الكساد الجديد

حمدان الشاعر

 

تتفاقم الأزمة المالية العالمية يوماً بعد آخر، منذرة بعواقب قد تؤدي إلى انهيار النظام الاقتصادي العالمي بأسره، فرغم أن المشكلة برزت مع هبوط السوق العقارية الأميركية، وتعرض النظام المصرفي لمخاطر القروض العقارية الممنوحة من دون ضمانات كافية، ولمقترضين سيئي السجل الائتماني، فإنه لا يمكن اغفال الفساد الإداري الذي قامت به «القطط السمان» وهم رؤوساء الشركات والمصارف المتضررة، نتيجة الجشع وطغيان الصداقات والمحسوبيات.

 

خطة الانقاذ المقترحة والتي تقدر كلفتها بـ 700 مليار دولار، تتضمن شراء ديون فاسدة تهدد المؤسسات المالية بالانهيار، إلا أنها تبدو للكثيرين محاولة  بشعة ومتناقضة لما يتحتم فعله ، وقد قال عنها  أرون غوبتا في افتتاحية صحفية «الاندبندنت» متهكماً «إن الحكومة تقول إن توفير تغطية صحية لستة ملايين طفل تكلف ستة مليارات دولار سنوياً، وفي المقابل فإنها مستعدة لدفع كل شي لإنقاذ هؤلاء المتضررين في وول ستريت». كما يقول كذلك انها «الاشتراكيه للأغنياء والرأسمالية المتوحشة للبقية»، ولعل هذا ما يؤكد النفاق الرأسمالي الموغل في تضخيم مزايا ومنافع الاثرياء دون النظر إلى الأزمات الاجتماعية التي يعانيها الفقراء والطبقة المتوسطة نتيجة لما حدث ، خصوصا أن الآلاف قد فقدوا وظائفهم وانتزعت منهم مساكنهم، علاوة على أن ازدياد حالات الطلاق والتفكك الأسري جزء من ذلك.

 

يقول داريو سومر في كتابه «أخلاق للقرن الحادي والعشرين» إن التقلبات الاقتصاديه مصطنعه، وإن الأزمات الاقتصاديه ليست إلا أزمات مالية ناتجة عن النظام المالي نفسه الذي يستعمل آلياته للهدف الوحيد المتمثل في الربح من دون ضمير .

 

والخلاصه النهائيه لكل هذه  الانهيارات الحالية هي أنها عبارة عن مثلث اضلاعه ربا فاحش ينهب تعب الفقراء ، ومقامرة مهووسة بتعظيم الأرباح ، وفساد اداري أخطبوطي الأذرع. إنها أزمة مالية أخلاقية باختصار بدأت منذ زمن بعيد، ولكن نهايتها لتداعيات بدأت تنخر في ركائز اقتصادية قديمة ولن يدفع ثمن هذا التهاوي والكساد الجديد سوى أولئك البسطاء من الذين لاحول لهم ولا قوة.

 

 

hkshaer@dm.gov.ae
تويتر