«صــراع على الرمـــال» ينتصــــر لدرامــــا الأداء الجمــــاعي

«صراع على الرمال» تحدّى بأبطاله مشكلات التصوير في ظروف جوية غير مواتية. مؤسسة دبي للاعلام

لعل أكثر ما كان لافتا للانتباه في كواليس تصوير مسلسل «صراع على الرمال»، الذي تابعته «الإمارات اليوم» في أكثر من موقع من مواقع تصويره، هو الملاحظة التي تبدت لاحقاً، أيضاً، في عرضه على شاشة قناة دبي الفضائية، هي جماعية الأداء التي آلفت بين الأطراف المشاركة في العمل، من أجل تقديم منتج راهن مبدعوه على تميّزه، على الرغم من أن الخلفية الجماهيرية للأعمال البدوية التي اتسمت في مجملها بالضعف والاستسهال الفنيين، كانت كفيلة بأن تبعد أي جهة إنتاج عن مغبة المراهنة على تلك النوعية من الأعمال، لا سيّما في حالة عمل أنجز، ليعرض خلال أهم موسم درامي على مدار العام، وهو الموسم الرمضاني، وهي صعوبات لم تثن المكتب الإعلامي عن خوض مغامرة الإنتاج التلفزيوني الدرامي الأول له.

روح المغامرة والتحدي هذه مثلت في حد ذاتها واحدة من عوامل التحفيز المتعددة لفريق العمل، والتي تصدرها كون الملحمة التاريخية البدوية من وحي خيال وأشعار صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وهو ما أشار إليه كل المساهمين في إنجاز العمل الذين أنهوا ارتباطاتهم جميعها، من أجل تسجيل حضور تاريخي لهم في هذا المسلسل الذي توافرت له أكبر طاقة إنتاجية مادية في مسلسل عربي، عبر ميزانية بلغت ستة ملايين درهم .

هذه الحالة التي شكلت مقدمة نفسية لجوّ إنجاز صراع على الرمال، جعلت الجميع يتعامل بجسارة مع صعوبات كثيرة متعلقة بصعوبة التصوير في أماكن صحراوية مكشوفة بكثير من التحدي والجلد، فإتقان لهجة بدوية تعود إلى أواخر القرن الثامن عشر، في منطقة محددة في شبه الجزيرة العربية، كانت مهمة شاقة حتى على الذين عرفوا بالاشتراك في أعمال بدوية سابقة، بسبب الفوارق الكبيرة بين اللهجات البدوية المتعددة حسب موقع كل قبيلة الجغرافي، لا سيما أن تلك الأعمال في معظمها كانت تتناول تاريخ قبائل تنتمي مكانياً إلى بلاد الشام .

وأكد عدد كبير من أبطال لـ«الامارات اليوم» أن العمل يعد نقله نوعية في مشوارهم الفني صعوبة التصوير في منطقة تدمر السورية في فصل الشتاء، والاضطرار إلى العمل في ظل أحوال جوية صحراوية ممطرة، لم تدفع الجهة المنتجة إلى الحل السهل، وهو إرجاء التصوير كما يحدث في معظم الأحوال، بل تم إنجاز المواقع التصويرية الضرورية هناك، قبل الانتقال إلى مكان أكثر مناسبة لاحتياجات العمل، وهو مدينة مراكش المغربية، والتي ساعد موقعها الفريق التقني والفني كثيراً، من خلال الاستفادة من خبرات إسبانية متخصصة في خدمات الكومبارس المدرب على الاشتراك في أعمال درامية تاريخية تنتمي إلى العصور الوسطى، وهو ما أضفى الكثير من الواقعية على مشاهد التلاحم والقتال بالسيوف وامتطاء الخيول، فضلاً عن الاستعانة بأشهر الخيول العربية والعالمية التي سبق لها المشاركة في أفلام هوليوودية عديدة. وكانت جولة صاحب السموّ الشيخ محمد بن رشد آل مكتوم التفقدية لموقع التصوير في منطقة المرموم في دبي حاسمة أيضاً لجهة تحفيز أسرة «صراع على الرمال» من أجل بذل أقصى الطاقات لنجاحه، وأعطت رسالة واضحة للجميع بأن التميّز شرط مرتجى منهم، غير مقبول بما هو دونه.

البحث عن عنصر وحيد إذن لنجاح «صراع على الرمال» وفق هذه المعطيات، سوف يضحي نوعاً من العبث، فالعمل المستمد من خيال وأشعار صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، قد حظي بمتابعة حثيثة من المرافق الإعلامي لسموّه، العضو المنتدب لمؤسسة دبي للإعلام أحمد الشيخ الذي رافق تصوير العمل في أكثر من موقع، في الوقت الذي كان مدير العلاقات العامة للمكتب الإعلامي عادل عمر يسعى دائماً لتذليل أي عقبات تعترض إنجاز المسلسل في الوقت المحدد، وفي أفضل ظروف إنتاجية على اختلاف بلد التصوير، سواء كان سورية أو المغرب أو الإمارات، كما رصدت «الإمارات اليوم» أيضاً متابعة مدير إدارة الإنتاج بمؤسسة دبي للإعلام عبدالله العجلة لتفاصيل التصوير في أكثر من مناسبة.

