العباءات.. تقليد طالتـه خيوط الحـــــــــداثة
مصممو الأزياء وجدو في العباءة مادة ثرية لأفكارهم وابتكاراتهم. من المصدر
على مدى سنوات طويلة احتلت العباءة مكانة خاصة لدى المرأة العربية باعتبارها مفتاح الأناقة وسر الجاذبية والحشمة في الوقت نفسه، كما تمثل العباءة جزءاً مهماً من ثقافة المجتمعات العربية، ولذا اختلف شكل العباءة من حيث التصميم وأسلوب التطريز من بلد لآخر، بل ومن مكان لآخر داخل الدولة الواحدة، ولكنها تظل في النهاية سيدة الأمسيات والسهرات النسائية والعنوان الأبرز للأناقة العربية.
وفي السنوات الأخيرة قفزت العباءة من المنازل والحارات القديمة والأمسيات النسائية إلى خشبات عروض الأزياء، حيث وجد عدد كبير من مصممي الأزياء في العباءة مادة ثرية لأفكارهم وابتكاراتهم، وشعروا بأهمية العمل على تطويرها لتناسب العصر والموضة المتغيرة، وبالفعل نجح عدد كبير من مصممي الأزياء الخليجيين على وجه الخصوص في فرض العباءة على عالم الموضة والأزياء، ومن بينهم المصممة الكويتية آمال الفارسي التي تجد في العباءة -كما توضح- مجالاً واسعاً للابتكار والتجديد، فهي كالفضاء الفسيح الذي يحتمل كافة الألوان والأفكار برحابة، مشيرة إلى ان تصميماتها تستهدف إبراز العباءة باعتبارها من أزياء «الهوت كوتير»، وهو ما قدمته خلال عرضها «البداية» الذي قدمته ضمن عروض الليلة الخليجية التي اقيمت في بيروت. وتؤكد الفارسي أن التصميمات التي تقدمها تجعل من العباءة زياً مناسباً للمناسبات الاجتماعية كافة، وبالتالي يمكن للمرأة استخدامها في الاعياد والسهرات والاحتفالات وحتى حفلات الزفاف والأعراس بديلاً من فساتين السهرة التي قد يجدها بعض الناس غير مناسبة للعادات والتقاليد الشرقية.
عرش الأناقة تشهد العباءة الخليجية التقليدية في شهر رمضان رواجاً واضحاً نظراً لارتباطها بالعادات والتقاليد العربية الأصيلة، ما يجعلها الزي الأنسب للشهر الكريم، ولأن لونها الأسود يمثل رمزاً للحشمة والستر الذي اشتهرت به المرأة العربية والخليجية عبر سنوات طويلة. وعلى الرغم من ذلك لم تسلم العباءة التقليدية من لمسات الموضة، وبصمات التجديد والتحديث التي طالتها من مختلف التصميمات والأقمشة والخامات والإكسسوارات التي أضيفت عليها. كذلك نظر العديد من مصممي الأزياء في الخليج للعباءة التقليدية باعتبارها تحديا صعبا أمامهم، ومساحة واسعة للابتكار والتجديد فيها، واتخذوا منها موضوعا لتصميماتهم وعروضهم، لتتحول العباءة لنجمة في عروض الأزياء وعالم الموضة.
من البحرين برزت المصممة البحرينية مريم وديعي بين المصممين الذين اشتغلوا على العباءة التقليدية، حيث قدمت ثلاثة عروض للأزياء اتخذت من العباءة موضوعا لها، كان آخرها عرضا بعنوان «فينسيا»، الذي أقيم في العاصمة اللبنانية بيروت ضمن عروض «الليلة الخليجية» بإشراف من المخرج وفيق صليبيخ، وجمع مجموعة كبيرة من مصممي الأزياء في منطقة الخليج.
عالم فينيسيا ضم عرض «فينيسيا» مجموعة من التصميمات التي قدمت فيها مريم وديعي تنويعات على العباءة التقليدية، مؤكدة على تمسكها باللون الأسود، «فهو الذي يمنح العباءة خصوصيتها وتميزها، ويخلق للعباءة والمرأة الخليجية حضورها في معادلة فريدة تجمع بين الحشمة والأصالة من ناحية وبين الأناقة والجمال من ناحية أخرى»، وقالت وديعي «إن التطور والحداثة لا تعني بالضرورة التمرد على العادات والتقاليد أو تجاهلها، بل العمل على الحفاظ على الأصالة ومنحها القدرة على الاستمرار من خلال تطويرها» .
وعن ملامح مجموعتها الأخيرة أضافت وديعي «حافظت على الشكل التقليدي للعباءة، وفي الوقت نفسه أدخلت إضافات جديدة تمنحها لمسة عصرية أكثر حداثة وتجدد، من خلال تطعيم القماش الأسود بأشكال وخامات متنوعة مثل الجلد والتطريز وأقمشة من أنواع وألوان مختلفة، إلى جانب استخدام اللون الأسود أيضا بطريقة مغايرة على الأكمام والذيل لمنح العباءة شكلاً مبتكراً». مشيرة إلى ان اللون الأسود بطبعه يساعد على إبراز أدق التفاصيل التي يقوم المصمم بإدخالها على العباءة، لتبدو في كل مرة بصورة مختلفة ترضي هواة الموضة.
تواجد مستمر وتؤكد وديعي التي تعد أول مصـممة خليجية تحصل على جائزة الإبداع والانجاز في مجال تصـميم العباءة على مستوى الدول العربية، «أن العباءة التقليدية مازالت تحتل مكانة متميزة لدى المرأة العربية والخليجية بشكل خاص، لأنها جزء من تكوين المجتمع الخليجي وتراثه وتاريخه، وأن ما يقدمه مصممو الأزياء من تصميمات حديثة في هذا المجال هو دليل حرص هؤلاء المصممين على وجود واستمرار العباءة وتمسكهم بها». وقالت «يعد الإقبال الكبير من السيدات الخليجيات والعربيات على متابعة الجديد في عالم تصميم العباءات والعروض التي تجري في مختلف الدول العربية، دليلاً على أن المرأة مازالت تحافظ على ارتباطها بزيها التقليدي، ولكنها في الوقت نفسه تتطلع إلى دمجه بلمسات عصرية تمنحها الجمال، وترضي ما لديها من رغبة في الظهور بمظهر أنيق وعصري، ويتناسب مع طبيعة حياتها سواء في العمل كامرأة عاملة في حاجة لسهولة وحرية الحركة، او في المناسبات المختلفة التي أصبحت العباءة العصرية تلعب دور فستان السهرة في كثير من الأحيان»، مشددة على ضرورة الحفاظ على أهم ملامح العباءة وهي الحشمة وتماشيها مع العادات والتقاليد عند العمل على تطويرها فالموضة لا تتنافى دائماً مع الأصالة كما يعتقد بعض الناس. وترى المصممة أن تقديم تصميمات حديثة وأنيقة من العباءة ساعد على اجتذاب المزيد من السيدات لارتدائها، وشجع فتيات في سن المراهقة والشباب على التمسك بها في الجامعة أو المناسبات الاجتماعية المختلفة، ولذلك تمثل المناسبات المتعددة وفي مقدمتها شهر رمضان وعيدا الفطر والأضحى فترات رواج للعباءة، حيث تقبل الكثيرات على شراء الحديث من تصميماتها. مريم وديعي في أحد عروض الأزياء المختصة بالعباءات.
|
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news