بول نيومان.. زُرقة مغمضة العينين
نيومان كان على أرق دائم من مظهره الخارجي.أ.ف.ب الأول مات سريعاً، لم يكمل الرابعة والعشرين، فإذا به يستسلم تماماً للسرعة، سرعة الحياة وسيارته البورش، بينما الثاني كان يمضي في «عربة اسمها الرغبة» ضارباً بعرض الحائط كل ما يقف في وجه مزاجه الحاد المتحفز للانقضاض على كل شيء وخارج الشاشة اللعينة، والثالث مات منذ 10 أيام، عاش طويلاً بعد أن ماتوا جميعاً.
الأول اسمه جيمس دين، الثاني مارلون براندو، والثالث بول نيومان، وأقربهم ثالثهم وهو يستعيد جيله، ويودع عذاب السرطان الذي دفع به إلى التراب، وليكتب لعينيه الانطفاء. فبينما كان دين يمثل في «شرق عدن»، وبراندو في «عربة اسمها الرغبة»رائعة ايليا كازان عن مسرحية تينسي ويليامز الشهيرة، كان نيومان يجسد شخصية العبد باسيل في فيلم إنجيلي بعنوان «القربان الفضي» عام .1956
مع وفاة دين في حادث سيارة كان كل ما فيه يقوده إلى تلك النهاية المأساوية، جاء نيومان ليأخذ دوراً كان سيجسده دين في فيلم «أحدهم هناك يشبهني» إخراج روبرت وايز، وليكون نيومان الملاكم روكي، أو ذلك الذي يخرج من السجن ويقرر أن يبدأ حياة جديدة، يجد في الملاكمة أفضل ما يفعله في كسب المال السريع.
أفلام كثيرة ستخرج من الذاكرة لدى استحضار نيومان، فهو أيضاً سيلعب شخصية بريك مع اليزابيت تايلر في مسرحية لتينسي ويليامز «قطة على صفيح ساخن» التي نقلها إلى الشاشة الكبيرة ريتشارد بروكس، وستكون أفلام مثل «هاستلر» 1961 و«راشيل راشيل» 1968 و«ذا فيرديكت» (الحكم) 1982، وهي التي جعلته حاضراً دائماً على قائمة ترشيحات الأوسكار، ليحصل على أوسكار أفضل ممثل في دور رئيس عام 1986 عن دوره في فيلم مارتن سكورسيزي «لون المال».
بعيداً عن حياته السينمائية الحافلة، فإن نيومان كان على أرق دائم من مظهره الخارجي الذي كان مصدر احتفاء لدى ملايين المعجبين.
ولعل كثيرين حول العالم يرتبط لديهم بعينيه الزرقاوين ووسامته الطاغية، الأمر الذي كان يتندر عليه قائلاً إنه عندما يصادف محبيه فإنه لن ينزع عن عينيه نظارته السوداء، التي كثيراً ما كانوا يسألونه أن يفعل، قائلاً ما الذي سيكتب على شاهد قبري «هنا يرقد الممثل الذي لاحقه الفشل كونه لم يحافظ على لون عينيه وقد تحولتا إلى اللون البني».
نيومان احزنه كثيراً موت والده المبكر الذي لم يكن شاهداً على نجاحاته، كما أن علاقته مع زوجته جون وودورد كانت إلى آخر لحظة تحتكم على قدر هائل من الإخلاص، ولعله يعتمد عليها في كل شيء، ولها أن تقرر كل الأمور، عدا المصيرية منها مثل «علاقة أميركا بالصين» حسب تعبيره، فهو يقبل أن يكون ديمقراطياً وليس جمهورياً إن أرادت زوجته ذلك، ولا يقبل أن «يأكل الهمبورغر إن كان لديه ستيك في البيت».
نيومان مات أخيراً عن 83 سنة، إنها نهاية مرحلة كما اعتبرها كيفين سبايسي، وموت واحد من أهم مواهب القرن العشرين كما عبّر سام منديس، ولعله كان واحداً من أعظم الممثلين وكان رجلاً جميلاً كما وصفه دانيال كريدج. |
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news