عذب الكلام
ودّعْ هريرة إنْ الركبَ مرتحلُ، -- وهلْ تطيقُ وداعاً أيها الرّجلُ؟ غَرّاءُ فَرْعَاءُ مَصْقُولٌ عَوَارِضُها، -- تَمشِي الهُوَينا كما يَمشِي الوَجي الوَحِلُ كَأنّ مِشْيَتَهَا مِنْ بَيْتِ جارَتِهَا -- مرّ السّحابة، لا ريثٌ ولا عجلُ ليستْ كمنْ يكره الجيرانُ طلعتها، -- ولا تراها لسرّ الجارِ تختتلُ ما رَوْضَة مِنْ رِياضِ الحَزْنِ مُعشبة -- خَضرَاءُ جادَ عَلَيها مُسْبِلٌ هَطِل يَوْماً بِأطْيَبَ مِنْهَا نَشْرَ رَائِحَة، -- ولا بأحسنَ منها إذْ دنا الأصلُ إذا تقومُ يضوعُ المسك أصورةً -- أو الزنبقُ الوَرْدُ مِن أَردانها شَمِلُ علّقتها عرضاً، وعلقتْ رجلا -- غَيرِي وَعُلّقَ أُخرَى غيرَها الرّجلُ فَكُلّنَا مُغْرَمٌ يَهْذِي بصَاحِبِهِ، -- نَاءٍ وَدَانٍ، وَمَحْبُولٌ وَمُحْتَبِلُ قالتْ هريرة لمّا جئتُ زائرها: -- و َيْلي عَلَيكَ، وَوَيلي منكَ يا رَجُلُ يا مَنْ يَرَى عارِضاً قَد بِت أرْقُبُهُ، -- كأنّمَا البَرْقُ في حَافَاتِهِ الشلاعَلُ لمْ يلهني اللّهوُ عنهُ حينَ أرقبهُ، -- وَلا اللّذاذَة مِنْ كأسٍ وَلا الكَسَلُ أعشى قيس
ميمون بن قيس بن جندل من بني قيس بن ثعلبة الوائلي، أبو بصير، المعروف بأعشى قيس، ويقال له أعشى بكر بن وائل والأعشى الكبير. من شعراء الطبقة الأولى في الجاهلية وأحد أصحاب المعلقات.
كان كثير الوفود على الملوك من العرب، والفرس، غزير الشعر، يسلك فيه كلَّ مسلك، وليس أحدٌ ممن عرف قبله أكثر شعراً منه. وكان يُغنّي بشعره فسمّي «صناجة العرب». قال البغدادي: كان يفد على الملوك ولاسيما ملوك فارس فكثرت الألفاظ الفارسية في شعره. عاش عمراً طويلاً وأدرك الإسلام ولم يسلم، ولقب بالأعشى لضعف بصره، وعمي في أواخر عمره. توفي في العام السابع من الهجرة. مولده ووفاته في قرية «منفوحة» باليمامة قرب مدينة الرياض وفيها داره وبها قبره. |