكشف الاساليب الاحتيالية لأصحابها عبر شفافية واضحة تصلح ان تكون منهجية لباقي المؤسسات.

تويتر