أسماء كثيرة خلف تنفيذ العمل تلاحمت جهودها مع سيناريو أعده صاحب الـ1000 ساعة درامية السوري هاني السعدي،أجاد التعامل معها إخراجياً حاتم علي الذي خاض الأعمال البدوية لأول مرة، بعدما رشحته إنجازاته المتتالية ونجاحه في تقديم رؤى إخراجية مبتكرة، لقيادة الدفة الإخراجية لـ«صراع على الرمال»من دون أي قيود من جهة الإنتاج، وهي ميزة يفتقدها المخرج غالباً، حينما يتعلق الأمر بمسلسل درامي يعود إلى منتج يتخذ من معايير الربح والخسارة المادية مقياساً وحيداً لتقويم مشروعه الدرامي .

اختيارات الطاقم التمثيلي إذن لم تخضع لأي عوامل غير فنية تتعلق بأجور الممثلين، أو حتى وجود مجموعات منهم تتحرك بشكل ثابت في الأعمال الفنية، في منطق يقترب من مبدأ المنفعة المتبادلة، لذلك وجدنا اجتهاداً واضحاً في إسناد الأدوار لأقدر الممثلين على القيام بها، وهو ما ضاعف من فرص نجاح«صراع على الرمال»أيضاً، فشخصية فهد التي تجمع بين صفات الفارس الشجاع والمحب المخلص، أداها تيم الحسن بإقناع وتمكن شديدين، في إطار الصراع الدائر بين قبيلته «العجيل» وقبيلة محبوبته «الحنضل»، في الوقت الذي أدت فيه الفنانة صبا مبارك دور المحبة المشتتة بين إخلاصين أحدهما للحبيب والآخر للولاء القبلي، عبر شخصية الهنوف، وهو التمكن الدرامي نفسه الذي أجاده الفنان باسل خياط في دور عامر ابن شيخ «الحنضل» الذي يبقى على تماس ضدي مع فهد. الفنانة القدير منى واصف أيضاً قامت بدور أم فهد وزوجة شيخ «العجيل»، مازجة بين حس المرأة البدوية الحكيمة ومشاعر الأمومة التي تتحرق بداخلها من أجل قلقها من فقدان ابنها فهد، على نحو يشعر المشاهد بأن هناك توظيفا مثاليا لإمكانات المشاهدين قام به المخرج، وهو أمر يتجلى بوضوح أيضاً في شخصية «الرقيط» التي أداها عبدالمنعم عمايري .

عبدالمنعم عمايري: المسلسل حبسني

قال الفنان السوري عبدالمنعم عمايري إن «صراع على الرمال» قد حبسه عن المشاركة في أعمال رمضانية أخرى، بسبب هيئة دوره التي اضطر معها إلى نقش علامات قاسية على وجهه، يصعب إزالتها وإعادة نقشها بسهولة عبر دور «الرقيط» الذي مثل فتيل الصراع الدائم والمتجدد بين القبيلتين، بسبب حقده على مشاعر الحب التي جمعت بين فهد والهنوف. لكن عمايري يضيف : «هو حب محبب إلى قلبي تمكنت من خلاله من تسطير اسمي في سجل المشاركين في هذا العمل الدرامي الملحمي الذي أعتقد أنه سيغير مسار الدراما البدوية العربية».

نضال نجم: فروسيتي رشحتني للمشاركة

امتن الممثل السوري نضال نجم كثيراً لمهارته في ركوب الخيل، معتبراً أنها رشحته للاشتراك في هذا العمل، مضيفاً :«مرّ العمل في صراع على الرمال سريعاً على الرغم من صعوبته، لأننا كنا نتعامل بروح الأسرة الواحدة، واستفدنا فنياً جميعاً من الظروف الصعبة التي تعرضنا لها في ظروف غير مواتية للتصوير، تجعل كلا منا قادراً ومؤهلاً على خوض أي ظروف تصوير أخرى، لأنه محال أن تداني تلك التي عايشناها في «الصراع» .

وأضاف نجم : «الماكياج شكل مشكلة حقيقية لكل منا في تلك البيئة المملوءة بالرياح المحمّلة بالرمال، الأمر الذي كان يجد معه الفنان صعوبة كبيرة في الاحتفاظ بكم الاكسسوارات الذي يحمله من شعر ولحية مستعارين، وملابس خشنة ثقيلة الوزن، فضلاً عن العمامة التراثية وغيرها من الأمور التي كان يحرص على وجودها الطاقم الفني الإيراني الخاص بالماكياج والاكسسوارات .

باسل خياط: الثلوج محفزة

قال الفنان باسل خياط إن أسرة «صراع على الرمال» تغلبت على الطقس السيئ الذي انخفض بالحرارة إلى ست درجات تحت الصفر في تدمر السورية، وشكل تساقط الثلوج وبرودة الطقس إصرارا وعامل تحفيز إضافياً لفريق العمل، من أجل بذل أقصى الطاقات لنجاح «الصراع». وأضاف : «الامر في مراكش لم يكن على الرغم من ذلك مثالياً، حيث واجهنا الجانب الآخر من البيئة الصحراوية، وهو ارتفاع درجة الحرارة وشدة الرياح المحملة بالأتربة التي شكلت صعوبة إضافية مع الاكسسوارات والماكياج الثقيل الذي قُيدنا به، للاقتراب من واقع بيئة المسلسل الدرامية. وأكد خياط أن العمل بالنسبة إليه يعد فتحاً جديداً في مساره الفني ضاعف من خبرته في مجال الدراما البدوية ، متوقعاً أن يستفيد منه في المرحلة المقبلة .

تويتر