أقول لكم
|
|
أي اقتصاد حرّ الذي يتحكم فيه مجموعة من المغامرين والمرتشين؟ شركة تعمل بمليارات الدولارات، يتلاعب بها سماسرة البورصة ويهوي سهمها من عشرة دولارات إلى دولار، بينما رئيسها التنفيذي يتسلّم راتباً شهرياً يقارب الخمسة ملايين دولار، وتحقق أرباحاً لا توزع على المساهمين، وفجأة يقال إنها تعثرت، فيشتريها مغامر جديد بأصولها وديونها، وتستمر مشاريعها، ويخرج المساهم بالفتات من عملية الاستحواذ.
حرية الاقتصاد تعني العمل من دون معوقات، و لابيروقراطية حكومية، ولا قرارات متسرعة وضارة، وتسهيل الإجراءات، وإقامة بني تحتية متكاملة، وإيجاد مرونة في التعامل، وتطبيق آلية إفصاح عن المعلومات لا يشوبها الغموض، ولا تخضع للألاعيب القائمة على التسريبات، واعتماد مبدأ الشفافية والوضوح والصدقية، ومحاسبة المقصرين، فهذا ما تعلمناه منهم (من الغرب) عن الحرية، وهم الذين قالوا لنا إن حريتك تتوقف عند حرية الآخرين، ولهذا نقف جميعاً مع الاقتصاد الحرّ إلى أن يتعدى على حرية الناس، ونقول أين الدولة؟ الدولة هي الحامية، هي التي تختار أفضل الوسائل لاقتصاد قائم على الصدق وليس على الخداع والغش والتدليس، فالشرائع السماوية حذرت قبل مئات السنين من ذلك، والقوانين الوضعية أكدت معاقبة الغشاشين والمدلسين، لأن الأمانة وأداء الحقوق ركيزة من ركائز المجتمع الآمن والمستقر، وعندما يستقر المجتمع يسود الاطمئنان، وتدور عجلة الحياة، ويأخذ كل صاحب حق حقه، ولا يتضرر الآلاف في لحظة غفلة من سرقة أو تلاعب أو تقصير في شركة تربح فتذهب أرباحها إلى بضعة أشخاص، وتهبط الأسهم حتى تصل إلى ما يقل عن عشرة في المئة من قيمتها، ثم تخفي الحقائق بحجة حماية السوق، وتطمس الأرقام حتى لا يفاجأ بها أحد، ويخرج السارق بمكافأة نهاية العقد، وبعدها تنهار القطع المرصوص بعضها ببعض، وتنهار شركات مثل التي سمعنا بأسمائها في أميركا وأوروبا أخيراً.
|